والآن ماذا ستفعل «أرامكو»؟

11/05/2011 8
محمد العمران

تشير التقارير إلى أن مخزونات المملكة من الغاز الطبيعي تراوح بين 240 و280 تريليون قدم مكعب من الغاز المصاحب والغاز غير المصاحب، وهو ما يجعلها تحتل المركز الخامس وربما المركز الرابع بين دول العالم، حيث تتركز عمليات إنتاج الغاز حالياً لتلبية الطلب المحلي من المصانع البتروكيماوية ومحطات توليد الكهرباء ومحطات تحلية المياه والاستخدامات المنزلية بعدما كنا (حتى بداية الثمانينيات الميلادية) لا نستفيد منه ونتفاخر بحرقه في الهواء للدلالة على وجود حقول للنفط حتى أضحت الصور الفوتوغرافية القديمة للغاز المحترق في الهواء رمزاً لإنتاج النفط في المملكة مع الأسف الشديد!

الآن في ظل ارتفاع الطلب المحلي عليه بنسبة نمو سنوي تراوح بين 6 و7 في المائة وبشكل فاق التوقعات نتيجة تكلفته المنخفضة وانبعاثاته الكربونية القليلة، أصبح الحصول على الغاز كلقيم للصناعات البتروكيماوية ومحطات توليد الكهرباء ومحطات تحلية المياه حديثة الإنشاء مهمة صعبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى لكن على المدى القصير، على الأقل حتى تنتهي شركة أرامكو من توسيع طاقتها الإنتاجية من الغاز، حيث أعلنت أخيرا وبشكل رسمي نيتها مضاعفة طاقتها الإنتاجية لنحو 15.5 مليار قدم مكعب بحلول عام 2015 (إن لم يكن هناك تأخير)، وهو بلا شك أحد أهم التحديات التي تواجه الشركة في هذه المرحلة الحساسة.

بالنظر إلى القرارات الملكية الكريمة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين ــــ حفظه الله ورعاه ــــ لتحفيز الاقتصاد السعودي وتحديداً قطاع الإسكان من خلال تخصيص مبلغ 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية، من الواضح أن دعم قطاع الإسكان أصبح الآن إحدى أهم الأولويات الاقتصادية لحكومة المملكة في السنوات المقبلة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف ستتمكن هذه المشاريع الإسكانية الجديدة من توفير البنية التحتية اللازمة من كهرباء وماء في ظل صعوبة الحصول على الغاز كلقيم لمشاريعها المستقبلية من محطات توليد للكهرباء ومحطات لتحلية المياه (على أقل تقدير من الآن حتى عام 2015)؟ أو بمعنى أصح، ماذا ستفعل ''أرامكو'' أمام المشاريع المستقبلية للكهرباء والماء في سبيل تنفيذ الأوامر الملكية الكريمة؟

في الحقيقة، لا أحد يدري كيف ستكون الإجابة عن هذا السؤال المهم، لكني أعتقد أن الإجابة عموماً لن تخرج عن أحد الاحتمالات التالية (على الأقل من وجهة نظري الشخصية): إما أن تقدم ''أرامكو'' لمشاريع الكهرباء والمياه النفط الثقيل كبديل للغاز وبأسعار تفضيلية، لكن هذا الحل سيكون مكلفاً جداً وغير مجد اقتصاديا لهذه المشاريع مهما كان شكل الأسعار التفضيلية، وإما أن تقوم ''أرامكو'' بإعادة توزيع حصص الغاز بين المشاريع البتروكيماوية ومشاريع الكهرباء والمياه، لكن هذا الحل سيضر بالصناعات البتروكيماوية في المملكة وسيضر أيضاً بسمعة ''أرامكو'' أمام زبائنها، وأخيراً إما أن تقوم ''أرامكو'' باستيراد الغاز من دول مجاورة لكنه بكل تأكيد حل غير عملي بسبب عدم وجود بنية تحتية لنقل الغاز، إضافة إلى عدم جدواه الاقتصادية بالنسبة لـ ''أرامكو'' (هذا إذا تناسينا الجانب النفسي لوضع المملكة كرابع أو خامس دولة في العالم من حيث مخزونات الغاز)!!

على العموم، يجب ألا نستبق الأحداث ولنرى ماذا سيحصل من الآن حتى عام 2015؟