نشرت "الاقتصادية" يوم الجمعة الماضي خبرا بعنوان "تحرك خليجي لإصدار وثيقة ضريبة القيمة المضافة" مفاده أن الفريق المكلف بصياغة المشروع الشامل للضريبة، يعمل حاليا على الانتهاء من إعداد وثيقة المبادئ الأساسية لمشروع قانون ضريبة القيمة المضافة الموحد، تمهيدا لإجراء التعديلات القانونية اللازمة لتنفيذ هذه الضريبة، على أساس أن يتم تطبيق الضريبة في كانون الثاني (يناير) 2012، وهو خبر، في رأيي، مهم جدا، حيث يشير إلى عزم دول المجلس على البدء في تبني نظام ضريبي موحد الأمر الذي يعكس إدراك تلك الدول لأهمية الضرائب في الاقتصاد بشكل عام، ولكن ما القيمة المضافة؟ وما ضريبتها؟ وما الحاجة الحقيقية لدول مجلس التعاون لفرض مثل هذه الضريبة؟ أو للضرائب بشكل عام؟ وهل الوقت الحالي هو الوقت المناسب لفرض مثل هذه الضريبة؟ في هذا المقال نحاول أن نتناول الإجابة عن هذه الأسئلة.
ضريبة القيمة المضافة Value added tax، والمعروفة اختصارا بالـ VAT، هي ضريبة عامة تفرض على أنشطة الأعمال التي تقوم بإنتاج وتوزيع السلع وتقديم الخدمات، وتعد ضريبة القيمة المضافة ضريبة على الاستهلاك لأن المتحمل النهائي لها هو المستهلك، على الرغم من أن الذي يقوم بتحصيلها هو المنتج أو الموزع.
أما القيمة المضافة فهي أي زيادة تحدث في القيمة السوقية للمواد الخام أو السلع عندما يتم تصنيعها أو تجهيزها أو نقلها حتى تصبح في النهاية سلعا قابلة للاستخدام بواسطة مشتريها. على سبيل المثال في مصنع الملابس يتم تحويل الأقمشة الخام إلى ملابس، فترتفع قيمتها السوقية بالفرق بين سعر القماش الخام في السوق وسعر الملابس في السوق، هذا الفرق هو القيمة التي تمت إضافتها في مصنع الملابس للأقمشة بتحويلها إلى ملابس. كذلك فإن الملابس في المصنع يكون لها قيمة سوقية محددة، ومن خلال توفير هذه الملابس للمستهلكين في محال التجزئة ترتفع القيمة السوقية لها، ومرة أخرى فإن هذا الفرق في القيمة يمثل القيمة المضافة التي أضافها نشاط تجارة الملابس سواء على مستوى تجارة الجملة أو التجزئة، وهكذا في كل مرحلة من مراحل الإنتاج أو التوزيع يتم إضافة قيمة، ويفترض أن يتم فرض الضريبة على القيمة التي أضيفت في كل مرحلة من مراحل عمليات الإنتاج، وهي عملية تبدو معقدة، ولذلك تميل بعض الدول، خصوصا تلك التي لا تملك تسهيلات مناسبة لحساب وجمع ورد الضريبة إلى فرض الضريبة على القيمة المضافة على السلعة في صورتها النهائية، أي عند البيع، وهو ما يعرف بضريبة المبيعات Sales tax، وعندما تفرض الضريبة في مرحلة إنتاج معينة، فإنها تحسب كنسبة من سعر السلعة في هذه المرحلة، غير أنها ستحسب بالنسبة نفسها على سعر السلعة بعد الإضافة التي ستتم عليها في المرحلة الإنتاجية التي تليها، وهو ما يعني ضرورة حدوث ازدواجية في عملية تحصيل الضريبة في كل مرحلة من مراحل الإنتاج، لهذا السبب يعطى المنتج الذي يدفع الضريبة الحق في استرداد الضرائب التي دفعت عن السلعة في المراحل السابقة من الإنتاج تفاديا للازدواجية في تحصيل الضريبة.
الفرق بين ضريبة المبيعات وضريبة القيمة المضافة هو أن ضريبة المبيعات تفرض في مرحلة واحدة فقط من حياة السلعة أو الخدمة، وذلك عند بيعها أو تقديمها للمستهلك النهائي، بينما تفرض ضريبة القيمة المضافة في كل مرحلة من مراحل الإنتاج يتم فيها إضافة قيمة للسلعة، وعلى ذلك يمكن تعريف ضريبة القيمة المضافة على أنها ضريبة مبيعات تفرض عند المنبع، وبدلا من أن تجمع الضريبة لمرة واحدة عند بيع السلعة، فإنها تجمع في نهاية كل مرحلة تمر بها السلعة، ولذلك تعرف ضريبة القيمة المضافة أيضا بأنها ضريبة مبيعات متعددة النقاط Multipoint، وأيا كان الوضع فإنه يفترض من الناحية النظرية أن الضريبة ستحمل في النهاية على المستهلك سواء فرضت عند البيع أو في المراحل المختلفة للإنتاج، ونظرا لذلك فإن ضريبة القيمة المضافة تتطلب إدارات ضريبية كفئة، نظرا للمجهود المحاسبي الضخم الذي تحتاج إليه، وتفضل دول العالم ذات الدخل المنخفض اللجوء إلى هذه الضريبة، حيث لا تمكنها الأشكال الأخرى من الضرائب، مثل الضريبة على الدخول والأرباح، من الحصول على احتياجاتها التمويلية المناسبة. على سبيل المثال تغري المستويات المرتفعة لعجز الميزانية في الولايات المتحدة بالتفكير في إدخال ضريبة القيمة المضافة، غير التخوف الأساسي منها يكمن في أنها يمكن أن تدفع إلى زيادة حجم الحكومة مثلما حدث في دول أخرى مثل فرنسا وألمانيا واليابان، فضلا عن آثارها السلبية على توزيع الدخل بين الأسر الأمريكية.
قد يتصور البعض أنه بما أن الضريبة على القيمة المضافة تفرض على السلع في مراحل إنتاجها المختلفة فإن الكثير من السلع لن تخضع لهذه الضريبة، باعتبار أن الجانب الأكبر من السلع التي نستهلكها هي سلع مستوردة من الخارج، وهذا تصور خاطئ، لأن الضريبة على القيمة المضافة تفرض أيضا على الواردات من الخارج، فعلى الرغم من أن السلع المستوردة لم تتم عليها أية عمليات تصنيع في الداخل، ومن ثم لم يتم إجراء أي إضافة لها في القيمة في الداخل، فإن فرض الضريبة عليها ينبع من منطلق تحقيق العدالة بين المنتجين المحليين، الذين يدفعون الضريبة، والمنتجين الأجانب الذين لا يدفعون هذه الضريبة عندما يقومون بتصدير السلع التي ينتجونها إلى الداخل.
من ناحية أخرى، فإن ضريبة القيمة المضافة قد لا تفرض على جميع السلع، وإنما توجد هناك سلع يتم تخفيض معدل الضريبة عليها أو إعفاؤها من الضريبة لضروريتها للمستهلك أو لأهميتها بالنسبة للمجتمع. كما قد تختلف معدلات الضريبة على القيمة المضافة حسب المجموعات السلعية، على سبيل المثال في المملكة المتحدة يبلغ معدل الضريبة الأساسي 20 في المائة، وهو المعدل الذي يفرض على السلع بشكل عام، وهناك أيضا ضريبة قيمة مضافة بمعدل 5 في المائة وهو معدل ضريبة مخفض يفرض على سلع مثل منتجات الطاقة، وضريبة بمعدل صفر في المائة وهو معدل الضريبة على سلع مثل الغذاء والكتب والصحف، والآن دعونا نعود إلى سؤالنا الأساسي وهو لماذا تفرض دول مجلس التعاون مثل هذه الضريبة؟
قد لا يرى المواطن في دول مجلس التعاون أن تلك الدول يجب أن تفرض الضرائب، أيا كان نوعها، فالمالية العامة في تلك الدول تتمتع بشكل عام بوضح مريح جدا، ومعظم هذه الدول تحقق فوائض في ميزانياتها العامة، على الأقل في المرحلة الحالية، مما ينفي الحاجة إلى التفكير في فرض الضرائب في تلك الدول. الذي لا يدركه الكثير من الناس هو أنه على الرغم من أن أوضاع المالية العامة لدول المجلس تبدو قوية، إلا أنها في واقع الحال تواجه خللا جوهريا يتمثل في تركز الإيرادات العامة لهذه الدول في مصدر شبه وحيد تقريبا وهو الإيرادات النفطية، وتكمن خطورة هذا الوضع في أن هذه الإيرادات تتعرض للتقلب الشديد وبصورة مستمرة تبعا للتطورات التي تحدث في سوق النفط العالمية، الأمر الذي يجعل المالية العامة في دول الخليج تحت رحمة تطورات سعر النفط في السوق العالمية للنفط الخام.
مشكلة دول مجلس التعاون هي أن المالية العامة بها قد مرت بتطورات خطيرة، خصوصا في السنوات الأخيرة، فيما يتعلق بإنفاقها العام، جعلت وضع ميزانياتها العامة حرجا للغاية، نتيجة بعض الإجراءات التي اتخذت برفع الرواتب وإقرار الكثير من المزايا للكوادر المختلفة من العاملين... إلخ، بالشكل الذي أصبح يهدد استدامة المالية العامة لتلك الدول، وبالطبع فإن الأثر السلبي لمثل هذه التطورات على الميزانية العامة سيكون محدودا طالما أن سعر النفط في السوق العالمية أعلى من الحد الأدنى اللازم لتوازن الميزانية العامة للدولة، غير أننا غالبا ما نجد أن دول المجلس تلجأ عند إعداد مشروعات ميزانياتها العامة إلى افتراض سيناريوهات الإيرادات النفطية على أساس سعر متحفظ نسبيا للنفط، الأمر الذي يجعل ميزانيات تلك الدول تبدو وكأنها ستحقق عجزا في ظل هذه الافتراضات، وهو ما يعني أن السلطات المالية في دول المجلس تؤمن باحتمال أن تصل أسعار النفط إلى مستويات متدنية، ولذلك يتم أخذ الاحتياط وإعداد الميزانيات عند تلك المستويات، في الوقت الذي لا يأخذ صانع السياسة ذلك في الاعتبار، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث إشكالية للميزانية.
من ناحية أخرى، فإن هناك ظاهرة مثيرة للقلق حاليا في دول مجلس التعاون، وهي أن الحد الأدنى لسعر النفط اللازم لتوازن ميزانيات دول الخليج آخذ في التزايد على نحو واضح، الأمر الذي يرفع المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها الماليات العامة لدول الخليج، إذا ما تدهورت أسعار النفط لأي سبب من الأسباب، في ظل الهيكل الحالي للإيرادات الذي يرتكز على الإيرادات النفطية. من هذا المنطلق فإن دول مجلس التعاون ينبغي أن تبحث عن سبيل لتنويع إيراداتها العامة وتحقيق قدر أكبر من الاستقرار لتلك الإيرادات وتخفيف اعتماد ميزانيات تلك الدول على النفط كمصدر شبه وحيد للإيراد العام وتأمين عملية تمويل إنفاقها العام، وتعد الضرائب العمود الفقري للإيرادات العامة في دول العالم تقريبا كافة، وتنقسم الضرائب بشكل عام إلى قسمين، الضرائب المباشرة، بصفة خاصة الضرائب على الدخول والأرباح، والضرائب غير المباشرة وهي التي تفرض بشكل عام على السلع والخدمات التي يستهلكها الأفراد، ولكن لماذا تلجأ دول المجلس إلى ضريبة القيمة المضافة؟ الإجابة هي أن هذه الضريبة تتسم بعدة مزايا أهمها:
ـ اتساع نطاق التغطية لهذا النوع من الضرائب، حيث إنها تفرض على نطاق واسع في الدولة لتشمل قطاعات الإنتاج والتوزيع كافة، وبالتالي فإن ضريبة القيمة المضافة تضمن وفرة الحصيلة من هذه الضريبة.
ـ انخفاض الحافز على التهرب من دفع هذا النوع من الضريبة لأن المتحمل الأساسي للضريبة هو المستهلك النهائي، كما أن من سيقوم بدفع ضريبة القيمة المضافة في المراحل السابقة على عملية البيع للمستهلك النهائي يسترد ما دفعه من ضرائب تجنبا للازدواج الضريبي، مما يجعل الحصيلة الضريبية مؤمنة، وحتى لو حدث تهرب ضريبي في مرحلة محددة من مراحل الإنتاج، فإن ذلك سيتم استرداده لاحقا في المراحل التالية، فضلا عن أنها تضمن دقة عملية المراجعة، فالضريبة التي تم دفعها في مرحلة معينة، سيتم المطالبة باستردادها عند بيع السلعة في مراحل لاحقة حتى بيع السلعة للمستهلك النهائي.
ـ إن هذا النوع من الضرائب يسمح بأن يتم فرض الضريبة على القيمة المضافة بنوع من الانتقائية على أنواع محددة من السلع أو مؤسسات الأعمال، على سبيل المثال تفرض معدلات الضريبة أساسا على السلع الاستهلاكية للتحكم في الاستهلاك وجمع الإيراد، بينما لا تفرض على السلع الرأسمالية لتشجيع الاستثمار.
إن هيكل هذا النوع من الضرائب غالبا ما يكون بسيطا، حيث تخضع السلع والخدمات التي تدخل في الوعاء الضريبي إلى معدلين أو ربما ثلاثة للضريبة فقط.
ـ أنها لا تميز بين دافعي الضريبة، حيث إن الجميع يدفع المعدل نفسه بغض النظر عن خصائصه، وهو ما ينظر إليه على أنه نوع من العدالة في فرض الضريبة.
ـ أن هذه الضريبة لا تحتاج إلى إجراءات إدارية معقدة مثلما هو الحال بالنسبة للضريبة على الدخل، حيث إنها تتسم بسهولة التحصيل، فبمجرد قيام المستهلك بدفع ثمن السلعة تكون الضريبة متضمنة في هذا الثمن.
ـ وأخيرا فإن هذه الضريبة تتسم بأنها وافرة الحصيلة، خصوصا إذا ما اتسع نطاق تغطية المجموعات السلعية التي يتم فرض الضريبة عليها.
ونظرا لهذه المزايا العديدة نجد أن درجة انتشار الضريبة على القيمة المضافة بين دول العالم واسعة، حيث تعد أكثر أشكال الضريبة على الاستهلاك شيوعا، ولكن هل تعد ضريبة القيمة المضافة هي أفضل وسيلة للبدء بإدخال الضرائب في دول مجلس التعاون؟ الإجابة هي لا لعدة أسباب:
ـ أنها تفرض على الجميع بغض النظر عن مستويات الدخول أي القدرة على الدفع، ونظرا لهذه الخاصية فإنها تحقق إيرادات كبيرة في الدول التي تتبناها.
ـ أنها تجمع بصفة أساسية من الفقراء أو محدودي الدخل الذين يميلون إلى إنفاق الجانب الأكبر من دخولهم على السلع الاستهلاكية، مقارنة بالأغنياء، ومن ثم فإن مثل هذه الضريبة لا تحقق العدالة بين دافعي الضرائب، حيث يفترض أن يرتفع عبء الضريبة مع ارتفاع القدرة على الدفع.
ـ أنها ستؤدي حتما إلى ارتفاع في المستوى العام للأسعار بمعدل الضريبة، ومن ثم ستؤثر على القوة الشرائية لجموع المستهلكين للسلع الذين تفرض عليهم الضريبة، بغض النظر مرة أخرى عن مستويات دخولهم.
ـ أنها تؤدي إلى انخفاض الطلب على المجموعات السلعية التي تفرض عليها الضريبة، يعتمد ذلك على مرونة الطلب السعرية لهذه المجموعات من السلع.
ـ أنها تحابي دائما الإنفاق على السلع كثيفة الاستخدام لعنصر رأس المال مقارنة بالسلع كثيفة الاستخدام لعنصر العمل.
لكل هذه الأسباب ربما تكون الضريبة على الدخل هي السبيل الأنسب، لأنها ستحقق أكبر قدر من العدالة بين المقيمين في تلك الدول، وتحقق أحد المبادئ الأساسية للضريبة وهو مبدأ القدرة على الدفع. غير أن مشكلة الضريبة على الدخل أنها تحتاج إلى إدارات ضريبية متقدمة يعمل بها مهارات إدارية على درجة عالية من الكفاءة وتسهيلات لوجستية مناسبة للتعامل مع عملية قياس وفرض وجمع الضريبة بصورة فعالة وبما يحول دون حدوث تهرب ضريبي، وجهاز قضائي متخصص في الخلافات القانونية التي يمكن أن تنجم عن حصر وفرض والتهرب من دفع الضريبة، وبما أن دول المجلس حديثة عهد بالضرائب، فإن البدء بفرض الضريبة على الدخول سيواجه بعقبات كثيرة عند التطبيق.
أما بالنسبة للعوائد المتوقعة لفرض مثل هذه الضريبة فستعتمد على المعدل الذي ستتبناه دول مجلس التعاون لضريبة القيمة المضافة، ومدى كثافة وعاء الضريبة، أي المجموعات السلعية التي سيتم فرض الضريبة عليها، ومن المنتظر أن تقوم دول المجلس بتبني معدلات منخفضة لهذه الضريبة في البداية، غير أن اتساع نطاق الاستهلاك في هذه الدول سيضمن حصيلة وفيرة لهذه الضريبة على الرغم من انخفاض معدلها، ولتبني الضريبة على القيمة المضافة ستحتاج دول المجلس إلى تطوير تشريعاتها الضريبية بما يسمح بفرض هذه الضريبة، وبناء جهاز ضريبي حديث ومده بجميع الخبرات والتجهيزات اللازمة التي تمكنه من الاضطلاع بعمليات تقدير وتحصيل الضرائب بأنواعها كافة بكفاءة وفعالية، وتحديد قوائم السلع التي ستفرض عليها الضريبة ومعدلاتها، والآن ما الآثار المتوقعة لفرض مثل هذه الضريبة في دول المجلس؟ تتعدد الآثار التي يمكن أن تنجم عن تبني وفرض ضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون، وتتمثل أهم الآثار الإيجابية المتوقعة لفرض ضريبة القيمة المضافة في دول المجلس في الآتي:
ــ أنها ستوفر مصادر إضافية للإيرادات العامة، ومن ثم ستنوع تلك المصادر لدول المجلس بحيث يقل اعتماد الميزانيات العامة لهذه الدول على الإيرادات النفطية.
ــ أنها ستمكن تلك الدول من تحقيق مستويات أكثر استقرارا للمالية العامة من خلال تحسين وضع الميزانيات العامة لهذه الدول، حيث تعتمد الإيرادات العامة على مستويات النشاط المحلي وحجم الطلب الكلي، وليس على معطيات السوق العالمي للنفط الخام والأسعار السائدة فيه.
ــ أنها ستمكن دول المجلس من التحكم في الاستهلاك بشكل عام، واستهلاك مجموعات سلعية محددة بشكل خاص، من خلال تحديد معدل الضريبة على السلع حسب درجة ضروريتها أو حسب أهميتها بالنسبة لهذه الدول.
ــ أنها ستمكن دول المجلس من توفير حماية أكبر للمنتجين المحليين من خلال فرض ضريبة القيمة المضافة على الواردات مما يساعد على تحقيق قدر أكبر من عدالة المنافسة مع المنتجين الأجانب.
أما أهم الآثار السلبية المتوقعة لفرض ضريبة القيمة المضافة في دول المجلس فتتمثل في أنها ستؤدي إلى:
ــ ارتفاع في المستوى العام للأسعار، كما سبق أن ذكرنا، وبالتالي ستحدث موجات تضخمية في بداية عملية فرضها، ومن ثم ستؤدي إلى التأثير سلبا على القوة الشرائية لدخول المستهلكين نتيجة ارتفاع الأسعار.
ــ أنها ستؤثر في المستوى العام لرفاهية المستهلكين، خصوصا إذا ما لم يتم مراعاة التدرج في التطبيق والتفرقة في معدل الضريبة وفقا لدرجة ضرورة السلعة.
ــ أنها تضر الفئات ذات الدخل المحدود الذين سيدفعون نسبا أعلى من دخولهم في صورة ضريبة، مقارنة بالفئات ذات الدخل المحدود.
غير أنه بمقارنة الآثار الإيجابية المتوقعة للضريبة على القيمة المضافة مع الآثار السلبية الكامنة فيها، فإن الآثار الإيجابية تفوق على المدى الطويل تلك الآثار السلبية التي من المتوقع أن تحدث على المدى القصير.
الجهودُ المبذولة من قبلِ الفريق الفني لدولِ مجلس التعاون لإعدادِ وثيقة (ضريبة القيمة المضافة) وكذلك الشرحُ الوافي من قبل د. محمد السقا تستحقُ الشكرَ .. ولكنها، والله العالم، لن تتجاوَز حدودَ التمارين الأكاديمية!!...والسببُ بإعتقادي المتواضع هو المبدأ السياسي الأزلي: (No taxiation .. No represntation)!!!... وعليه، فمتى أصبحَ لدينا هناك تمثيلٌ نيابي حقيقي من دافعي الضرائب للمسائلة والمتابعة لإيرادات الدولة ومصاريفها الإجمالية وإعتمادهما، يكون زمنُ فرضِ الضرائب قد حان !!!... والله أعلم