مَن يضمن المستثمرين؟

25/05/2011 14
محمد العمران

لا شك أن السوق المالية السعودية تطورت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، ومن أبرز المجالات التي شهدت تطوراً لافتاً ما يتعلق بالشركات الاستثمارية المرخص لها سواء كان ذلك من حيث العدد أو من حيث النوعية، حيث بلغت السوق المالية السعودية حالياً مستويات متقدمة جداً مقارنة بالأسواق المالية في المنطقة أو حتى بالأسواق المالية العالمية، ولهذا أرى أنه آن الأوان أن نفكر في كل الاتجاهات، وأن نطرح التساؤلات التالية: مَن يضمن المستثمرين بالمملكة في حال إفلاس إحدى هذه الشركات الاستثمارية ــــ لا قدر الله ـــــ؟ وعلى مَن تقع مسؤولية ذلك؟

قد يرى البعض أنه لا داعي من طرح هذه التساؤلات التشاؤمية في هذا الوقت، وهذا الكلام قد يبدو صحيحاً، لكني أعتقد أن عملية التطوير التي تشهدها السوق حالياً يجب أن تكون منفتحة أمام جميع الاحتمالات (بما فيها الأسوأ منها) حتى نرتقي بعملية التطوير ونحقق الأهداف بعيداً عن المفاجآت غير المحسوبة. هنا يجب أن أشير إلى أن بعض الأسواق المالية العالمية توفر للمستثمرين ضماناً لأموالهم المودعة لدى الشركات الاستثمارية (من أرصدة نقدية وأوراق مالية) في حال تعرُّض هذه الشركات للإفلاس من خلال شركات متخصصة ومستقلة تقوم بدور الضامن أمام المستثمرين، وهو ما تفتقده حالياً جميع الأسواق المالية العاملة في المنطقة بما فيها السوق المالية السعودية.

فعلى سبيل المثال، تقوم شركة حماية مستثمر الأوراق المالية SIPC منذ عام 1970 بتقديم ضمان للأرصدة النقدية والأوراق المالية المملوكة للمستثمرين الذين يتعاملون مع الشركات الاستثمارية المرخص لها في الأسواق المالية الأمريكية عند تعرُّض هذه الشركات للإفلاس، على أن يتم ذلك بطريقة اختيارية وبحد أقصى يبلغ 500 ألف دولار أمريكي للعميل الواحد في الشركة الواحدة، في حين يصل هذا الضمان في بعض الشركات الاستثمارية الكبرى لنحو 24 مليون دولار أمريكي للعميل الواحد في الشركة الواحدة، وهو بالتأكيد عامل مهم يساعد على زرع الثقة وراحة البال بين أوساط المستثمرين في أي سوق مالية ويجعلني أتساءل: ألسنا نحن أيضاً في حاجة إلى مثل هذا الضمان؟ وما الذي ينقصنا لنحصل عليه؟

لهذا السبب، أعتقد أنه يجب علينا الآن أن نفكر في توفير مثل هذا الضمان والذي حتماً سيحتاج إليه كل مستثمر في السوق المالية السعودية، خصوصاً أن بعض الشركات الاستثمارية المرخص لها من قبل هيئة السوق المالية (وأنا هنا أقول بعض)، تواجه حالياً صعوبات مالية حقيقية قد تؤدي بها للتعثر وربما للإفلاس ـــ لا قدر الله ـــ وهو أمر يجب أن نتوقعه دائماً، وإن لم يحصل طالما أن هذا القطاع يمر بمرحلة حساسة كما يعلم الجميع، وهنا لنتساءل: ماذا فعلنا لحماية المستثمرين في الشركات الاستثمارية؟ وكيف لنا أن نسهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ وهل نستطيع القول إن الصمت والاكتفاء بمشاهدة الأحداث هو أفضل القرارات في مثل هذا الوقت؟