على الرغم من تردد الحكومة المصرية في اعادة فتح البورصة المصرية خشية من انخفاضها بعد أن تأثرت بالأحداث التي شهدتها المنطقة العربية ومصر بدءا من 25 يناير الماضى، الا ان الحكومة المصرية الجديدة بدت أكثر أصررا على فتح البورصة اليوم الأربعاء، وغنى عن القول ان هذا الاصرار يعود الى ان البورصة تعد واحدة من المؤشرات الرئيسية على الأداء الاقتصادي لما يعكسه من قيم الأصول المدرجة ، كما أن فتح البورصة من شأنه أن يعيد الاقتصاد المصري للحياة وأن يجنب البورصة المصرية مخاطر الشطب من الاسواق العالمية.
وقد استطاعت الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية فتح البنوك المحلية والحفاظ على سعر صرف الجنية المصري والذى شهد انخفاضا طفيفا مقارنة بالاحداث الجسام التى يشهدها الاقتصاد المصري ، كما تم المحافظة على وتيرة العمل والمرور في قناة السويس ، ومن المعروف ان الاقتصاد المصري ظل خلال الفترة الماضية معتمدا على موارد ريعية خارج سيطرة متخذ القرار ، فعائدات المرور في قناة السويس يرتبط الى حد كبير بحالة التجارة الدولية ومستويات ادائها ، كما ان تحويلات العاملين في الخارج ترتبط باسعار النفط وحالة الاقتصادات المستقبلة للعمالة حيث يصل عدد المغتربين في الخارج بما يصل إلى 6 مليون بنسبة ( 7%) من اجمالي عدد السكان ، كما ان السياحة تعد احد الموارد المرتبطة بحالة الاقتصاد العالمي والدول المصدرة للسياحة بالاضافة الى الاستقرار والبيئة المحلية..
وكان الاقتصاد المصري قد شهد نموا خلال العام الماضي بمعدل 5.4% ، كما عانى الاقتصاد المصري من شبح التضخم المرتفع والذى وصل الى 10.2% في نوفمبر من العام الماضي ، كما وصل عجز الموازنة العامة للدولة إلى 40.2 مليار جنية ، ومن المقدر ان يتزايد العجز للعام الحالي بمعدل يفوق الـ 20% نتيجة لتوقف وتيرة الانتاج والاتجاة لرفع الاجورسعيا لتهدئة الرأي العام والعاملين في القطاع الحكومي ويرتبط الدين العام بعجز الموازانة حيث بلغ رصيد الدين العام في نهاية سبتمبر 2010 حوالي 938.9 مليار دولار اي ما يعادل 68.1% من الناتج المحلي الإجمالي. في حين يصل الدين الخارجي الى 34.7 مليار دولار في نهاية سبتمبر الماضى.
ويؤكد عدد كبير من الخبراء ومؤسسات التقييم العالمية أن الاقتصاد المصري سيكون واحدا من النمور الاقتصادية الواعدة ، حيث مازال الاقتصاد المصري يتمتع بامكانيات وموارد اقتصادية واعدة يمكن العمل على استثمارها في ظل توافر سوق كبير وقدرة استهلاكية واستثمارية واعدة، وموارد زراعية وصناعية وتجارية وخدمية، حيث ان الاقتصاد المصري اقتصاد يتصف بالتنوع، ويمتلك العديد من المؤسسات الاقتصادية الرائدة ومن بينها البورصة المصرية التى هي موضوع كلامنا اليوم .
أقدم بورصات المنطقة هل تتجاوز الازمة؟
حيث تعد البورصة المصرية من أقدم بورصات المنطقة، ويرجع تاريخها إلي عام 1885 حين احتضنت الإسكندرية أول بورصة عربية، وتمت أول صفقة قطن محلية مسجلة في هذا العام بمقهى أوروبا السكندري. ولكن علي الرغم من أنها أقدم بورصات المنطقة، إلا أن الآراء تباينت بشأن قدرة البورصة المصرية علي تجاوز أزمتها الحالية معتمدة في ذلك علي تاريخها وعراقتها ومن ثم سيكون القادم أفضل بكثير، فيما رأى البعض الآخر أن قدم البورصة المصرية أو حداثتها لم يكن كفيلا بتمكينها من تجاوز أزمتها من عدمه، لافتين الانتباه إلي أن البورصات لا تعتمد علي تاريخها بقدر ما تعتمد علي امكانياتها ونظمها التشريعية والأسس الاستثمارية السليمة في التطوير والتحديث ذاكرين في ذلك السياق "بورصة قطر" التي تعد حديثة العهد فيما استطاعت خلال فترة قصيرة أن تكون في مصاف البورصات العالمية المتقدمة. والبورصة المصرية تعد من البورصات الناشئة، وهو المستوي الثاني الذي حدده مؤشر "مورجان ستانلي" الاقتصادي الذي قسم البورصات العالمية إلي 3 درجات هي "المبتدئة" و"الناشئة" و"المتقدمة". وحذر الخبراء من أن تنقل البورصة من درجة إلي درجة أقل عند إغلاقها لمدة 40 جلسة متصلة وهو بوصول إغلاق التداول حتي يوم 28 مارس الجاري، وهو الخطر الذي يعتقد البعض أنه يهددها حيث إنها بحلول يوم 28 من مارس الحالي تكون قد أتمت الجلسات الأربعين. حيث أن طول فترة إغلاق البورصة المصرية لمدة تجاوزت خمسة أسابيع قد يدخلها في بؤرة الشطب من المؤشرات والتصنيفات العالمية، والذي بدأ العد التنازلي له متوقعا أن يقوم مؤشر مورجان استانلي باتخاذ إجراءاته بالشطب يوم 28 مارس الجاري. وأضاف أن كثرة تأجيل موعد استئاف عمل البورصة أوجد نوعا من عدم المصداقية لدي المستثمرين وخاصة الأجانب الذين استشعروا أن هناك خطرا يهدد استثماراتهم في البورصة المصرية قد يدفعهم لموجة بيع عند استئناف التداول لعدم ضمانهم ما ستكون عليه السوق علي المدي القصير وطال متوسط الأجل. وأشار إلي أن الوقت الحالي يشهد العديد من تضارب الرؤي والمصالح سواء علي المستوي الحكومي أو المصرفي، فضلا عن أن هناك نوعا من عدم القدرة علي تحمل مسئولية اتخاذ قرار استئناف التداول مرة أخري لحالة الغضب المسيطرة علي المساهمين.
جهود إنقاذ البورصة
وبات أن الحل الوحيد لانقاذ البورصة المصرية هو الاسراع بعودتها للعمل إضافة إلي تجميد المديونية الخاصة بشركات السمسرة المتعاملة مع البورصة، عن طريق سحب 600 مليون جنيه من صندوق حماية المستثمرين، بالإضافة إلي منحة وزارة المالية التي أعلن الدكتور سمير رضوان موافقته عليها لدعم البورصة وهي 250 مليون جنيه. وأضاف إن هذه الأموال وتبلغ 850 مليونا ستحافظ علي البورصة من الانهيار في الأيام الأولي للفتح وتقلل من الخسائر بشكل كبير ويتوقع أن تصل لـ 30% فقط. حيث إن تجميد أموال المتعاملين في البورصة لمدة شهر ونصف الشهر قد أدى إلى فقد الثقة في الوقت الحالي في البورصة المصرية وسيتجهون للبيع وهذا أمر طبيعي ومتوقع إضافة إلى المصريين الذين سيحاولون بيع الأسهم عالية السعر وشراء المنخفضة.
ولاشك إن الحل هو ما اتفقت عليه الجهات الثلاث المهتمة بسوق المال وهي هيئة الرقابة المالية وشركة مصر المقاصة وإدارة البورصة وأكد أن صناديق البنوك لن تحمي شركات السمسرة ومديونتها العالية التي تكونت بعد خسائر البورصة بسبب الأحداث وإغلاقها طوال هذه الفترة. وأشار إلي أن هذه الأموال لن تتعرض لأي خسارة لأن مهمتها ستكون فقط تجميد المديونية "ضمان مالي للديون" ولن تستخدم في شراء أسهم ويمكن استردادها بعد فترة من الوقت بعد عودة البورصة والاقتصاد المصري لكامل نشاطه والتوقعات التي يؤكدها الاقتصاديون بتعافي الاقتصاد في فترة قصيرة هي أكبر تأكيد لذلك.
وكانت البورصة المصرية قد شهدت ارتفاعا خلال الربع الرابع من عام 2010 حيث ارتفع مؤشر البورصة المصرية بنسبة 4% ، وقد بلغت القيمة السوقية نحو 84.11 مليار دولار في نهاية الربع الرابع من العام الماضى ، وبلغت قيمة الاسهم المتداولة خلال الربع الرابع بما نحو 12.48 مليار دولار بنسبة ارتفاع 17 % عن الربع الثالث . وعلي صعيد استثمارات غير المصريين تشير البيانات أن استثمارات الاجانب في البورصة المصرية قد سجلت تدفق صافي موجب بلغ نحو 7.4 مليار جنية في عام 2010 ، وقد نتج عن ذلك صافي تدفق موجب لتعاملات الاجانب من غير العرب بقيمة 8.4 مليار جنية مقابل تدفق سلبي لتعاملات العرب بلغ 996 مليون جنية في هذا العام .
وكانت حالة الغليان التي شهدتها المنطقة والانخفاض الحاد للبورصة المصرية الذى ادى إلى قرار إغلاقها وهوى بالمؤشر الرئيسي للبورصة المصرية 16 % خلال اليومين اللذين عملت فيهما بعد اندلاع الاحتجاجات المناهضة لمبارك في 25 يناير وقد أدى ذلك إلى تأثيرات سلبية على الاسواق العالمية والخليجية ، والجميع ينتظر ليري كيف يمكن للمصريين ان يدعموا بورصتهم والتخفيف من اثر الصدمة التى عانت منها جراء الاحداث فهل يرفع المصريون رؤسهم ويفتخروا باداء بورصتهم سؤال تجيب عليه المؤشرات اليوم الأربعاء. الحكومة اتخذت كل الإجراءات الكفيلة بحماية البورصة ودعمها وكذلك صغار المستثمرين فيها»، حيث أعلن هناك كثيراً من الآليات التي سيتم تطبيقها لمواجهة أي هزات قد تتعرض لها التعاملات فور الافتتاح أهمها تخصيص وزارة المال نحو 250 مليون جنيه لشركة مصر للمقاصة والتسوية والحفظ المركزي للتدخل لدعم السوق». وأعلنت الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول (موبينيل) أنها ستؤجل البت في توزيع أرباح عن عام 2010، نظراً إلى الوضع الاقتصادي والسياسي في مصر.على صعيد آخر، أعلن رئيس البنك الأوروبي للتعمير والتنمية توماس ميرو، إن الحكومة المصرية المؤقتة قدمت طلباً جديداً للحصول على تمويل من البنك، للمساهمة في تعزيز اقتصاد السوق والقطاع الخاص. وقال: «البنك مستعد لاستثمار ما يصل إلى مليار يورو سنوياً إذا وافق جميع مساهميه ومن بينهم مصر على الطلب.