امسية للحوار الوطني بالرياض ...!!!

23/05/2011 2
د . جمال شحات

تم عقد ندوة للحوار الوطنى بمكتب الملحق الثقافى بالسفارة المصرية بالرياض حضره جمع غفير ملأه الدفء الإنساني ببواعث الانتماء والحنين إلي الوطن والرغبة في المشاركة مع لجنة الحوار الوطني المصرية وبحضور شباب من ثورة 25 يناير، كان لقاء الجالية المصرية بالرياض في أمسية ثقافية يوم الأربعاء 18/5/2011. اجتمع أبناء الجالية ولسان حالهم يهتف أنا مصري ويتقدمهم السفير/ محمود عوف والقنصل العام بالرياض حسام عيسي والأسرة الدبلوماسية بدعوة من الأستاذ الدكتور / صلاح الدين طاهر المستشار الثقافي ورئيس البعثة التعليمية المصرية بالمملكة العربية السعودية. وكالمعتاد اجتمعت بالمكتب الثقافي التعليمي المصري بالرياض العقول المصرية الراجحة من طلاب ونساء وعلماء ومتخصصين في شتي المجالات ولفيف من الإعلاميين ورجال الأعمال. لقاء انعكس من خلاله ثقافات التواصل والانتماء والرغبة في تقديم الفكر والغالي والنفيس لمصرنا الغالية. ونظراَ لكثافة البرنامج فلم يتسع الوقت لمناقشة كل المداخلات المثرية. وفي هذا المشهد الحضاري رفيع المستوي اجتمعت الآراء علي إقامة سلسلة من ورش العمل لمناقشة محاور الحوار الوطني.

تحدث الأستاذ الدكتور/ صلاح الدين طاهر المستشار الثقافي في كلمته عن المصطلحات التي طفت علي السطح في الآونة الأخيرة والتي تزامنت مع الثورة والإجراءات الإصلاحية التي تلتها مثل الفساد والفقر والبطالة والغلاء والفوضى والانفلات الأمني والبلطجة والإرهاب والاعتصامات والتي تعتبر غريبة علي المجتمع المصري ذو العمق القيمي والديني والأخلاقي. وأعطي سيادته نبذه عن الكتاب العالميين للثورات مثل كرين برنتون واريك هوبزباوم وربط بينها وبين ما يتم في المجتمع المصري حالياً من تغيير جذري في المجتمع والدولة وعلاقات القوي الاجتماعية والطبقية. وقد أوضح أن الريادة لمصر كانت من خلال القوة الناعمة بالثقافة والأدب والفنون من خلال الوسائل المسموعة والمقروءة والمرئية. وكان رفاعة الطهطاوي أول رسول لتلك القوة الناعمة في العصر الحديث والتي جاءت نتيجة حتمية للقوة العلمية في عصر محمد علي وكان أهم روادها علي مبارك. كما أشار إلي تجارب ماليزيا وتركيا وكوريا الجنوبية للتحول إلي قوي منتجة بعد أن وضع كل منهم رؤيته وأهدافه الإستراتيجية لتحقيقها ومن ثمَ السياسات والآليات والوسائل ومؤشرات تقييم الأداء. ومن هذه التجارب يتضح أن تعدد العرقيات والأديان في الوطن الواحد لا تحول دون التعايش والعمل معاً سوياً لرفعة وتقدم الوطن. وقد قدم مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق رسالة إلي أبناء ماليزيا لتنمية العلاقات علي ثلاث محاور: الإنسان مع الإله Man to God، الإنسان مع الإنسان Man to Man، والإنسان مع الطبيعة Man to Environment. ويعتبر كل ذلك سهل المنال في مصر والتي تحولت فيها الثورة من شبابية إلي شعبية ومجتمعية وبدأ فيها حواراً وطنياً برئاسة الدكتور/ عبد العزيز حجازي لتلبية التوقعات الفكرية للمصريين والتي تتمحور حول استعادة الأمن للوطن وتحسين الوضع الاقتصادي وإزالة بقايا النظام السابق والإسراع بتأسيس الديمقراطية ثم وضع مصر بين مصاف الدول الصاعدة. ونظراً لأن الجالية المصرية بالمملكة العربية السعودية تمثل 20 – 25% من المغتربين المصريين علي مستوي العالم، فمن الضروري تقديم مشاركتهم في الحوار الوطني بصورة تليق بهم متزامنة مع ما يتم علي أرض الوطن.

وقد شارك في الأمسية الدكتور / سيف إسماعيل رئيس مجموعة الأطباء المصريين بالمملكة، والدكتور/ سمير الشيخ عضو اللجنة الاستشارية للعديد من الجهات، الدكتور/ أبو بكر هاشم مدير بنك الإنماء، والدكتور/ عادل فهمي المستشار الإعلامي بالمملكة. وقد قدم كل منهم بالعرض والتحليل إيجاز لكل محور من محاور الحوار الوطني علي النحو التالي:

1 – الديمقراطية وحقوق الإنسان: وما يندرج فيها من نظام الحكم في مصر والسلطة التنفيذية والقضايا الخاصة بالممارسة نحو حكم نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان.

2 – التنمية البشرية والاجتماعية: الإنسان المصري واحتياجاته من تعليم وتنمية مهاراته وبحيث يخدم التعليم السوق المصرية، والحاجة الملحة لتنمية مهارات العقل المصري ومنافسة الجنسيات الأخرى في دول الخليج ووجود 1000 قرية معدومة في مصر، وتجربة بنك الطعام وتجربة بعض الجمعيات القبطية في صعيد مصر، بالإضافة إلي تقديم خدمات لأهالي النوبة وسيناء وقبائل أولاد علي في مطروح والجعافرة والعبايدة والبشارية والأنصار.

3 – التنمية الاقتصادية والمالية: حيث أن كل ما يخص قضايا الملكية لا بد أن يحسم وتوجد سبعة مصادر أساسية للدخل في مصر الإنتاج الزراعي، الإنتاج الصناعي، السياحة، قناة السويس، الإنتاج الحربي، البترول، تحويلات المصريين العاملين بالخارج. هناك مشاكل مالية مثل عجز الموازنات والقروض والميزان التجاري والمدفوعات والاحتياطي المصري الذي كان 36 ملياراً ثم أصبح 31 ملياراً وتحتاج إلي مشاركة الجميع في حلها .

4 – الثقافة وحوار الأديان والإعلام: يمثل ويشكل ويعبر عن الوجدان من موسيقي وأدب وشعر ونحن بلد صاحب حضارة عظيمة سواء فرعونية أو إسلامية أو قبطية ولا بد أن يستعيد الشعب المصري حضارته وطاقته. والمرحلة المقبلة مهمة ودور الثقافة مهم للغاية وحوار الأديان مهم لنبذ التطرف والفتن الطائفية التي تحدث بين الحين والآخر وهذا أمر جديد علي الحياة المصرية وموضوع أخلاقي بحت لأن الناس يجب أن تزيد من تقاربها وتطبيقها للقيم والأخلاق السماوية.

5 – ماذا بعد ثورة 25 يناير: شكل العلاقة مع أمريكا والاتحاد الأوربي وتركيا وإيران والجيران والعمق العربي والعمق الأفريقي. وهناك العديد من الدراسات عن هذه العلاقات والشراكات من أجل رؤية مستقبلية لمصر.

وقد دار اللقاء باقتدار الأستاذ/ عصام عويس رئيس مجموعة التجاريين المصريين بالمملكة وسط هذا الزخم المتعاظم من الحضور والمحاضرين. وقد تم تكريم بعض الشخصيات الذين تواصل عطاؤهم للمكتب الثقافي التعليمي المصري بالرياض، بل امتد إهداء بعضهم إلي الجامعات المصرية والأزهر الشريف في صورة رائعة تستحق القراءة والتأمل.

وقد استهل السفير / محمود عوف في الجزء الثاني من اللقاء كلمته بالتعريف بنتائج زيارة رئيس مجلس الوزراء المصري إلي المملكة العربية السعودية والتي كانت ناجحة بكل المقاييس. وقد شملت تقديم الدعم من المملكة لمصر في المرحلة الحالية والموافقة علي إنشاء بنك مصر في المملكة ودراسة الموافقة علي إنشاء مدارس للمنهج المصري بالإضافة إلي العديد من الموضوعات ذات الاهتمام الثنائي علي المستوي الإقليمي والدولي. كما كان من أهم النتائج القضاء علي أي شائعات تمس العلاقة القوية بين الدولتين الشقيقتين. كما أوضح سيادته الآليات التي تم من خلالها ترتيب لقاء رموز الجالية مع الدكتور/ عصام شرف أثناء زيارته والتي تم بناؤها علي الشرعية التي وضعتها الجالية من خلال الانتخاب لمجلس إدارة صندوق رعاية المصريين. وأفاد سيادته بأنه ليس لديه مانع من تعدل الجالية من آليات تمثيلها ولكن يجب أن يكون بتوافق من الجميع. وبعد ذلك قام القنصل العام بالرياض والمستشار الثقافي بالرد علي بعض التساؤلات القنصلية والتعليمية والتي كان علي رأسها موضوع إبلاغات الهروب من بعض الكفلاء وموضوع اختبارات القدرات والتحصيلي لطلاب الثانوية السعودية للسنوات القادمة. كما تم تقديم بعض المداخلات من حوالي عشرة أشخاص متحدثين من المشاركين في الأمسية.

وبخصوص آليات المشاركة من أبناء الجالية في فعاليات الحوار الوطني فقد تم توزيع مقترح استطلاع رأي علي الحضور لدراسته وتقديم أي تعديلات بالحذف أو الإضافة أو التغيير، علي أن يتم وضعها الفيس بوك والمواقع الالكترونية للمنتديات والمدونات لتوسيع دائرة المشاركة. كما تم الاتفاق علي أن تقوم الجمعيات المهنية والإقليمية بتقديم تصوراتها مكتوبة بغرض تجميعها في إطار متكامل وتقديمها إلي لجنة الحوار الوطني بمصر ممثلة للجالية المصرية بالمملكة العربية السعودية. كما تم الاتفاق علي عقد سلسلة ورش العمل في الفترة القادمة على النحو التالي:

• الأربعاء 25/5/2011: ورشة العمل الأولي ويحاضر فيها الدكتور/ سمير الشيخ ويدرها الدكتور/ أبو بكر هاشم.

• الأحد 29/5/2011: ورشة العمل الثانية ويحاضر فيها الدكتور/ عادل فهمي ويديرها الدكتور/ صلاح محمد الحسيني.

• الأربعاء 1/6/2011: ورشة العمل الثالثة ويحاضر فيها الدكتور/ أبو بكر هاشم ويدرها الدكتور/ عبد الله الشملي .

وذلك بغرض تعميق البعد الثقافي والتوعي والفكري وتوحيد المفاهيم والذي من شأنه أن يساعد علي تقديم مقترحات متكاملة للحوار الوطني.

شكرى لكل الاخوة القائمين على تلك الندوات الرائعة والمجهودات الناجحة التى تحافظ على اواصر المحبة والتواصل بين ابناء الوطن ووطنهم ... ودعواتى الصادقة بالتوفيق والسداد للجميع.