بدأت صناعة التمويل الأصغر في لبنان في فترة التسعينيات و بأواخر عام 2008 أصبح السوق اللبناني خامس الأسواق العربية في صناعة التمويل الأصغر من حيث عدد العملاء النشطين و لكن مع ذلك فمازال سوق ناشئ ذو نسب نفاذ منخفضة بعض الشئ و لقد استطاعت مجموعه محبي التمويل الأصغر عمل حوار مع الدكتور يوسف فواز المدير التنفيذي لمؤسسه المجموعه و هي من أهم مؤسسات التمويل الاصغر في لبنان للحديث عن التمويل الاصغر في لبنان قام بعمل الحوار حسن ابراهيم و إليكم نص الحوار .
س 1- ما نسب ومؤشرات الفقر في لبنان؟
حسب الدراسات الأخيرة الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية في لبنان تصل نسبة الذين يعيشون دون الحد الأدنى للفقر الى حوالي 28%. و8% معدمون، وجيوب الفقر تلف (حسب وزارة الشؤون الاجتماعية) مدن لبنان الكبرى، ومدخل بيروت الجنوبي بصورة خاصة، إلا ان الشمال والجبل موئلان للفقر ايضاً ولو ان التقارير لا تركز على هذه الحقيقة.
و تختلف مؤشرات الفقر في لبنان حسب التوزيع الجغرافي بين الحضر والريف.و لكن التقرير المذكور أعلاه يضع الحد الأدنى للفقر للذين يقل دخلهم اليومي إلى ما دون الأربعة أو خمسة دولارات أميركية في اليوم الواحد.
س 2- ما هي أهم مؤسسات التمويل الاصغر في لبنان؟ وما هي نسبة نفاذ تلك المؤسسات في السوق اللبناني؟
يعمل في لبنان عدد محدود من مؤسسات التمويل الأصغر أو بالأحرى الإقراض الأصغر (لتركيز أغلبها على تقديم خدمة الإقراض فقط مقابل عدد قليل يقدم خدمات مالية و غير مالية أخرى).
من أبرز هذه المؤسسات: الجمعية اللبنانية للتنمية-المجموعة، شركة أمين، مؤسسة القرض الحسن، مؤسسة مخزومي، مؤسسة إمكان، جمعية تنمية قدرات الريف بالإضافة الى بعض المصارف التجارية.
أما من ناحية نفاذ تلك المؤسسات في السوق اللبناني، فبالعودة إلى دراسة صادرة عن البنك الدولي عام 2009: لا يزال 50% من أصحاب المشاريع المجهرية و المتوسطة غير مستدهفين من تلك المؤسسات و قد تم اعتبارهم بالتالي زبائن محتملين و قد تبين أيضاً أن 65% منهم يحتاجون إلى قروض تتجاوز ال 6000$ مما يعني الحاجة إلى تطوير برامج أكثر من مجهرية.
س3- ما هي الخطوات التي تتخذها المؤسسات اللبنانية لزيادة حصتها من السوق اللبناني؟
إن جميع مؤسسات التمويل الأصغر تسعى الى زيادة حصتها من السوق و ذلك من خلال التموضع واعادة التموضع عبر الخدمات المقدمة وتطوير هذه الخدمات و تقديم منتجات جديدة تصب جميعها في مصلحة العميل.
فجميع هذه المؤسسات تسعى الى دراسة برامج ومنتجات جديدة لتقديم خدمات مالية متنوعة لذوي الدخل المحدود لاسيما اصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة. كما تسعى بعض تلك المؤسسات الى تقديم خدمات غير مالية من خلال تطوير المشاريع الصغيرة وذلك عبر تدريبات تقنية وإدارية، مساعدة في التسويق و غيرها. كل ذلك أدى ويؤدي الى استبقاء الزبائن الحاليين و استقطاب زبائن جدد و بالتالي زيادة الحصة من السوق.
بالاضافة الى ذلك تعتبر الرسملة وجذب الاستثمارات من أبرز المسائل التي تسعى اليها جميع المؤسسات الأمر الذي يؤدي الى النمو والانتشار وزيادة حصتها من السوق.
س4- هل يؤثر الصراعات السياسية وعدم الاستقرار الامني في البيئة اللبنانية على ممارسة الصناعة؟ وهل تساعد البيئة القانونية والتشريعة الصناعة على النمو؟
بالتأكيد تلعب الصراعات و مخاطر الامن دوراً مركزياً في ممارسة وتطور الصناعة خاصة في ظل تنوع هذه المخاطر والتي بلغت ذروتها إبان عدوان اسرائيل الأخير على لبنان والتهديدات الاسرائيلية المستمرة ناهيك عن النزاعات الداخلية المسلحة والهزات الامنية إضافة الى الصراعات السياسية الداخلية.
إن عدم استقرار الوضع الامني والسياسي ينعكس سلباً على الوضع الاقتصادي العام للبلد و لاسيما وضع اصحاب المشاريع الصغيرة فتتعاظم خسائر الزبائن والمؤسسات على السواء. فقد أدى مثلاً العدوان الاسرائيلي والنزاعات المسلحة الى ركود العجلة الاقتصادية وانكماش السوق.
و في محاولة لإدارة المخاطر الخارجية ومخاطر الامن، وضعت بعض المؤسسات سياسات واجراءات خاصة لمثل تلك الحالات بالاضافة الى خطط طوارىء و ذلك من خلال الد روس المستفادة لتجارب الحروب السابقة ، كل ذلك أدى و يؤدي الى محاولة التحكم بالخسائر نظراً لاستحالة إلغاء المخاطر الخارجية تماماً.
أما بالنسبة للبيئة القانونية والتشريعية في لبنان، فهي حتى الآن لم تساعد الصناعة على النمو ولا يوجد قانون خاص بالتمويل الاصغر وقد يعود ذلك لان عمر الصناعة لايزال صغيراً نسبياً، لكن الجهات المشرعة و البنك المركزي بدأووا بالتعرف مؤخراً على هذه الصناعة من خلال مشاركاتهم في مؤتمرات سنابل في العامين المنصرمين اضافة الى بعض الاجتماعات و المقابلات مع الجهات المعنية بهذا الشأن.
س5- كيف ترى سيادتكم مستقبل صناعة التمويل الاصغر في لبنان؟
لقد فرضت هذه الصناعة نفسها في السوق اللبنانية خاصة في مجال مساعدة الفقراء وهناك مؤسسات أكدت استمراريتها المالية والتشغيلية وقدرتها على التصدي للازمات خاصة بعد الازمة الاقتصادية العالمية.
كما يتضح ذلك من خلال إدخال الجهات المانحة التمويل الاصغر كركن أساسي في برامجها المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية. اضافة الى ان المنافسة بين المؤسسات على الساحة اللبنانية تشجعها على تقديم افضل الممارسات وتحسين الاداء والتي تصب جميعها في النهاية في مصلحة العميل.
س 6 – كيف كانت تجربة سيادكم في رئاسة مجلس إدارة شبكة التمويل الاصغر للبلدان العربية؟
إن لشبكة التمويل الاصغر في العالم العربي دور ريادي واساسي في دفع الصناعة الى التطور، وإن العمل مع فريق يؤسس لشبكة عربية للصناعة، من خلال توفير خدمات التدريب و التعريب والتشبيك اضافة الى دعم ومساعدة المؤسسات لتأسيس شبكات وطنية، يعتبر أمراً في غاية الأهمية.
و من هنا ادعو جميع المؤسسات العاملة في هذه الصناعة الى تفريغ جزء من وقتها للشبكات العربية والوطنية الأمر الذي سوف يؤدي حتماً الى استفادة الجميع.
س7- ما رأي سيادتكم للوضع الحالي والمستقبلي للتمويل الاصغر في البلدان العربية؟
لاتزال الصناعة في العالم العربي في أول الطريق حيث أن سوق العالم العربي لا يزال غير مغطى بمعظمه حيث تجد تغطية مرتفعة في عدد من الدول، إلى تغطية أقل في دول اخرى و صولاً الى انعدام وجود الصناعة في بعض الدول.
و المسار ما زال طويلاً في عالمنا العربي، حيث ما زلنا نقدم خدمات الإقراض الأصغر وليس التمويل الأصغر ولم نستطع حتى الآن تلبية إحتياجات السوق من التأمين الاصغر والادخار وغيرها من الخدمات المالية الشاملة للفقراء.
س8- ما رأي سيادتكم في التمويل الاسلامي وهل يوجد فعلا نموذج فعال أم هي مسميات فقط لراحه العميل وزياده اقبالة على التمويل؟
لا تزال تجربة التمويل الاسلامي خجولة ولا يمكن الحكم عليها حالياً ، فقد تمت تجربة هذا المنتج في لبنان ولم نلقى التجاوب الذي كنا نتوقعه، لكننا سوف نستمر في تطوير البرامج والتجارب والدراسات لنرى ما اذا كان المنتج الاسلامي المقدم لا يتناسب والشروط الاقتصادية والاجتماعية لذوي الدخل المحدود أم هو غير مناسب للسوق والفئة المستهدفة ام انه لايوجد سوف فعلياً؟ لم نصل الى نهاية المطاف بعد وهو سؤال لا زالنا نطرحه على انفسنا في سعينا الدائم الى جعل منتجاتنا تتجاوب مع احتياجات و ظروف الزبون لان المصلحة الاولى والاخيرة تبقى في راحة و رضى الزبون.