تلعب القوائم المالية دورا هاما وحيويا فى اسواق المال. فهى بمثابة القلب للانسان. فاذا صلح القلب صلح الجسد كله. واذا فسد القلب فسد الجسد كله ولعل الجسد هنا فى معرض حديثنا هوأسواق المال. من هنا اهتم الباحثون والمستثمرون والهيئات الرقابية بالاهتمام بالقوائم المالية للشركات بصفة عامة وبالشركات المساهمة بصفة خاصة نظرا لهذه الاهمية المتعاظمة ...!!!
وقد جاء الاهتمام المتزايد بالشركات المساهمة العامة وبقوائمها المالية لعدة اسباب، لعل اهمها وابرزها كون القوائم المالية تعبر بصدق وعدالة عن المركز المالى للشركة صاحبة تلك القوائم المالية ... ومن هنا تم وضع الضوابط الرقابية والمعايير المحاسبية الحاكمة من قبل هيئات سوق المال وجمعيات المحاسبة القانونية فضلا عن هيئات الرقابة المالية والاجهزة الرقابية المختلفة ...!! وهذا حتى يستطيع هؤلاء المستثمرون والمساهمون الاعتماد على تلك القوائم المالية السليمة فى تحديد اختياراتهم والاقتناع بالشركات التى يشترون اسهمها او يستثمرون فيها وكلهم ثقة فى تلك القوائم المالية التى تعبر عن المركز المالى الحقيقى لتلك الشركات ... اعتمادا على ما اسلفنا من الضوابط والرقابة المستمرة لتلك الشركات وقوائمها المالية التى تكون بصفة مستمرة تحت عين الرقيب ...!! ولعل السبب الرئيس لذلك هو حماية هؤلاء المستثمرون فى حماية مدخراتهم واستثماراتهم ويقع عليهم فقط – اى على مسئوليتهم فقط – عبء اتخاذ قرار الاستثمار او المساهمة فى هذه الشركة او تلك ...!!
اعتمادا على قوائم مالية حقيقية شفافة ملتزمة بالمعايير المحاسبية السليمة الملزمة فى البلد الموجودة بها الشركة ...!! ومن هنا درج الناس على اعتبار معايير المحاسبة الدولية او الامريكية من افضل معايير المحاسبة المستخدمة فى العالم دون ان ينتبهوا لامر هام على ان هذه الافضلية ترجع الى البنى التحتية التى تتوافر للسوق الامريكى مثلا من وجود قواعد صارمة للرقابة ومعايير حاكمة للشفافية وعقوبات رادعة للمخالفات ..!!
وكأنى بقائل يرد على ويقول واذا كانت السوق الامريكى كما تدعى ...!! فكيف ظهرت الاحتيالات المختلفة والشركات المفلسة والتجاوزات المعروفة ولشركات كبيرة جدا وعملاقة ..؟!! والجواب بسيط هو ان الوقائع المذكورة صحيحة ولكن لولا ماذكرناه آنفا من وجود القواعد والاجراءات والمعايير ما تم اكتشاف تلك الحالات المذكورة آنفا...!! وقد يكون هناك حالات لم تكتشف ولكنها من المؤكد انها قليلة مقارنة بحجم تلك الاسواق العملاقة والكم الهائل من الشركات ..!!
وارجع للمقارنة بين الاسواق العالمية مثل السوق الامريكى والقوائم المالية فيها وبين اسواقنا المالية فى دولنا النامية حيث ترى الفرق العجيب والبون الشاسع ...!!! ترى فى اسواقنا المالية وشركاتنا قوائم مالية حسب الطلب من قبل صاحب الشركة او مجلس الادارة وضرب بعرض الحائط بالمعايير المحاسبية المعتمدة فضلا عن الضحك على ذقون المستثمرين والمساهمين ... بل فى بعض الاحيان وعلى الجهات والهيئات الرقابية ...!!!
ولعلى اتذكر الشركات التى كانت فيما مضى ترد على المراجع القانونى لها وتعلن انها تختلف مع المراجع القانونى فى رأيه وتحفظاته وهو ما يدل على خلل فى فهم ثقافة القوائم المالية واهميتها بل والاهم من ذلك فى كونها احدى اهم وسائل معرفة المركز المالى للشركة والوسيلة الاولى والاهم لمعرفة التزامات واصول وموجودات ومطلوبات وقروض وحقوق الملكية للشركة المذكورة فضلا عن المؤشرات المالية للشركة والمعلومات الهامة التى تحيط بها بل لقد صدرت معايير محاسبية عن الاحداث التى حدثت بعد تاريخ القوائم المالية واذا كانت تؤثر على مركز الشركة المالى ...!!!
ولقد ذكرنى هذا الموضوع باحد اصحاب الشركات الذى كان يقوم باعداد 3 مراكز مالية لشركته ...!!! المركز المالى أو الميزانية الاولى وهى الحقيقية اى الواقعية وهى التى يحتفظ بها لنفسه ليعرف المركز الحقيقى لشركته ...!! والمركز المالى الثانى او الميزانية الثانية وهى التى يرفع فيها حجم المبيعات وصافى الربح وهى التى يعطيها للبنوك للحصول على تسهيلات بنكية او قروض مالية ..!!! والمركز المالى الثالث او الميزانية الثالثة وفيها يخفض من حجم المبيعات وقيمة الارباح الصافية وهى التى يقدمها للجهات الرقابية والزكوية او الضرببية ..!!
لقد كنت لا اصدق مايحدث ولكنها الحقيقة الغريبة ..!! ولعله الآن لايستطيع ان يفعل مثل تلك الافعال الصارخة ... ولكنه يستطيع ان يحتال او يتلاعب بقوائمه المالية بصورة أو اخرى ...!!! ان مجال الاحتيال والتلاعب فى القوائم المالية قائم ولن يمنع نهائيا ... ولكن طالما ان هناك ضوابط رقابية ومعايير محاسبية معتمدة ومحاسبين قانونيين جادين ثم بعد ذلك هيئات مهنية جادة وعقوبات رادعة تمنع – بقدر الامكان – فبذلك نستطيع ان نمنع بصورة كبيرة ولدرجة معقولة وجود قوائم مالية حسب الطلب ...!!!