لم لا تكون السياحة الوطنية الركيزة الرابعة؟

28/09/2011 3
محمد العنقري

أظهر تقرير منظمة السياحة العربية أن السعودية حققت المركز الثالث من حيث مساهمة القطاع السياحي بالناتج الوطني عربيًا وبحسب الارقام المعلنة فإن إيرادات قطاع السياحة السعودي بلغت 27.7 مليار دولار أي ما يفوق مائة مليار ريال سعودي وأن حجم الاستثمارات التي جذبها القطاع قاربت 4 مليارات دولار أي ما يعادل حوالي 15 مليار ريال. ويرصد هذا التقرير الأرقام المحققة في العام 2010 م ولكن تحليلاً أكثر لهذه الأرقام فإن حصة القطاع السياحي من الناتج الوطني وصلت إلى ما يقارب 7 بالمائة ويُعدُّ هذا الرقم كبيرًا جدًا.

ويظهر بشكل واضح أهمية القطاع ودوره في رفع معدلات الناتج الوطني وحجم العمالة التي من الممكن أن يحتضنها فالقطاع يعمل به بالوقت الحالي 562 ألف عامل وبالرغم من أن هذه الأرقام تحتاج إلى تفصيل أكبر عن نوعية الأنشطة التي أسهمت برفع معدلات إنتاجية القطاع كالنقل والمطاعم والايواء والكثير من الاستثمارات التي تدخل في نطاق السياحة ودعمها إلا أن الحجم الكبير لهذه الأرقام يعزز من أهمية دعم القطاع السياحي وأنه قطاع أساسي في الاقتصاد الوطني يستحق الدعم كما هو الحال بالنسبة للقطاعات الصناعية والتجارية الأخرى.

وإذا كان للاقتصاد السعودي ثلاث ركائز معروفة إلى الآن وهي النفط والصناعات البتروكيماوية وصناعة التعدين فمن المفترض أن تكون السياحة هي الركيزة الرابعة، فحجم الانفاق للسياح السعوديين بالخارج فاق 120 مليار ريال بحسب تقارير عديدة وبلغ حجم السياح السعوديين بالخارج 4.5 مليون سائح أي حوالي 25 بالمائة من عدد سكان المملكة من السعوديين وعدّ متوسط إنفاقهم بالخارج من أعلى المعدلات عالميًا فالقطاع السياحي يمكن وصفه بالعصامي، حيث لم يكن هناك جهة واحدة تنظم عمله وتؤطر نشاطه إلا أنه وبعد إنشاء هيئة العليا للسياحة أخذ القطاع مسارًا مختلفًا وبدأت ملامح تنظيمه واضحة وتطورت آليات العمل القانوني والإشرافي له بما أسهم بدفع النشاط السياحي إلى تسارع بالنمو. لكن وبرغم من كل الدعم الذي تقدمه الهيئة للنشاط السياحي وما تحظى به الهيئة نفسها من دعم رسمي أيضًا، إلا أن الانتقال إلى تحقيق واقع سياحي وطني له دور كبير بالاقتصاد يتطلب جهودًا أكبر من القطاعات الحكومية التي تدعم بخططها النشاط السياحي الوطني فلا بد أن يكون للهيئة ذراع استثماري يساعدها على تنفيذ رؤيتها وتطلعاتها لتطوير السياحة الوطنية كإنشاء شركة ترتبط بالهيئة مختصة بالتنمية السياحية تستطيع أن توفر الإمكانات لأي شركاء محتملين من المستثمرين. وترتبط معهم بعلاقة تجارية كتوفير الأراضي المناسبة للنشاط السياحي والدخول كشركاء أو بأي صيغة أنسب معهم مما يقلل تكلفة المشاريع السياحية ويدر دخلاً على الهيئة يساعدها على توسيع دورها الترويجي والتدريبي للسياحة الوطنية. وتطوير المواقع السياحية التاريخية، ومن الممكن أن تنتقل لهذه الشركة ملكية بعض المنشآت السياحية التي تمتلكها جهات حكومية الذي من شأنه أن يرتقي باداء هذه المنشآت ويرفع من ربحيتها. كما أن وجود الشركة كلاعب رئيس في المشاريع السياحية المشتركة مع القطاع الخاص سيحفز البنوك التجارية على تمويل هذه المشاريع كونها تبنى على شراكة حكومية مما يعطيها ضمانات تدعم نجاحها خصوصًا بانخفاض التكلفة، حيث تمثل الأراضي نسبة كبيرة من تكلفة المشاريع حاليًا فمن شأن تخفيض تكلفة المشاريع أن يرفع من نسبة نمو الاستثمارات السياحية بوتيرة أعلى. فمن أهم العوامل التي تعزز الدور التنافسي للسياحة السعودية هو خفض التكلفة على السائح بزيادة عدد الخيارات أمامه بمراكز الإيواء والمرافق السياحية.

كما أن تنويع نشاط النقل بين المناطق السعودية وسهولة الوصول لها والتركيز بشكل أساسي على شبكة القطارات التي يفترض أن تتسارع وتيرة عملها لتحقيق الربط بين مختلف المناطق بوقت أقصر مما هو عليه. الآن لأن هذا النوع من النقل أقل تكلفة وأكثر استيعابًا من غيره من وسائل النقل المختلفة على الأسر، كما أن تحفيز طرح الشركات السياحية بالسوق المالي من شأنه أن ينوع في مصادر تمويلها ويسهم بانعكاس أكبر للنشاط السياحي في أروقة الاقتصاد ومردوده على الفرد أو المستثمر بالسوق المالي فلا يمكن أن يكون للسياحة هذا الدور الكبير بالاقتصاد الوطني وأن يبقى حجم تمثيها بالسوق المالي بهذ الضعف.

كما يتطلب الأمر إعادة النظر بنشاط بعض الشركات المدرجة بالسوق المالي، حيث يمثل الايراد السياحي لبعضها النسبة العظمى وهذه الشركات تندرج تحت قطاع التطوير العقاري بينما تقوم بعمليات تأجير لمنشآتها بشكل أساسي وهي بذلك تعد شركات سياحية بامتياز أن السياحة صناعة متكاملة وان كانت تصنف كقطاع خدمات وحتى يتحقق الدعم الكامل لها فإن وضعها بمصاف القطاعات التي تعمل جميع الجهات الحكومية المعنية لخدمتها كأحد الأولويات حال القطاعات الرئيسية بالاقتصاد من شانه أن يساعد بتسريع تطورها ووصولها للأهداف التي تعمل الهيئة على تحقيقها خلال العشر سنوات القادمة، حيث يتوقع أن يصل عدد العاملين بالسياحة الوطنية إلى 1.5مليون عامل وموظف وهذا الرقم سيمثل على الأقل 10بالمائة من حجم القوى العاملة بالمملكة مما يعني أنه من أكبر القطاعات قدرة على استيعاب الكوادر البشرية الوطنية ورفع نمو الناتج الوطني غير النفطي فالسياحة عنصر أساسي بدعم القطاعات الاقتصادية الأخرى الصناعية والخدمية وأثرها الإيجابي لا ينحصر في نشاطها فقط بل يتخطاه إلى كافة الأنشطة الاقتصادية.