البتروكيماويات: المشهد يتغير!

11/09/2011 21
سليمان المنديل

بسبب اعتمادنا الكبير على البترول، فكل المجتمع السعودي من مسؤولين، وباحثين، وذوي علاقة بصناعة البترول، مطالبون بأن يرصدوا أخبار هذه الصناعة، على أن تشمل عملية الرصد ما يستجد من اكتشافات بترولية، وما يحدث من اختراقات علمية، تقلل من كلفة استخراج البترول، وما يتم من أبحاث لإيجاد بدائل للوقود العضوي (البترول والغاز).

هذا هو قدرنا، ويجب ألا نؤخذ على حين غرّة، وحينها سيتبنى الفاشلون منا نظريات المؤامرة، لتبرير تقاعسهم عن متابعة ما يجري.

تلك المقدمة كانت ضرورية للحديث عن الصناعة التالية المهمة لنا، وهي صناعة البتروكيماويات، والتي تتكرر الحاجة لمراقبة مستجداتها عن كثب، ولأن هناك مستجداً هاماً فيها، فدعوني أسلط الضوء عليه:-

تاريخياً تميز إنتاج الغاز السعودي بأنه الأقل كلفة، لأن أغلبه غاز مصاحب يخرج مع إنتاج النفط. وقد استثمرت الحكومة السعودية الكثير، لتطوير تلك الصناعة، في حين أن صناعة البتروكيماويات حول العالم قامت بشكل أساسي على استخدام النفط الخام، وحتى في حالة الصناعات القائمة على الغاز، مثلما هو الحال في خليج المكسيك في الولايات المتحدة، فإن كميات الغاز كانت تتناقص بشكل كبير، بحيث إن كلفة الغاز قد ارتفعت من 4 دولارات، إلى 8 دولارات، ووصلت إلى 11 دولارا، واليوم عادت إلى 4 دولارات (للمليون سعرة حرارية).

لماذا انخفض سعر الغاز في أمريكا؟؟

السبب هو تطور تقني يسمح باستخراج الغاز من الرمل الصخري، وللتوضيح:-

تاريخياً كان يعرف أن كميات كبيرة من الغاز محتجزة، ومخزونة في طبقات من الرمل الصخري، ولكن التقنيات في حينها لم تكن تسمح باستخراجها، وتوجد تلك التكوينات في كل أنحاء العالم، بما فيه العالم الفقير بالهايدروكربونات، مثل الصين، وأوروبا، وهي أيضاً موجودة في الدول الغنية بالبترول، مثل المملكة، وأمريكا، وكندا.

مؤخراً نجحت تقنيات في فصل الغاز من تلك التكوينات الصخرية، ومن ثم رفعه، ونقله، بشكل اقتصادي. وهو ما يفسر انخفاض أسعار الغاز في أمريكا، لأن مستخدمي الغاز بدؤوا يرتاحون لوجود مصدر جديد يمكنهم الاعتماد عليه، وتقدر احتياطياته بأضعاف أضعاف احتياطيات الغاز التقليدي.

صحيح أنه مازالت هناك تساؤلات حول تأثير استخراجه على البيئة، حيث إن تلك المكامن تقع عادة تحت مستوى التكوينات المائية، ولكنه لم يثبت حتى الآن وجود أثر بيئي سلبي.

ماذا يعني ذلك لنا في المملكة؟!

1 – بالتأكيد أن الصناعة السعودية للبتروكيماويات لا تستطيع أن ترتكن للافتراضيات السابقة، بأن كلاً من أوروبا، وأمريكا، ستخرج من صناعة البتروكيماويات، بل وحتى الصين ستستطيع توفير جزء من احتياجاتها من مصادر الغاز الجديدة.

2 – إن تفكير بعض المسؤولين السعوديين برفع أسعار الغاز اللقيم، يجب أن يخضع إلى مراجعة جادة في ظل ذلك الوضع المستجد، وأن يكون الهدف الأول بقاء الصناعة السعودية منافسة، ومتقدمة على غيرها، لذلك يجب أن يعي أصحاب القرار حول أسعار الغاز كلقيم لصناعة البتروكيماويات، أن رفع سعره لتعزيز دخل الحكومة، سيكون على حساب تنافسية هذه الصناعة، وقدرتها على الصمود في ظل المتغيرات الحاصلة في هذه الأيام.