الاستثمار الرياضي وأندية الأحياء

22/08/2023 0
د.صالح السلطان

توسع الاستثمار في الأنشطة الرياضية توسعا ملحوظا، ووراء توسعه أسباب ونتائج، إذ هو نتيجة لتوسع الأرباح واقعا، وتوسعها توقعا في المستقبل القريب، وهو سبب لدفع السلطات والمجتمعات، إلى إعطاء هذا الاستثمار مزيد اهتمام، توسع الاستثمار الرياضي يدفع إلى نمو صناعة اقتصادية، وما يبنى عليها من أنشطة وخدمات، مجالات الاستثمار الرياضي في أي دولة من العالم واسعة، قد تكون عامة، وقد تتركز على المنشآت الرياضية، خاصة على أندية وفرق بعينها، توسع الاستثمار والحراك الرياضي في بلادنا استراتيجية، تستند إلى معايير ومشاريع تبنتها رؤية المملكة 2030، ضمن الاستراتيجية التنموية الوطنية العامة. ومتوقع أن تبلغ مساهمة القطاع الرياضي في بلادنا مليارات عدة سنويا في الوقت الحاضر، ومقارنة بأعوام قليلة ماضية، هذه زيادة لا تقل عن الضعف. طبعا للرؤية تأثير قوي في حصول هذا النمو، ومن أحدث أخبار توسع الاستثمار إعلان صندوق الاستثمارات العامة، في الشهر الماضي، تأسيس شركة سرج الاستثمارية بهدف دعم قطاع الرياضة في السعودية والشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ماذا عن دول أخرى؟ تقول مصادر كمجلة "فوربس" الأمريكية، إن دخل كرة القدم في البرازيل يشكل عنصرا أساسيا من إجمالي الدخل البرازيلي gross income، وتقول المجلة: إن حجم صناعة الرياضة في الصين بلغ نحو نصف تريليون دولار في كل عام من الأعوام الأخيرة، وتقول إن عدد العاملين في النشاط الرياضي نحو 30 مليون شخص، أي ما يمثل نحو 3 في المائة من عدد السكان، ولذا ليس غريبا رؤية اهتمام الصينيين بشراء أندية أو أسهم في أندية خارج الصين ومشهورة عالميا، وبصفة عامة، تقدر مصادر عديدة أن دول العالم تستثمر في وقتنا مئات المليارات من الدولارات في كل عام، لكنه لا يوجد جواب واضح عن حدود مساهمة الاستثمار الرياضي في التنويع الاقتصادي لدولة ما، لأن الجواب يعتمد على فرضيات وتوقعات، وعلى خلفية الشخص تجاه الموضوع وفهمه.

هناك قضية مهمة، تتلخص في معرفة مدى تأثير القوانين والتشريعات في أي دولة على تطوير الاستثمار الرياضي. اهتمت دراسات بالتعرف على تشخيص الأوضاع ومعرفة عوامل الجذب وعوامل الإعاقة وعوامل التحدي أمام الاستثمار الرياضي، تملك دول العرب، خاصة دول مجلس التعاون، إمكانات تمكن من التوسع القوي في الاستثمار الرياضي، في المقابل، هناك ضعف في نمو التسويق الرياضي، وهناك ضعف في توفير النشاط الرياضي ذي الطبيعة الصحية والتعليمية للصغار. وهو موضع نقاش في الفقرات الأخيرة من هذا المقال، هناك قضايا مهمة أخرى. إن الاستثمار الرياضي في أي دولة يتطلب جودة التنسيق وجودة اختيار وبناء المشاريع، وحسن استخدام الموارد. كما أن من المهم وجود تنسيق قوي بين الاستثمارات المختلفة، بما يساعد على الوصول -قدر المستطاع- إلى النتائج الأكثر كفاءة، والأكثر استفادة من الألعاب والبطولات لتحقيق إنجازات علمية من تقنية وغير تقنية، في إطار الحديث عن الاستثمار الرياضي، يثار سؤال عن الصناعة الرياضية وسوقها، هناك أكثر من تعريف، وهناك أكثر من منهج. وطور اقتصاديون مهتمون بالموضوع طوروا نماذج اقتصادية رياضية تحوي قطاعات رياضية متنوعة، وفي هذه النماذج ذكر أن الصناعة الرياضية تحوي قطاعين أساسيين: قطاعا منتجا وقطاعا داعما.

ماذا عن النشاط الرياضي لطلاب المدارس خارج وقت الدراسة، خاصة في أيام الإجازات؟

يتساءل كثيرون عن كيفية شغل أوقات فراغ الأطفال وصغار الشباب والشابات. قضية تشكل هاجسا عند المسؤولين وأولياء الأمور وعامة أفراد المجتمع، ويوما بعد يوم تزداد الحاجة إلى استثمارها فيما هو مفيد، وفيما يساعد المدرسة والبيت على تنشئة الصغار تنشئة صحية، وإشغال وقت فراغهم بما يبعدهم عن الوقوع في التجمعات التي تكسبهم العادات السيئة، نعاني قلة الأندية والمرافق العامة التي توفر نشاطات هادفة تجمع الجوانب الترويحية والرياضية والتعليمية والصحية، التي تناسب طلاب التعليم العام، أي طلاب المدارس قبل الجامعة، من ذكور وإناث، لممارسة بعض الهوايات وتنميتها وقضاء أوقات الفراغ، في جو صحي تربوي. ليس من الغريب تشكي كثيرين من أوقات فراغ أولادهم، خاصة خلال الإجازات المدرسية وما يسببه ذلك الفراغ من أضرار.

شهدت بلادنا خلال الأعوام الـ20 الماضية تأسيس مرافق وأماكن وأندية رياضة ولياقة داخل الأحياء. إلا أنه يلاحظ أن هذه المرافق أو ما يسميها البعض الأندية الصحية، موجهة في الأغلب للكبار، من تلك المنطلقات، جاءت قبل أعوام فكرة إنشاء أندية أحياء. لكن الملاحظ أنها لم تطور بقدر الطموحات. لدينا طموحات بتوفير مراكز رياضية مائية ترويحية تعليمية لطلاب المدارس دون الجامعة. مراكز توفر تشكيلة من المرافق والبرامج الموجهة لتنمية الصحة العامة، وتطوير المواهب والمهارات الحركية الأساسية لدى الأطفال وصغار الشباب، مع مراعاة الفروق الفردية والسنية والنمط الجسماني، في جو تربوي ترويحي رفيع المستوى. هذه المرافق والبرامج ليست متوافرة كما ينبغي، والطموحات قائمة على توفيرها، نطمح لوجود أندية أحياء تتوافر فيها مرافق من أمثلة صالات وفصول تعليم للأنشطة والتمارين البدنية وبرك وألعاب مائية ومسابح حرة وتعليمية وصالات ترويح مدروس، وملاعب للقدم والسلة والطائرة، ومكتبة ومقاصف وصالات للهوايات والأشغال اليدوية.

 

 

 

نقلا عن الاقتصادية