تأثير الأزمة في مصر على الاقتصاد في المنطقة والعالم ...!!!

09/02/2011 1
د . جمال شحات

لا يستطيع اى متابع  للاحداث السياسية والازمة التى تمر بها مصر فى الايام الاخيرة الا ويدرك حجم الاثار والتداعيات الاقتصادية على مصر والمنطقة العربية والشرق الاوسط بل لا اكون مبالغا لو قلت وعلى العالم بأسره...!!! فنظرا لموقع مصر يجعلها مؤثرة بدرجة ما في المشهد الاقتصادي الإقليمي والدولي، ولان الأحداث المشتعلة فيها مسّت مباشرة أسواق النفط والأسهم.

وقد أشاعت تلك الأحداث قلقا من احتمال غلق قناة السويس مما ساعد على صعود سعر خام برنت الأوروبي فوق 100 دولار للمرة الأولى في ثمانية أشهر. فقناة السويس التي تصل البحر المتوسط  بالأحمر هي أحد الممرات الهامة التي ينقل عبرها النفط والغاز من الشرق الأوسط إلى أوروبا والولايات المتحدة, ويعني غلقها سلك طرق بحرية أطول, وبالنتيجة ارتفاع تكلفة الشحن والتأمين على الناقلات.

وفي هذا السياق, بدت إسرائيل قلقة جدا من احتمال انقطاع إمدادات الغاز المصري, وذلك بقدر قلقها من تغيير سياسي جذري يعرض معاهدة السلام المبرمة مع مصر في 1979 للخطر. ومن المعروف ان مصر وإسرائيل وقعتا في 2005 اتفاقية تصدر بمقتضاها الأولى إلى الثانية 1.7 مليار متر مكعب من الغاز سنويا لمدة 20 عاما. ويقول خبراء اقتصاد إسرائيليون إن وقف تلك الإمدادات يعني أن مصر ستخسر أربعة مليارات دولار سنويا....!!!( مع تحفظى على وجة نظرهم !!!)

وقد امتد تأثير الوضع في مصر إلى بورصات المنطقة التي سجلت في الأيام القليلة الماضية هبوطا كبيرا, وبدرجة أقل إلى البورصات الأوروبية والآسيوية والأميركية. وفي الساعات الأولى من التداول بالبورصة الأميركية فقد انخفضت المؤشرات الثلاثة طفيفا, وعزا محللون الانخفاض إلى ما يجري في مصر.

وقد هون دومينيك ستراوس مدير صندوق النقد الدولي من أثر الأحداث الجارية بمصر، قائلا إنه لن يكون لها تأثير بعيد المدى على الاقتصاد العالمي, ومشيرا إلى أن مصر ليست من الدول النفطية الكبيرة وان كان فى سياق كلامه لم ينف الاثر السلبى و خاصة على المدى القصير. فاذا اضفنا الى ذلك الاثر العالمى او الدولى الاثر الاقليمى على دول منطقة الشرق الاوسط عامة ودول المنطقة العربية خاصة وذلك لانها تتفاعل مع مصر لكونها دولة محورية بالمنطقة وخصوصا للعلاقات التى تربط دول المنطقة بمصر من حيث السياحة وتوافد السائحين على مصر ..

ناهيك على الجانب الاهم وهو الاستثمارات التى لدول المنطقة فى مصر والاثار المباشرة  السلبية لهذه الاستثمارات واخص بالذكر الاستثمارات السعودية والكويتية والامارتية فى مصر حيث لهذ الدول العديد من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة بل وبعض الشركات مثل صافولا واعمار والخرافى وغيرها الكثير  مما سيؤدى الى وضوح الاثر فى الاجلين القصيى والطويل ...!!! وقد اتضح جزء من هذه الاثار فى هبوط معظم اسعار اسهم هذه الشركات بمجرد بداية الاحداث فى مصر وتأثيرها على اسعار الشركات المدرجة بأسواق الاسهم فى هذه الدول وغيرها ...!!

فاذا اضفنا الى الاثار السابقة والتى ظهرت بوضوح وبطريقة مباشلرة وفى اعقاب الازمة مباشرة فاننى اعتبر ان الاثار التى ستظهر بعد ذلك والتداعيات التى ستخلفها هذه الازمة ستكون اشد وطأة واكبر تأثيرا ...!!! ولعل مما يزيد تلك الاثار – فى راى على الاقل – هو عدم وضوح الرؤية وعدم تحديد مدى تفاعل الازمة وتداعياتها على المستوى السياسى والاجتماعى فى المدى المنظور ...!!! ناهيك على ان عدم وضوح  عوامل الاستقرار السياسى وبالتبعية الاستقرار الاقتصادى ستترك اثرا بالغا لن يمحى فى فترة قصيرة ..!!!

ان اثار تلك الازمة على الاقتصاد المصرى واضحة جدا لكل ذى عينين ..!! اما اثار تلك الازمة على دول المنطقة والعالم فلاشك انها ستحتاج لمزيد من الوقت لمعرفة تأثيرها المباشر وحجمه على على دول المنطقة والعالم ...!!! ولاعجب فى ذلك فقد ذكرت بعض بيوت الخبرة والمال على تأثيرات على العالم بأثره وخاصة فيما يخص اسعار البترول وتكلفة النقل ..!!!

وقد بدا بوضوح أن الحركة الاحتجاجية الجارية في مصر للأسبوع الثاني قد أثرت مباشرة  ليس فقط على الاقتصاد المصري الذي خسر مليارات الدولارات في غضون أيام قليلة-, وإنما أيضا على الاقتصاد العالمي مع صعود أسعار النفط, وهبوط وتذبذب مؤشرات بعض البورصات بالمنطقة والعالم.

وفي الأيام الأولى من الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة في عهد الرئيس حسني مبارك, هوى مؤشر البورصة المصرية مما نتج عنه خسائر قدرت بما لا يقل عن 12 مليار دولار. واضطرت السلطات المصرية إلى غلق البورصة –وهي من أكبر البورصات في المنطقة- كما علقت نشاط البنوك خوفا من أعمال النهب التي حدثت عقب موجة المظاهرات الأولى.

ومع أن رئيس الحكومة المصرية الجديدة الفريق أحمد شفيق اعتبر أن الأحداث الجارية لم تؤثر بعد على سير الحياة العادية, فتؤكد معطيات كثيرة أن الاقتصاد المصري تأثر سلبا بدرجة غير معلومة مع تعطل مرافق حيوية على رأسها البنوك التي عادت الى العمل وان لم يكن بصورة كاملة. وقد قلصت وكالة فيتش التصنيف الائتماني لمصر درجة واحدة, كما تم خفض تقييم ما لا يقل عن خمسة بنوك مصرية .

ولا شك في أن مصر قد تأثرت أيضا بمغادرة آلاف السياح الغربيين، إذ إن السياحة من الشرايين الرئيسة للاقتصاد المصرى ( تساهم بحوالى 14% من الدخل القومى ) في حين تؤكد تقارير تعطل بعض الموانئ المصرية لفترات مختلفة وبدرجات متفاوتة وخاصة الاسكندرية والسويس والتان كانت فيهما الاحتجاجات بصورة اشد من غيرهما ...!!

اما عن سلوك دول الشرق الأوسط فهوان  تغييرا في الطريقة التي تنظر بها والتغييرات التي واجهتها  في خلال الأسابيع القليلة الماضية(سياسة الوضع الراهن)' بين الحكام والمحكومين فلم تعد واضحة في أجزاء كثيرة من الشرق الأوسط كما ان الاتفاقات غير واضحة. وسيتعين على الحكومات في الشرق الأوسط  أن تصبح أكثر انتباها وتلبية للاحتياجات الأساسية مثل فرص العمل ، والمواد الغذائية بأسعار معقولة ، وتوزيع أكثر عدلا لشعوبها.

وستكون دول الخليج في وضع أفضل لضبط الاقتصاد الكلي وتلبية  الضروريات بطريقة أكثر مرونة   بسبب عدد السكان الأصغر ، ولكن هل بعض دول الخليج ستكون قادرة وعلى استعداد لتقديم الدعم المالي والمساعدة الاقتصادية لحماية مصالحها ؟!! فهذا سؤال إجابته لن تكون بالسهلة.

ان تداعيات الازمة فى مصر والآثار السياسية والاقتصادية على مصر ودول الشرق الاوسط والعالم ستكون كبيرة وبدرجات متفاوتة وعميقة وبصور متعددة ولكن من الصعب الان حصر هذه التاثيرات بصورة دقيقة ..!! مع دعواتي الصادقة بان يخفف الله عزو جل اثار هذه الازمة وتداعياتها على امتنا وشعوبنا انه ولى ذلك والقادر عليه.