عمك أصمخ!!

20/03/2011 6
سليمان المنديل

خلال تجربتي المتواضعة في كتابة عمود أسبوعي في المجال الاقتصادي، والإداري المحلي، استرعى انتباهي، أن كثيراً من القراء يطالبون الكتّاب بتقديم حلول للمشاكل التي يعرضونها، مثل ارتفاع الأسعار، أوانهيار سوق الأسهم، أو البطالة... إلخ، وقد استغرق ذلك مني وقتاً طويلاً، حتى أفهم مغزى تكرار تلك الملاحظات، وأخيراً تبين لي أن القراء في الغالب يعرفون المشاكل، ولكنهم يسألون عن الحلول، وبالمقابل، وبالنسبة لكتّاب الزوايا، فإن المساحات المخصصة لهم للكتابة محدودة، وبعدد مقررمقدماً من الكلمات، بحيث لا يسمح ذلك بالتوسع بأكثر من شرح المشكلة، وفي نفس الوقت كان يفترض، وأؤكد على كلمة "يفترض"، أن يكون المقال بداية حوار مع المسؤول عن ذلك الموضوع الاقتصادي المعيشي، أو من ينوب عنه، مما يعني أن يستجيب المسؤول بالشرح، أو الدفاع، أو التعبير عن وجهة نظره، وهو الأقدر على تقديم الحلول. وبذلك تتحقق الفائدة من دور الصحافة المحلية، ويفضي كل ذلك إلى إيجاد حل لمشكلة معيشية، اقتصادية هامة. ولكن وضعنا المحلي الحالي يعاني من تكوّن مناعة، وممانعة كبيرة، لدى كثيرٍمن مسؤولينا، وقدرة عجيبة على تجاهل كل ما يكتب، وبذلك يبقى القارئ ضائعاً، لأن فضوليته في معرفة ماذا سيحدث مستقبلاً تبقى غير مشبعة، ولذلك تنطبق على هذه الحالة المقولة الشعبية: "عمك أصمخ"، أي أصم!! لتعبر عن حالة الصمت المطبق، التي يمارسها كثير من المسؤولين الحكوميين.

قد يقول قائل إن هناك تحسنا في الوضع، بحيث إن سلطة الرقيب لم تعد شديدة، كما كانت في الماضي، وهذا صحيح، وهو ما يتيح فرصة لطرح الكثير من الهموم المعيشية، ولكن حلّت اليوم محل سلطة الرقيب، سياسة التطنيش، وعلى كل المستويات، (إلا ما ندر). وهنا سأسترجع تجربة شخصية من واقع عملي السابق في الحكومة، حيث كان محددا لمسؤولي وزارة المالية، اجتماع مع رجال الأعمال، في إحدى الغرف التجارية، وكانت أكبر قضية بالنسبة لرجال الأعمال في ذلك الوقت، هي تأخر صرف مستحقاتهم من قبل الحكومة، وقبل الاجتماع عقد اجتماع تحضيري داخل الوزارة، اقترح فيه أحد المسؤولين أنه عندما يثار الموضوع من قبل رجال الأعمال، فمن المناسب أن يقترح تشكيل لجنة مشتركة من المسؤولين الحكوميين، ورجال الأعمال، لبحث الموضوع، وعندما ذكّر أحد الحاضرين بأن ذلك الاقتراح قد سبق أن طرح قبل ثلاث سنوات، ولم تجتمع اللجنة، أجاب صاحب الاقتراح، بأن الناس لابد أنهم قد نسوا الموضوع السابق، ومن ثم يمكن طرحه من جديد، لإلهاء الحاضرين.

هذه هي مع الأسف نظرة كثير من المسؤولين الحكوميين، ولا أعتقد أن كثيراً قد تغير اليوم، ولكل ذلك لا أعتقد أنه يحق لصحافتنا ادعاء مسمى السلطة الرابعة، لأنه لا سلطة لها، وتأثيرها مازال هامشياً، وغير ذي بال.