حقائق استثمارية حول استضافة قطر لكأس العالم (2): (استيراد الاسمنت)

21/12/2010 15
د. أحمد المزروعي

في الاسابيع الماضية ومنذ فوز ملف قطر بتنظيم كأس العالم لعام 2022 استمتعنا بالعديد من الأطروحات حول الشركات التي ستستفيد من تنظيم قطر لهذه المناسبة العالمية وللأسف فإن أغلب هذه الاطروحات تفتقد بشكل وآخر لمعرفة مايدور داخل الاقتصاد القطري ..

ولنأخذ مثال واحد فقط وهو مايدور حول رغبة شركات الاسمنت السعودية لرفع حظر التصدير والتي عللها البعض باتاحة هذه "الفرصة التاريخية" حسب قولهم للشركات بالاستفادة من ذلك وبالتأكيد فإن أصحاب هذا الرأي يبدو أنهم غير مطلعين تماما على حقيقة الوضع فصناعة الاسمنت في قطر خلال هذا العام والأعوام القادمة مختلفة تماما عما كان الوضع عليه قبل 5 سنوات..

قبل 5 سنوات أثناء بداية طفرة الانشاءات في دولة قطر كانت قطر دولة مستوردة بكثافة للاسمنت بسبب الطاقات الانتاجية المحدودة آنذاك حيث لم يكن هناك سوى شركة واحدة وهي "قطر للاسمنت" بطاقتها المحدودة التي لم تكن تتجاوز 1.5 مليون طن ومنذ ذلك الوقت ضاعفت الشركة انتاجها عبر مرحلتين (2007 و 2009) إلى 4.4 مليون طن حاليا ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فستدخل شركة الخليج القابضة بانتاجها قريبا بطاقة انتاجية قدرها 1.5 مليون طن وتنوي مضاعفته إلى 3 مليون طن بحلول عام 2012 أي ان الطاقة الانتاجية لدولة قطر ستصبح حوالي 7.4 مليون طن سنويا أي 5 أضعاف ما كان الحال عليه قبل 5 سنوات فقط ..

مع دخول المصنع الأول للخليج القابضة تصبح دولة قطر مكتفية من الاسمنت وسيصبح لديها فائض في عام 2012 بعد دخول توسعة الخليج القابضة ووصول الطاقة الانتاجية إلى 7.4 مليون طن سنويا حيث ان الطلب على الاسمنت في قطر في عز ذروة المشاريع (2008– 2009) كان بحدود 6 مليون طن...

بدأ الطلب على الاسمنت بالتراجع بشكل محدود في دولة قطر خلال عام 2010 مقارنة بعامي 2008 و 2009 ، ويتضح ذلك من خلال الانخفاض الكبير للكميات المستوردة من قبل قطر للاسمنت بعكس السنوات السابقة ، حيث يتوقع أن يكون الطلب بحدود 5.5 مليون طن في عام 2010 ويبقى على نفس الوتيرة خلال عامي 2011 و 2012 بسبب وصول بعض المشاريع الكبيرة التي بدأت سابقا لمراحل متقدمة وانتهاء عدد هام من مشاريع القطاع الخاص التي انخفض حجمها مقارنة بما كان الحال عليه خلال الأعوام السابقة..

وعندما نقول أن الطلب تباطأ في عام 2010 فإن هذا أمر نسبي حيث ان استهلاك 5.5 مليون طن سنويا يعد أعلى معدل في العالم بالنسبة لعدد السكان ولا يفوقه إلا ما حصل في دبي خلال الفترة 2004 – 2008 حيث تجاوز الطلب مستوى الـ 10 مليون طن لدبي وحدها في تقديراتي خلال عامي الذروة 2006 و 2007 ...

يتوقع ان يبقى الطلب على نفس المستوى في عامي 2011 و 2012 وأن يتم تغطيته بالانتاج المحلي لكن سيبدأ النمو مرحلة أخرى في عام 2013 مع تسريع انطلاق المشاريع الجديدة والمقررة سابقا..

رغم اكتفاء دولة قطر من الاسمنت حاليا وخلال السنوات القليلة القادمة لكن ستبقى مستوردا لمادة "الكلنكر" بسبب محدودية الطاقة الانتاجية بحدود 3.7 مليون طن فقط وستحتاج الشركتان القطريتان لاستيراد 2 مليون طن سنويا من الكلنكر بحد أعلى خلال السنوات القادمة .... وفي المقابل سيكون أمام الشركتين الكثير من الخيارات لاستيراد الكلنكر سواءا من الشركات الاماراتية التي تمتلك فائضا كبيرا أو من الشركات الباكستانية أو من الشركات الايرانية ، ومن السعودية تبدو "اسمنت السعودية" الشركة الوحيدة القادرة على التصدير لقطر نظرا لقرب المسافة بين مصنعها في الاحساء وقطر أما الشركات الاخرى فإنها بعيدة نظرا للتكاليف العالية لنقل "الكلنكر" عن طريق البر...

باختصار يمكننا القول أنه لايوجد فرصة تاريخية كما سمعنا في وسائل الاعلام مؤخرا والموضوع لايزيد عن فرصة محدودة لشركة واحدة هي "اسمنت السعودية" وربما قد تكون هذه الفرصة غير مغرية كثيرا فيما لو قامت الشركات الاماراتية والباكستانية بعرض اسعار منخفضة لفوائض الكلنكر لديها وهو الشئ المتوقع في أغلب الاحتمالات..