العـالـم يـتـغـيّـر!!

08/05/2011 3
سليمان المنديل

عندما درسنا مادة المحاسبة في الجامعة، قُدّم لنا اختبار ظريف، هو أقرب إلى الألغاز، ويقوم الاختبار على فكرة أن يٌقدّم للطالب مجموعة ميزانيات شركات حقيقية، مختلفة الأنشطة، وبدون ذكر اسم، أو نشاط الشركة، وعلى الطالب التعرّف على طبيعة عمل الشركة، من خلال دراسة ميزانيتها. فمثلاً عندما تكون الأصول الثابتة كبيرة، وتمويلها بقروض طويلة الأجل، فالأغلب أن الميزانية هي لمصنع، وإذا كانت أغلب الأصول متداولة، قصيرة الأجل، والخصوم هي أيضاً قصيرة الأجل، وهناك قليل من الأصول الثابتة، فالاحتمال أن الميزانية هي لمتجر، أو سوبر ماركت، ولو بينت الميزانية قروضاً، وودائع كبيرة، فذلك يعني أنها لمصرف، ولو كانت أغلب الأصول مسجّلة بأسلوب التأجير طويل الأجل، فتلك دلالة على أنها شركة طيران، حيث تستفيد شركات الطيران من أسلوب استئجار الطائرات بالطريقة التي تقود إلى التملك، وذلك للحصول على إعفاءات ضريبية، وهكذا دواليك. تذكرت ذلك الامتحان الظريف، وانا أفكّر في التحولات الكبيرة التي تمر بها الشركات حول العالم، حيث تكونت إمبراطوريات من شركات متنوعة الأنشطة، وفي مرحلة ما كان ينظر إلى ذلك على أنه دلالة على مستوى نجاح تلك الشركات، وإداراتها، في الدخول في أنشطة متنوعة، لا يربط بينها رابط، ثم مرّت تلك الشركات بمرحلة تقليص أنشطتها، والتخلّص مما هو خارج عن عملها الأصلي، ولذلك يذكر على سبيل التندر، أن شركة (بان أم) للطيران كانت تمتلك سلسلة فنادق إنتركونتننتال، وعند بداية مصاعبها المالية قامت الشركة ببيع سلسلة الفنادق، واليوم اختفت شركة الطيران، وبقيت سلسلة فنادق الإنتركونتننتال.

العالم يتغيّر كل ثانية، والأزمة المالية الحالية ستفيد الكثير، وصحيح أننا هنا في السعودية، نقاوم التغيير بشكل عام، ولذلك قليلة هي الاندماجات، والاستحواذات بين الكيانات الاقتصادية، ولكن التغيير سيصلنا، وستكون هناك تحولات في النشاط الاقتصادي، ولذلك عندما أنظر إلى قائمة الشركات المساهمة المتداولة السعودية، أتوقع أنه ستكون هناك تغيرات في مكونات أنشطة عدد منها، وخير مثال على ذلك، ما حدث لشركة صافولا، والتي بدأت كمصنّع للزيوت المستوردة من ماليزيا، ثم دخلت نشاط تكرير السكّر، ثم النشاط العقاري... إلخ، وهي مستمرة في التنوع، والتحور. كذلك نرى شركة المراعي تنقل جزءاً من أنشطتها تدريجياً خارج المملكة، وهذا مفهوم بسبب الإستراتيجية الزراعية والمائية الجديدة للحكومة، وكذلك شركة التصنيع الوطنية، التي قلّصت أنشطتها الصناعية الأخرى، لصالح التركيز على نشاط صناعة البتروكيماويات. هل هذا شيء جيد؟! الجواب يعتمد على نوع التغيير، ولكن المؤكد أن العالم يتغيّر من حولنا، ولا بد أن نفهم ما يجري، وإلا فإننا نخاطر بأن نصبح منقادين بدون إرادة منّا!!