تشهد بعض البلاد في وطننا العربي الآن إضطرابات أمنية بسبب الثورات المتلاحقة المنتقلة من بلد إلي أخري لمواجهة الفساد و الفقر و البطالة و من الطبيعي أن تتأثر جميع قطاعات الدولة التي يحدث فيها مثل هذه الإضطرابات و علي كل قطاع أو صناعة قائمه أن تتخذ بعض الإجراءات الإحترازية لحماية نفسها أثناء فترات القلقلة الأمنية للوصول الي بر الأمان بعد تلك الفترات العصيبة التي تنهك الدولة و المواطنين.
إن من أهم الآليات التي يجب أن تتخذها مؤسسات التمويل الأصغر أثناء الإضرابات الأمنيه هي الإستجابة السريعة لسياق الأحداث المحيطة حيث يتوجب عليها أن تخطو بحذر و أن تكون أكثر حساسية للتغيرات السياسية التي يمكن أن تؤثر عليها تأثير شديد كما يجب علي تلك المؤسسات مزاولة النشاط الإئتماني بطريقة محسوبة يحكمها وضع سياسات حذرة لا تتسم بالإنفتاحية كما أنها يجب أن تخاطب العنصر البشري فيها فيجب أن تهدف سياساتها التحفيزيه إلي تحقيق التوازن بين تشجيع موظفيها علي الخوض في المخاطر الإئتمانية و ضمان الأداء الجيد كما يجب أن تكون مستعدة من حين لآخر لفقدان جزء من القروض حيث أن نسب الإسترداد مما لا شك فيه أنها سوف تتأثر أثناء الأزمات الأمنية و مواجهة التكاليف المرتفعة للموظفين و الأمن و المواصلات كما يجب عليها أيضا أن تتكون محافظها من فئات مختلفة من العملاء و عدم إعتمادها علي فئة بعينها من العملاء كما يجب عليها أيضا عدم التفريط في المبادئ الرئيسية للإقراض مثل الإحتفاظ بمحافظ قروض عالية الجودة و فرض أسعار فائدة تعتمد علي السوق و التخطيط لتغطية جميع التكاليف و يجب عليها أيضا دراسة إحتياجات العميل و قياس قدرته علي إستخدام الخدمات المالية فتقديم القروض لأشخاص غير قادرين علي السداد يؤدي الي زيادة درجة الفقر و إنعدام الأمن فمن الأفضل في تلك الحالات تقديم خدمات أخري مثل الإدخار أو التحويلات النقدية أو التأمين.
و لقد تعرض مؤتمر الشبكة العربيه للتمويل الأصغر (سنابل) الأخير و الذي تم انعقاده في سوريا أول يونيو من العام الماضي لهذا الموضوع حيث أن أحد جلساتة كانت بعنوان التمويل الأصغر في فترات الأزمات وما بعد الصراع و كان من المتحدثين الأستاذ أنور جيوسي حيث أشار إلي أن ممارسات التمويل الأصغر أثناء الأزمات يجب أن تعتمد علي التنويع في المنتجات كالإقراض الفردي و الجماعي و غيرها ن القروض و أيضا يجب مراجعة السياسات و تقييم الأداء و رفع معنويات موظفي المؤسسة خلال الحصار ومنع التجول والتعويض لهم.
و لقد أطلقت عدد من المؤسسات المالية فى مصر عدة مبادرات للتيسير على المواطنين فى ظل الظروف الحالية التى تشهدها البلاد، حيث قرر البنك الأهلى المصرى تيسيراً على عملائه، تأجيل سداد القسط الخاص بشهر يناير والمستحق سداده فى 15 من الشهر الجارى إلى نهاية مدة القرض، وذلك لعملائه من أصحاب مشروع إحلال التاكسى كما أعلن الصندوق الاجتماعي للتنمية عن تأجيل الأقساط والفوائد المستحقة على كافة عملائه لمدة ثلاثة أشهر و ذلك في إطار توجهات الدولة للحد من الآثار السلبية الناتجة عن الأحداث الراهنة وللحد من الخسائر التي نتجت عن توقف تلك المشروعات الصغيرة في الأيام الماضية وضعف إنتاجها ومبيعاتها كما يتوجه الصندوق إلي أن المشروعات المتضررة بشكل كامل سوف يتم دراسة موقفها الائتماني ومعالجة مواقفها ومساعدتها علي التواجد مرة أخرى في السوق.
إن صناعة التمويل الأصغر في كل من مصر و تونس و العراق و لبنان و فلسطين و ربما اليمن تحتاج في الفترة القادمة إلي آليات فعالة لإدارة أزمه الإضطراب الأمني و أعتقد أننا كممارسين للصناعة في الوطن العربي نمتلك تلك القيادات القادرة علي قيادة قاطرة الصناعة و الوصول بها إلي بر الأمان بأقل الخسائر إن شاء الله.