أمثلة على تجميل الميزانيات والقطاعات التى يحدث فيها ذلك .. !!!

21/12/2010 2
د . جمال شحات

اقترب موعد اصدار الميزانيات للشركات والمؤسسات او ما يعرف لدينا – نحن معشر الماليين والمراجعين – بالموسم السنوى، نظرا لان الكل يجتهد ويسعى لانهاء المعلقات واظهار النتائج واصدار الميزانيات والقوائم المالية فى اسرع وقت ممكن, خاصة لمن كانت عليهم متطلبات نظامية أو قانونية فى توقيتات زمنية محددة لاصدار هذه القوائم والا تعرضوا لتوقيع عقوبات من قبل الجهات الرسمية مثل هيئة سوق المال او وزارة التجارة او الهيئات المهنية , كل حسب القانون الخاضع له او النظام الذي يسير بموجبه ....

ويسعى الكل إلى التفتيش في دفاتره القديمة – كما يقولون – لتعظيم ارباحه او تعظيم اصوله او التركيز على نقاط القوة فى شركته وهنا ظهر مصطلح تجميل الميزانية الذى تحدثنا عنه فى مقال سابق ( تجميل الميزانيات بين الافصاح الغائب والكذب) ...!!

وادارات الشركات المحترمة لا تفعل ذلك ولا تسعى لتلك العمليات التجميلية ... بل تسعى وبكل شفافية ووضوح لإظهار الحقائق كاملة أمام مساهميها. بل تحاول الابتعاد قدر الامكان عن اللجوء لهذا الاسلوب وازالة مساحيق التجميل لتزيين ميزانياتها فى عيون مساهميها او تعظيم ارباحها سواء كانت محققة او غير محققة با عتبار انه كلما زادات الارباح كان ذلك دليلا على كفاءة الادارة وبالتالى استمراريتها فى ادارة تلك الشركات ...!!

ومن خلال خبرتى وعملى فى مجال المراجعة والتدقيق وجدت ان أكثر البنود او القطاعات التي يلجأ إليها اصحاب عمليات التجميل فى معظم اسواقنا المالية تندرج تحت قطاعات رئيسية:

القطاع الأول:

إضافة أصول لا تندرج تحت عمل الشركة اولا تدر ارباحا تشغيلية للشركة بل تضاف لإظهار قوة المركز المالى للشركة بتعظيم قيمة تلك الاصول للشركة دون ان يكون هناك عائد مناسب او مجزى من جراء اضافة تلك الاصول بل وقد لاتكون قد انتقلت ملكية تلك الأصول الى الشركة بل مازالت باسم المؤسس أو المالك كما حدث في احد الاكتتابات التي تم الغائها او تأجيلها بالسوق السعودى مؤخر ( الطيار) ويعتمد من يفعل ذلك على ان المحاسب القانونى او مستشار الاكتتاب سوف يذكر ذلك فى مذكرة الاكتتاب او فى الايضاحات المتممة للقوائم المالية ( جارى العمل على نقل ملكية هذه الاصول من فلان الى الشركة وجارى استكمال اجراءات نقل الملكية ...!!!)

ولكن لم يذكر هذا ضمن نشرة اكتتاب تتألف من عشرات او مئات الصفحات ...!! فمن يقرأ؟!! ومن يفهم ؟!! ومن يستوعب؟!!

القطاع الثاني:

تغيير معدلات الإهلاك للأصول او الموجودات طويلة الاجل وتذكرت هنا ما حدث منذ عدة سنوات لشركة ملاحة واعمال بحرية ( اسكندرية للملاحة )مدرجة بالسوق المصري آنذاك وكان رئيس تلك الشركة وهو اكبر مساهميها يريد ان يزيد من راس مال الشركة ونظرا لان الشركة كانت تحقق خسائر كبيرة فى السنوات الاخيرة من عمرها فقد لجأ رئيس مجلس الادارة الى تخفيض نسب الاهلاك لتلك الاصول الكبيرة القيمة حتى يشجع قدامى المساهمين على الاكتتاب فى زيادة راس المال وبالتالى تزداد الارباح او تتحول الخسائر الى ارباح ...!!

وعندما اخبره المحاسبون القانونيون بانهم سيذكروا ذلك ضمن التحفظات او الايضاحات لم يبد اعتراضا او اهتماما لانه يعلم ان الكثيرين من اولئك المساهمين لا يقرأوا القوائم المالية كاملة بل ينظروا الى مبلغ الارباح وكفى ..!! فمن يقرأ؟!! ومن يفهم ؟!!  ومن يستوعب ؟!!

القطاع الثالث:

إدراج الاستثمارات بالقيمة التاريخية او التكلفة التاريخية بالرغم من تحقيق تلك الاستثمارات خسائر متوالية اعتمادا على ان متطلبات المعيار المحاسبى فى هذا الصدد لا يتطلب اظهار تلك الخسائر مادام ان الاستثمار طويل الاجل وليس بغرض البيع .. بل لا يقوم بوضع مخصصات كافية لمقابلة تلك الخسائر الفعلية المحققة وهو ما فعلته احدى الشركات العائلية ( فتيحى ) فى السوق السعودى والتى تستثمر فى مركز طبى ضخم يديره احد ابناء المؤسس والمساهم الرئيس في تلك الشركة وقد بلغت الخسائر فى ذلك المركز الطبى  ثلث راس المال او يزيد ..!! دون وجود أي إشارة أو تعليق او تحفظ او مخصص لهذه الخسائر المتراكمة ..!! فمن يقرأ؟!! ومن يفهم ؟!!  ومن يستوعب ؟!!

هذه بعض الامثلة لبعض القطاعات التى يقل فيها الايضاح المحاسبى ويكثر فيها تجميل الميزانيات ... مع دعواتى لاسواقنا المالية بان تكون اكثر وضوحا وشفافية ... واقل تجميلا لقوائمها المالية وميزانياتها ... ولا تكون تفعل ذلك من باب ( أنا لا أكذب ولكن اتجمل ..!!) اعتمادا على ان المتطلبات القانونية والمحاسبية او النظامية لا تتطلب ذلك ولا توجب ذلك الافصاح الكافى....!!