أصدر حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير البلاد، حفظه الله، توجيهاته بصرف مبلغ ألف دينار كويتي (حوالي 3550 دولارا بمعدل صرف اليوم)، بمناسبة العيد الذهبي لاستقلال دولة الكويت، والعشريني لتحريرها، والخامس لتولي سموه مقاليد الحكم في البلاد، وقد طالعتنا الصحف أنه بالإضافة إلى المكرمة الأميرية سوف تصرف المواد التموينية مجانا لمدة سنة تقريبا. وأخذا في الاعتبار التوقعات المعقولة لأعداد السكان من المواطنين الذين من حقهم صرف المكرمة في 2011/2/1، فإن تكلفة المكرمة الأميرية سوف تصل إلى حوالي 5000 مليون دولار.
تقديراتي لتكلفة المكرمة الأميرية تقوم على الفروض الآتية: بما أن عدد السكان في 2010/6/30 وفقا للهيئة العامة للمعلومات المدنية هو مليون و133 ألف نسمة، وأن عدد المواليد المتوقع من 2010/6/30 حتى 2011/2/1 هو حوالي 17 ألفا، وعدد الوفيات المتوقع خلال الفترة من 2010/6/30 حتى 2011/2/1 هو 1500 نسمة تقريبا، فإنه بهذا الشكل يكون صافي عدد السكان المتوقع في 2011/2/1هو 1.148.5 مليون نسمة، ومن ثم تكون التكلفة النقدية المباشرة للمكرمة هي 1.149 مليار دينار تقريبا.
من ناحية أخرى، أشارت صحيفة الى ان التكلفة التقديرية لقيمة المواد التموينية التي ستصرف مجانا حوالي 230 مليون دينار، بأسعار اليوم، والتي ستعد وفرا في الإنفاق بالنسبة للمواطنين، وأخذا في الاعتبار التوقعات التضخمية المستقبلية في الأسعار العالمية للغذاء والتي لن تقل عن %10، فإن تكلفة المواد التموينية سوف تصل إلى حوالي 250 مليون دينار. بهذا الشكل يبلغ إجمالي تكلفة المكرمة حوالي 1.399 مليار دينار، والتي تعادل 5000 مليون دولار تقريبا بمعدل صرف الدولار اليوم. لا شك أن دوافع صرف المكرمة متعددة، خصوصا أن هذا اليوم هو العيد الذهبي للاستقلال، والاستقلال ذكرى عزيزة جدا على الشعوب، يجب أن تفرح فيها وبها. هدفي من هذه الرسالة هو تقييم الآثار المتوقع ان تترتب على المكرمة بصورة علمية ومن دون مبالغة. تصوراتي هي الآتي:
• أولا: إن المداخل النظرية لعلاقة الاستهلاك بالدخل غالبا ما تربط الاستهلاك بالدخل الدائم Permanent income (القيمة الحالية للدخول المتوقع ان يحصل عليها الشخص من مصادر الدخول المختلفة طوال حياته)، وبما أن المكرمة الأميرية ليست من مصادر الدخل المتوقعة، وإنما تدخل في إطار ما يطلق عليه علماء الاقتصاد الدخل العرضي أو الطارئ Transitory income، فإنه من المفترض وفقا للتحليل الاقتصادي الكلي، أن هذا الدخل الطارئ لا يوجه نحو الاستهلاك (لأن الاستهلاك يعتمد على الدخل الدائم وليس الطارئ)، وبالتالي يفترض ان يوجه إما إلى زيادة مستويات الادخار للمواطنين، أو استخدامه في سداد ما عليهم من التزامات مالية. غير ان استطلاع آراء الزملاء والأصدقاء ورسائل المدونات التي وصلتني والحوارات المختلفة حول خطط التصرف في المكرمة على الفيس بوك تشير إلى أن الواقع العملي لا يسير على هذا النحو المفترض نظريا، فمن الواضح أن اتجاهات التصرف في المكرمة، بعضها يسير مع مدخل الدخل الدائم في نظرية الاستهلاك، أي ان البعض سوف يدخر هذه المكرمة، والبعض الآخر قد اعد بالفعل قائمة مشترياته بقيمة المكرمة.
• ثانيا: يتوقع مع المكرمة أن ترفع مستويات الإنفاق الاستهلاكي، سواء على السلع الاستهلاكية المعمرة، أو غير المعمرة. أغلب الظن أن مبيعات سلع مثل السيارات والمجوهرات والساعات والأجهزة الالكترونية والهواتف النقالة وسلع الاستهلاك الشخصي كالملابس والأحذية والحقائب،... الخ سوف تشهد زيادة في الشهرين القادمين، من ناحية أخرى من المتوقع ان تتزايد حالات السفر إلى الخارج، وفي جميع الأحوال يتوقع ان يتزايد مقدار التسرب من الإنفاق Leakage نظرا لارتفاع درجة انفتاح الاقتصاد على العالم الخارجي واعتماده بصورة أساسية على الواردات.
• ثالثا: في مقال له بعنوان المنحة الأميرية والتضخم، أشار زميلي د. رياض الفرس الى أن تقديراته لقيمة المنحة (والتي قدرها بحوالي 1130 مليون دينار، وذلك وفقا لبيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية لأعداد المواطنين في 6/30 الماضي) والتي تقل كثيرا عن الرقم المعلن للكلفة الاجمالية المقدرة والذي قدر بحوالي 1360 مليون دينار أخذا في الاعتبار تكلفة السلع التموينية، سوف تمثل %9.7 من إجمالي الاستهلاك الخاص (وفقا لبيانات 2009)، وهذه النسبة المرتفعة لتكلفة المكرمة لا شك تثير التساؤلات حول الأثر المتوقع للمنحة على الإنفاق الخاص، ومن ثم المستوى العام للأسعار. لكن في وجهة نظري، أن هناك مبالغة في الأثر المتوقع للمكرمة على التضخم، فمن المعلوم ان معظم السلع التي نستهلكها في الكويت تأتينا من الخارج، وأسعار هذه السلع لا تعتمد على مستويات إنفاقنا هنا، بقدر ما تعتمد على تطورات تكلفة إنتاج هذه السلع في الدول المنتجة لها، وتطورات معدل صرف الدينار الكويتي، وهذا الأخير يشهد استقرارا واضحا منذ فك الربط مع الدولار. إذن لا أعتقد أنه سوف يكون هناك اثر متوقع من جانب التضخم المستورد. بالنسبة للتضخم المصنوع محليا، من المؤكد انه ستكون هناك ضغوط تضخمية نتيجة المكرمة، فمما لا شك فيه ان المكرمة ستزيد من القوة الشرائية للأفراد، وترفع من مستويات الإنفاق، وهو ما قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية في القطاع المحلي، بصفة خاصة الخدمات، ولكن بشكل عام سوف يكون وزن هذا الأثر محدودا في الرقم القياسي العام للأسعار.
• رابعا: المكرمة لا شك تحمل أخبارا سارة للأفراد، لأنها بالطبع تشكل زيادة طارئة في دخولهم، وترفع من مستويات رفاهيتهم في الأجل القصير. كذلك تحمل أخبارا سارة لقطاع الأعمال الخاص، فلا شك ان كل الشركات الكويتية العاملة في مجال التجارة والخدمات، سوف تشهد نموا كبيرا في الإنفاق عليها خلال النصف الأول من هذا العام، وهو ما سوف يرفع من رقم أعمال هذه الشركات وأرباحها ومن ثم أسعار أسهمها في البورصة، باختصار أتوقع ان يشهد القطاع غير النفطي معدلات مرتفعة من الإنفاق خلال نصف السنة القادم.
• وأخيرا لدي أربع نصائح: نصيحتي الأولى موجهة للذين يشتكون من أنهم يرزحون تحت الديون الشخصية وفوائدها والذين يدعون أنها تقصم ظهورهم، ويطالبون بأن تتحمل الدولة عنهم هذه الديون، أو تكاليف فوائد هذه الديون من المال العام، أو من حقوق الأجيال القادمة في الكويت، ها قد جاءكم الفرج، فليحرص كل مدين على استخدام مبلغ المكرمة بالكامل في التخفيف عن أعباء ديونه أو فوائدها، خصوصا أننا نتحدث عن مبلغ ليس بالهين على مستوى الأسرة. فبفرض ان متوسط عدد الأبناء في الأسرة الواحدة هو 5، فإن نصيب الأسرة الواحدة من المكرمة في المتوسط سوف يصل إلى حوالي 7000 دينار، من المؤكد أنها يمكن أن تساعد عل خفض رصيد الديون الشخصية وفوائدها بصورة كبيرة، بحيث يطوى هذا الملف بصفة خاصة لصغار المقترضين.
• نصيحتي الثانية للآباء، ولي الأمر حفظه الله: عندما أعلن عن منح المكرمة لم يمنحها لكل أسرة كويتية، وإنما لكل فرد كويتي، ومن ثم فإن كل فرد يحمل الجنسية الكويتية من حقه ان يستقل بهذه المكرمة لنفسه، لست مفتيا حتى أفتي بحرمة استئثار الآباء بالمكرمة المخصصة لأبنائهم، ولكني أعتقد أن المكرمة من حق الأولاد، والواجب علينا أن ندخرها لهم حتى يكبروا ويرشدوا، ويكون لديهم القدرة على التصرف السليم فيها، فنردها لهم. بهذا الشكل نكون قد ضربنا عصفورين بحجر واحد، الأول اننا حفظنا حقوق أبنائنا، والثاني أننا أبعدنا المبالغ المخصصة من المكرمة من الاستهلاك الترفيهي الضار إلى الادخار الذي هو مفيد للمجتمع.
• نصيحتي الثالثة لباقي سكان الكويت: لا شك أن ولي الأمر عندما قرر منح المكرمة لم يكن يقصد ان ننثرها هكذا هباء على سلع الاستهلاك التفاخري أو السفر بها إلى الخارج.. الخ، لا شك عندي ان مثل هذه التصرفات هي أيضا تصرفات ترفع من مستويات الرفاهية، على الأقل مؤقتا، ولكن علينا ان نكون أكثر رشدا في التعامل مع هذا الدخل العرضي، وان ندخره أو نستثمره، بما يعود علينا وعلى الوطن بالنفع.
• نصيحتي الرابعة هي لوزارة الإعلام ولوسائل الإعلام: الآن جاء دوركم في تكثيف حملاتكم الإعلامية، ونشر اكبر عدد ممكن من الموضوعات لتوعية المواطنين وتوجيههم حول أفضل السبل للتعامل مع المكرمة، وكيفية استثمارها في مستقبل الأسرة، وبما ينفع البلد بشكل عام، ولا يضر باقتصاده، واستضافة المتخصصين لطرح السبل الممكنة لاستثمار هذه الأموال وطبيعة المشروعات التي يمكن ان توجه إليها هذه الأموال.
ماشاء عليك يادكتور كلام ن ذهب ...... كلام مقتطف من كويتي الكويتي دائما يحصل علي هبات ومكرمات وخاصة بالأعياد من عشرات السنين وبحكم الشيخ صباح الأحمد من2006:1مكرمة200دينار في2006#2زيادة معاشات المتقاعدين2007#3زيادة معاشات المواطنين من الحكومة50دينار والأمير زادها 120دينار بدل غلاء ب2008# 4مكرمة200دينار ب2009 وهدية أسهم مجانية لبنك أسلامي بقيمة600دينار#5رفع معاشات المتقاعدين2010#6مكرمة1000 دينار ب2011. الحمد لله أموال البلد تدار من الحكومة والمجلس.
وهذه هي الطريقةُ الثانية والبديلة (إعانة مباشرة للدخل) لإيصالِ الإعانات (المقبولة شرعاً وقانوناً في منظمة التجارة العالمية) إلى مستحقيها المستفيدين (مواطنو البلد) .. بدلاُ من الطريقةِ الحالية (إعانة السعر) عندنا بالمملكة في أسعار السلع والخدمات من كهرباء وماء ومحروقات وشعير.. وغيرها وغيرها!!,, والتي يذهب جُلها إلى غير المستحقين لها (كبار التجار والأجانب)!!!!! ... وبالتالي المساهمة في رفع معامل جني لتوزيع الثروة في المملكة فوق 50%!!