أعلنت الهيئة العامة للتعليم التطبيقي قبول أكثر من 10500 طالب وطالبة للعام الدراسي الجديد 2012/2011 في مختلف كلياتها ومعاهدها، وتشكل هذه الأعداد مع من تم قبولهم، وسيقبلون في الفصل الثاني القادم، في جامعة الكويت أكثر من عشرين ألف طالب وطالبة في عام دراسي واحد. وبطبيعة الحال ان هؤلاء اذا كتب لهم النجاح في الدراسة خلال السنوات الأربع القادمة فإنهم سيدخلون سوق العمل في عام 2015، لكن يجب أن نبين أن الأعداد في ذلك العام لن تقتصر على خريجي جامعة الكويت ومعاهد وكليات الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، بل قد تشمل أولئك الخريجين من الجامعات الخاصة والجامعات العربية والأجنبية وكليات الشرطة والعلوم العسكرية، ناهيك عن ان منهم اقل مستوى تعليمياً، كل ذلك سيعني من دون جدال دخول أكثر من عشرين ألف مواطن كويتي في مقتبل العمر الى سوق العمل، وغني عن البيان أن هؤلاء سيمثلون ما لا يقل عن 5 في المائة من قوة العمل الوطنية. ان دخول هذا العدد الى سوق العمل في عام واحد لا بد أن يثير تساؤلات مهمة، منها: هل سوق العمل يستطيع أن يخلق فرص عمل حقيقية بهذا العدد سنوياً؟ السؤال الآخر في ضوء الاعتماد الكبير للقطاع الخاص على العمالة الوافدة، هل هناك استراتيجية لاحلال هذه العمالة الوطنية الجديدة في مواقع يشغلها الوافدون العاملون في وظائف ومهن وحرف في الوقت الراهن؟ ثم ما هي التكاليف المتوقعة من التوظيف المحتمل لهذه الأعداد في السنوات القادمة في اطار الجهاز الحكومي والمؤسسات العامة في حال عجز القطاع الخاص عن استيعابهم؟
بتقديري المتواضع لا توجد هناك خطط أو برامج استراتيجية للتعامل مع هذا التدفق البشري الى سوق العمل، وقبل ذلك يبدو أنه لا توجد استراتيجيات لتأهيل المواطنين، خريجي الثانوية العامة، بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل، كذلك لا يمكن للمرء أن يلمح امكانات لاصلاح سوق العمل، بما يعزز القدرات على خلق فرص العمل الفعلية في مؤسسات القطاع الخاص للمواطنين، بما يؤدي الى الاستفادة الحقيقية من جهود قوة العمل الوطنية، يضاف الى ذلك أن تحسين الرواتب والأجور وزيادة مخصصات العاملين في الحكومة واعتماد الكوادر المجزية، لن تمكن من تطوير قدرة القطاع الخاص على جذب المتدفقين الى سوق العمل، الى مؤسساته. هذا ناهيك عن أن القطاع الخاص ما زال بعيداً عن لعب دور مهم في النشاط الاقتصادي الأساسي في بلد تهيمن الدولة على أنشطته الأساسية، هذه العوامل والمحددات يجب أن تقرع الأجراس في البلاد بشأن مسألة التنمية البشرية وكيفية التعامل مع الشباب وتوفير فرص العمل المفيدة لهم، وكذلك تحديد الأسس الموضوعية للاستفادة من هذا المخزون البشري المتزايد على مدى السنوات المقبلة، بيد أن الأمور لا تبدو مطمئنة، حيث يتم التعامل مع الأمور على اسس مؤقتة، وتظهر السلطات المختصة بشكل مرتبك، كما حدث بشأن مسألة القبول الجامعي، أي أن النظام الاداري والسياسي في البلاد لا يملك الرؤية، ومن ثم البرامج التي تمكن من التعامل مع التنمية البشرية على اسس واقعية ومنهجية تهدف الى استثمار قوة العمل الوطنية ايجاباً.