تحديد الأسعار بيد المستهلك

31/07/2011 5
محمد العنقري

موجة ارتفاع الأسعار ليست بالجديدة فقد طالت جل السلع الغذائية وغيرها وقد قامت الحكومة باتخاذ حزمة من القرارات لكبح جماح ارتفاع الأسعار وعودتها للمستوى الذي يتناسب مع دخل الأسر السعودية فمن دعم كبير للعديد من السلع الرئيسية إلى إلغاء الرسوم الجمركية أو تخفيضها على شريحة واسعة من السلع إلى اتخاذ إجراءات قانونية بحق المخالفين من التجار المحتكرين والتشهير بهم والتأكيد على متابعة حالة الأسواق بشكل مستمر وزيادة عدد الوظائف الرقابية على الأسواق، كل هذه الحزمة الواسعة من الإجراءات أصبحت فاعلة وقائمة بقوة القانون ومتابعة الجهاز الحكومي من خلال القوانين وتفعيلها وتطبيقها ونشر يومي للأسعار على موقع وزارة التجارة بهدف أساسي هو بقاء الأسعار في متناول الجميع وتخفيف تكاليف المعيشة على المواطن.

إلا أن الدور الحكومي هو جزء وإن كان رئيسي إلا أنه لا يمثل الحل السحري بنهاية المطاف، فهناك دور تكاملي يملأه المواطن نفسه والتاجر أيضاً ولكن إذا كان التجار تقع عليهم مسئولية تأمين متطلبات السوق ومده بالاحتياج المناسب له دائماً فإن البعض منهم يسيء للسوق بأساليبه الاحتكارية التي تهدف إلى رفع الأسعار إلا أن تطبيق الأنظمة الرادعة بحقه قد يكفل تقليص عدد المتحايلين بالسوق.

ولكن حتى تكتمل منظومة ضبط الأسعار لا بد أن يمارس المواطن دوره الفاعل والكبير بذلك، فأي مستهلك لو أمعن النظر وهو يسير بشوارع مدينته لوجد أن محلات التجزئة أعدادها كبيرة جداً ومليئة بالبضائع ومتوفرة بكل الأوقات وبمسافات قريبة منه سواء بسكنه أو بعمله وعدد ساعات عملها طويل أيضا أي لا يوجد مشكلة بقدرته على تأمين احتياجه بأي زمان أو مكان وبأي كمية يريدها كذلك.

وبالتالي فإن شراء كميات كبيرة لتخزينها ولفترات تمتد لأيام أو أسابيع قد لا يكون ضرورياً بأي حال هذا بخلاف الهدر الكبير نسبياً بالمواد الغذائية قياساً باحتياج كل فرد أو أسرة ومع توفر أنواع عديدة لكل صنف من السلع الغذائية فإن لدى المستهلك سلة كبيرة من الخيارات لكي يسهم بالتحكم بالأسعار من خلال تحكمه باستهلاكه وكذلك عدم شراء كميات كبيرة من المواد الغذائية بوقت واحد والتنويع باختيار أنواع أخرى من أي صنف يحتاجه بناء على السعر المناسب له وكذلك من خلال دوره الرقابي بإبلاغ الجهات المختصة بوزارة التجارة عن أي مبالغات بالأسعار من بعض التجار.

فالمستهلكون أمام اختبار حقيقي لأنهم قلب المعادلة في الأسواق لأن الأسواق ناس وبدونهم لا يوجد أي حراك وبمقدرتهم أن يكونوا الحلقة الأقوى وليس الأضعف ويساعدون الأجهزة الحكومية بمختلف مسئولياتها على تحقيق استقرار للأسعار بالأسواق وتخفيضها أيضاً خصوصا أن المؤثرات بالأسواق ليست فقط بعوامل محلية بل هناك متغيرات دولية تلعب دورها أيضا من انخفاض لسعر الدولار وكذلك المضاربات العنيفة بالأسواق الدولية على السلع وأحوال الاقتصاد العالمي المضطربة فلا يمكن أن تكون الأجهزة الحكومية هي المتحمل الوحيد لضبط الأسعار ولا يجب أن يهمش المستهلك دوره الكبير في السوق.

خصوصا أننا على أبواب شهر رمضان الكريم أعاده الله على المملكة والأمة الإسلامية بالخير والبركات ولابد من تطبيق قواعد السوق من طرف المستهلك بضبط استهلاكه وكذلك بتطبيق القاعدة الاقتصادية الذهبية التي أطلقها سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما اشتكى له الناس بارتفاع أسعار اللحوم فقال لهم: أرخصوها، قالوا: كيف؟ أجابهم بأن يمتنعوا عن شرائها ولذلك فإن ممارسة المستهلك لدوره الفاعل في التحكم بالأسعار سيسهم بالنسبة الكبرى لتحديد اتجاهها بالسوق وكل عام وأنتم بخير.