الحج عند أهالي الحجاز، وبالأخص لدى أهل مكة، يعتبر مصدر دخل وفرصة يقتنصونها بمهارة وفعالية للكسب والادخار، منذ أن بنى سيدنا إبراهيم الخليل (عليه السلام) البيت العتيق؛ لأن الناس تأوي للبيت العتيق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا الله كثيرا في أيام معلومات؛ لذلك لا غرابة إذا قيل إن معظم أهالي مكة يعتمدون في دخولهم على ما يحصلون عليه من كسب خلال موسمي الحج والعمرة.
وقد قابلت أحد المصطافين في الخارج من أهالي مكة، وسألته عن وظيفته، فقال إنه، كغيره من أهالي مكة، رجل أعمال موسمي، يعمل بكدح لمدة تقارب أربعة أشهر، التي هي موسما الحج والعمرة. ولا شك أن أهالي مكة لديهم مهارات وثقافات متوارثة للتعامل مع موسم الحج والحجاج بمختلف جنسياتهم. إلى درجة أن الحاج من أهالي مكة يوصي أحد أبنائه أو أقاربه بالمشاركة في الموسم بشيء من التجارة؛ لذلك يقول البعض في الأمثال: «حج وبيع سبح».
الشاهد أن الحكومة السعودية تنفق «مشكورة» أموالا طائلة على رسالة ضيوف الحرمين الشريفين من الحجاج والمعتمرين، وأن الثقافة السائدة اليوم أن هذه النفقات من باب البذل والعطاء خدمة لضيوف الحرمين الشريفين، ابتغاء مرضات الله، لكنني أرى أن نفكر في هذه المناسبة من منظور (آخر) اقتصادي وأن يتم ذلك من مدخلين.
المدخل الأول: حصر التكاليف بشكل دقيق؛ إذ لا بد من حصر تكاليف المنشآت والأجهزة والمعدات والمواصلات والاتصالات وتكاليف رجال الأمن وجميع المشاركين في مهمات مواسم الحج والعمرة، بل وكل ما تتكلفه الموازنة العامة للدولة السعودية في مناسبات الحج والعمرة. فهذه التكاليف يجب أن تحصر بشكل دقيق (قدر الإمكان) وبتفصيل تراكمي خلال السنوات والعقود الماضية؛ لأنها إحصاءات شاهدة على أمور كثيرة تجاه العالم، وهي اليوم متوافرة.. وقد يأتي يوم لا نستطيع حصرها.
المدخل الثاني: أن تفكر الجهات الحكومية في الدولة بنفس التفكير التقليدي لأهالي مكة (حج وبيع سبح)؛ بحيث ننظر لهذا الموسم من منظار اقتصادي، ونركز بشكل موضوعي على الجوانب التي يمكن استثمارها في هذه المناسبة، بالقدر الذي يمكن من خلاله تقديم خدمات أفضل وتحقيق عوائد أكبر.
فعلى سبيل المثال: نحن نصدر عددا كبيرا من جلود الأضاحي التي تتوافر من أداء نسك الهدي خلال هذه المناسبة، ويمكن التفكير بأسلوب آخر لبناء مصنع لاستغلال هذه الجلود بفعالية أكبر. ولدينا السكن الذي يحتاجه الحجاج في هذه المواسم، وهذه يمكن التفكير فيها اقتصاديا؛ بحيث يمكن زيادة المساكن وابتكار تصنيفات جديدة للوحدات السكنية المتاحة. وعن وسائل التنقلات، يمكن التفكير في معدات أصغر من السيارات وأكبر من الموتروبايك (الدباب) للتنقل داخل المشاعر. بل ويمكن التفكير في الطائرات الصغيرة (الهليكوبتر) للتنقل الخاص السريع بين المشاعر. والمجال رحب للأفكار الجديدة. والطلب لا شك سيكون عاليا والجدوى الاقتصادية ستكون كبيرة جدا.
والخلاصة: إنني أرى أنه مع الإبقاء على ثقافة روحانيات الحج والعمرة ومشاعر الاحتساب للأجر ابتغاء مرضات الله، أن نفكر في إيجاد عائد مقابل هذه النفقات وليكون مصدر دخل، ليكون رافدا اقتصاديا للوطن والمواطن في المستقبل. وعلى أن نتخلص من فكرة البذل والإنفاق على موسم الحج دون مقابل، ونتحرر من هذا الفكر.. فما أجمل أن تفكر في الاستفادة من أمر قبل أن تحتاج إليها.
((( وعلى أن نتخلص من فكرة البذل والإنفاق على موسم الحج دون مقابل ، ونتحرر من هذا الفكر ))) ... سبحانك ربي آمنت بك ... ومن قال أن الذي يبذل وينفق في الحج لا يحصل على مقابل .
قال تعالى: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) يعني التجارة وقال تعالى: ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معدودات) المنافع: منافع الدنيا والاخرة من المغفرة والتجارة. مقال الكاتب تعقيب على تصريح ولي العهد المتضمن أن خزانة الدولة لا يدخلها ريال واحد من أي حاج نافيا أن يكون قطار المشاعر من أجل جباية الأموال من الحجاج. وجهة نظر الكاتب معقولة ومقبولة وهي أن يكون الحج مصدر دخل للدولة. الدول الأخرى تستفيد من كأس العالم وفورمولا ون والسياحة...
وليه تصرف الدولة من المال العام ليستفيد فئه محدودة هم سكان مكة المفروض تفرض ضرائب على الارباح المهولة يسدد بها ولو جزء يسير مما ينفق على المشاعر.