جبل عمر والأربعين مقاول

09/04/2011 7
عبدالرحمن الحمادي

شركة جبل عمر هي شركة مساهمة أنشئت بغرض تطوير منطقة جبل عمر الواقعة غرب المسجد الحرام على مساحة 230 ألف متر مربع. 52 % من مساحة الأرض ستكون للاستغلال التجاري والمتبقي 48% ستكون ممرات للمشاة وطرق للسيارات.

في البداية كان الجميع يراهن على جدوى المشروع وكانت أسهمه تباع قبل التداول بمئات الريالات.

في آخر عام 2007 وقع رئيس إدارة جبل عمر وتحت تغطية إعلامية تليق بأضخم بمشروع عقاري بجوار المسجد الحرام عقدا مع مجموعة بن لادن السعودية وشركة سعودي أوجيه. وقع العقد عن مجموعة بن لادن الشيخ بكر بن لادن رئيس مجلس إدارة المجموعة وعن سعودي أوجيه رئيس مجلس إدارة الشركة الشيخ أيمن رفيق الحريري.

اتضح فيما بعد أن العقود أكبر ب37% من قيمها العادلة.

انتهى هذا العقد نهاية مأساوية نتج عنها تعطل المشروع لثلاث سنوات وخيبة أمل المسؤولين المستثمرين ولن أذكر أكثر مما جاء في تقرير الشركة السنوي. جاء فيه:

"لقد كانت خسارة عظيمة ومؤلمة جداً في تأخر المقاولين* في التنفيذ وعدم التزامهم بالمدة التي تم الاتفاق عليها في خطاب العزم وقد أبدوا مبررات لم نقتنع بها، ولكي نتلافى خسارة أكبر وجدنا أن الحل الأقل خسارة هو إنهاء العقود معهم واستئناف العمل من جديد بمقاولين آخرين وقد تم الاتفاق مع شركة نسمه بأسعار تقل عن أسعارهم بما يعادل 37%." انتهى.

* المقاولان هما :بن لادن وسعودي أوجيه.

السؤال: لماذا لا تترافع الشركة إلى القضاء لإنصافها من المقاولين؟ وإذا كان هذا افتراء؛ لماذا لا تعلن بن لادن وسعودي أوجيه أن مجلس إدارة جبل عمر مفتر وكاذب في دعواه؟

من التجارب المؤلمة لجبل عمر ارتباطها الوثيق ببنك البلاد الذي ورطها في عقد مع جدوى للاستثمار. مؤسسوا بنك البلاد هم الذين أسسوا جدوى للاستثمار. وبنك البلاد هو مدير اكتتاب جبل عمر. تعاقدت جبل عمر مع جدوى على أن توفر الثانية جسر تمويلي يكفي لإنجاز المشروع. وانهي العقد مع جدوى بلا جدوى لفشلها في توفير التمويل. وهنا نتهم المستشار المالي بأنه لم يكن نزيهاً وكان أحد مسببات تعثر المشروع. إذ كيف تبرم عقداً بهذا الحجم مع مؤسسة غير مؤهلة وغير كفؤة فقط لصلتها بالبنك؟!

بعد إنهاء العقد مع جدوى تعاقدت جبل عمر مع الراجحي المالية لتكون مستشارا ماليا ومدير اكتتاب زيادة رأس المال. كان من شروط الراجحي المالية أن تتعاقد جبل عمر مع شركة عالمية معروفة للإشراف على المشروع. فأنهي العقد مع المكتب التابع لأحد أعضاء مجلس الإدارة وتعاقدت مع شركة (ديوي) الألمانية. بعد ذلك اكتشف مجلس الإدارة أن هناك تعارض مصالح وأنهي العقد مع ديوي. ورغم نزاهة مجلس الإدارة وحرصه على عدم استغلال أموال الشركة لمصالح أعضائه؛ إلا أن تقارير مجلس الإدارة لم يخل أحدها من عقود تصاميم واستشارات مع مكتب تابع لعضو مجلس الإدارة. حتى بعد اختيار مقاول جديد (نسما) وترسية المشروع وبدء التنفيذ لا يزال جزء من مصاريف مقدم لمكتب تابع لعضو مجلس الإدارة مقابل استشارات!

سوف يتساءل القارئ: أين الأربعين مقاول؟!

أقول: عدد المقاولين ومكاتب الاستشارات الهندسية والشركات المصممة أكبر من أربعين وكل هذا ناتج عن إهمال القائمين على المشروع وأولهم مجلس الإدارة الذي ليس له إلا غير إنجاز واحد وهو أن الأرض أصبحت بثلاثة أضعاف قيمتها الدفترية.

في منتصف2009 زعم رئيس إدارة شركة جبل عمر أن الشركة لم تتأثر بالأزمة المالية وأن المشروع يسير وفق الخطط لإنجازه خلال ثلاث سنوات. ونشر بتاريخ 15 يونيو 2009. ولما أعلنت الشركة خطتها الجديدة كان سبب تعثر المشروع بزعمهم: اجتياحُ العالم أزمةٌ اقتصادية في منتصف 2008م وتسببت في عدم توفر السيولة والتمويل للمشروع واستمرت خلال عامي 2009م و2010م. للمعلومية لقد حصلت سابك خلال الفترة التي اجتاحت جبل فيها الأزمة على قروض من بنوك سعودية بأكثر من عشرين مليار ريال. وحصلت كثير من الشركات على قروض كبيرة وطُرحت عدة إصدارات من الصكوك وغطيت بأكثر من 100%.

بقي أن نتساءل: هل ستستمر جبل عمر على حالها؟