نحو شفافية اكبر في الإفصاح عن المكافآت و الرواتب

26/05/2011 8
انور بانافع

تدفع الشركات المساهمة في العادة مكافآت و تعويضات كبيرة لمن يعتلون رأس الهرم الإداري من التنفيذيين الكبار، و ذلك بهدف الحفاظ على هذه الكوادر و تحفيزهم لتحقيق أفضل النتائج الممكنة، و تشتمل المكافآت و التعويضات بالإضافة إلى الرواتب على حوافز قد تكون نقدية دورية أو سنوية أو حوافز عينية مثل منح أسهم في الشركة نفسها.

و عادة ما تكون هذه المكافآت و الحوافز مرتبطة بالأداء فمثلا الرئيس التنفيذي يقيم بزيادة أرباح الشركة و نمو عائداتها، و قد تكون المكافآت كنسبة من الإيرادات آو الأرباح المحققة خلال الفترة.

و في السنوات الماضية وخصوصا بعد أزمة المال العالمية التي حلت بنهاية العام 2008، ظهر توجه عالمي للتركيز و توسيع نطاق الإفصاح و الكشف عن المكافآت و التعويضات التي تصرف لأعضاء مجالس الإدارة و كبار التنفيذيين في الشركات المساهمة العامة، و ذلك بعد تعثر بعض الشركات المساهمة في مقابل مبالغ و ميزات ضخمة كانت تدفع لمدراء تلك الشركات.

و تخضع الشركات المساهمة في بعض الدول المتقدمة لنظام صارم، يفرض عليها توضيح كافة المعلومات الخاصة بالمكافآت و التعويضات في جداول مفصلة تشمل اسم الإداري و منصبة الوظيفي و تفاصيل الرواتب و الأجور و المكافآت، بالإضافة إلى إلزام الشركات بالإفصاح بشكل واضح عن سياستها في المكافآت و الطريقة المتبعة في حسابها و أهدافها و أسبابها.

الإفصاح عن الرواتب و المكافآت و التعويضات بشكل تفصيلي يساعد في خلق مؤشر استرشادي لما يتقاضاه المدراء في القطاعات المختلفة، بالإضافة إلى انه يفعل نظام رقابي تلقائي من المساهمين تجاه شركاتهم و ذلك بمقارنة ما يدفع للتنفيذيين في الشركات المماثلة.

و في السعودية ألزمت هيئة السوق المالية السعودية في المادة التاسعة من لائحة حوكمة الشركات، الشركات المساهمة على الإفصاح في تقرير مجلس إدارتها السنوي عن تفاصيل المكافآت و التعويضات المدفوعة لكل من " أعضاء مجلس الإدارة " و " خمسة من كبار التنفيذيين ممن تلقوا أعلى المكافآت و التعويضات من الشركة، يضاف إليهم الرئيس التنفيذي و المدير المالي إن لم يكونا من ضمنهم.

و عرفت المادة نفسها مصطلح المكافآت و التعويضات بأنها الأجور و البدلات و الأرباح و ما في حكمها، و المكافآت الدورية أو السنوية المرتبطة بالأداء و الخطط التحفيزية قصيرة أو طويلة الأجل و أي مزايا عينية أخرى.

و لكن من الناحية التطبيقية، نجد انه و مع التزام الشركات السعودية بالمادة المذكورة منذ العام 2009، إلا أن حجم الإفصاح لا يرقى إلى المستوى المطلوب، كما أن الطريقة نفسها أو النموذج المتبع في الإفصاح عن المكافآت و الرواتب لا يعطي المعلومات بشكل واضح و يسمح بالتضليل خصوصا مع صعوبة المقارنة عندما تذكر المكافآت كمبالغ إجمالية، و هنا سنورد مثال على مصرفي " الراجحي " و " البلاد " كما توضح الجداول أدناه..

مصرف الراجحي

مصرف البلاد

نلاحظ أن كلا من المصرفين ذكر معلومات إجمالية عن المكافآت و الرواتب بلا تفصيل لهذه المكافآت و التعويضات على حسب الوظائف التي يشغلها هؤلاء التنفيذيين بالإضافة لعدم توفر صيغة موحدة للبنود التي على أساسها تذكر المبالغ، كما انه في مثالنا المذكور لم يذكر مصرف " الراجحي " عدد التنفيذيين الكبار التي ترجع لهم هذه المبالغ، بينما مصرف " البلاد " حدد بان المكافآت تعود لستة من كبار التنفيذيين، و هناك شركات تلتزم بالخمسة التي نصت عليها المادة و شركات أخرى تزيد إلى سبعة تنفيذيين.

هذا النموذج المتبع في الافصاح فقد جزء كبير من فائدته و هي عدم قابلية هذه المعلومات للمقارنة بالإضافة إلى عدم فائدة هذه المعلومات في استخراج مؤشر إرشادي لمتوسط المكافآت و الرواتب التي يتقاضاها التنفيذيين في المناصب المختلفة، عوضا عن أنها لم توصل معلومة واضحة للمساهمين.

هيئة السوق المالية السعودية بذلت جهود كبيرة كان لها الفضل بعد الله في نقل السوق المالية السعودية إلى مستويات عالية من الشفافية، و نطمح في أن تواصل طريقها و تولي هذا الجانب اهتمام اكبر، و هنا أورد شكل توضيحي لنموذج مقترح للإفصاح عن معلومات الرواتب و المكافآت لأعضاء مجالس الاداره و المدراء التنفيذيين في شركاتنا المساهمة.