العقار على وشك الانهيار أم نحن على وشك الانهيار

14/12/2010 14
انور القريني

الكل يريد أن يبني بيت العمر ليحقق حلم حياته ويؤمن مستقبل عائلته وينفذ توصيات والديه بتملك هذا البيت وعدم تبذير الأموال وصرفها في أشياء لا تنفع مثل سيارة وسفر وسياحة وملابس غالية وترفيه. والحقيقة تقال أن تملك العقار يقي الشخص من ما هو مكتوب له من مصائب في المستقبل وخصوصا إذا بناه من حر ماله. ولكن من منا الآن يستطيع تحقيق هذا الحلم وهو يصدم من أول عقبة وهي الأرض وأسعارها المهولة التي وصلت لها الآن.

منذ أكثر من ثلاث سنوات وأنا وغيري يسمع بأن سوق العقار في المملكة على وشك الانهيار وان الفقاعة ستنفجر في وجوه المستثمرين والعاملين في هذا المجال. وحصلت فعلا أزمة مالية عالمية الذي أشعل فتيلها انهيار سوق الرهن العقاري الأمريكي وانهار سوق العقار في كل مكان ما عدا المملكة التي لم ينهار فيه إلا سوق الأسهم السعودي!

خبراء يقولون ان المفروض ان لا ندفع أكثر من  65 ألف ريال قيمة الأرض في حي كامل الخدمات ونحن الآن نضطر ان ندفع 20 ضعفا هذا المبلغ وفي الغد القريب يمكن ان يتجاوز الأربعين ضعفا.

وآخرون يقولون أنه باعتماد قانون الرهن العقاري السعودي، الذي هو مثل الأشباح نسمع بها ولكن لا نراها، سوف تعود بالأسعار إلى طبيعتها حيث ان المصارف سوف تفرض وجودها لأنها حريصة على عدم الخسارة حين يتعثر المرتهن عن السداد إذا تم المبالغة في سعر العقار.

والحكومة من ناحية تبذل جهدها في توفير السكن المثالي والرخيص وذلك بإنشاء الهيئة العامة للإسكان لحل أزمة السكن وبأسعار مغرية جدا تقارب 25% من أسعار أسوء المنازل تنفيذا من حيث المواصفات! وكذلك عمل المساكن الشعبية وقد تم البدء فعلا في توزيعها في مختلف المناطق.

ولا ننسى النصائح بالاستثمار في العقار وقصة الثلاثة أخوة الذين ورثوا مالا من أبيهم حيث ان احدهم اشترى ارض ولم يستطع ان يبنيها وظل على الإيجار وآخر اشترى منزلا صغيرا جاهز وثالث استثمر أمواله في مشاريع (أكاد أن أجزم بأنها ليست في الأسهم) وبعدها استطاع ان يمتلك بيت الحلم.

وعليه طلع جميع الخبراء وتوقعاتهم هباء منثورا. فلا ارض أو عقار قد انخفض سعره ولا استثمار قد نجح في تعزيز السيولة ومضاعفتها. واستيقظنا وانتبهنا على انه قد ضاعت علي وعلى غيري فرص كثيرة قبل ثلاث سنين من شراء ارض بسعر معقول (جنوني في ذلك الوقت) مقارنة بأسعار هذه الأيام، فالأسعار كانت لا تتجاوز 1000  ريال للمتر المربع أو بيت دوبلكس لا تتجاوز قيمتها المليون ومواصفات عالية. ولكني أمني نفسي بأني حتى لو لم استمع لتلك النصائح لما استطعت ان امتلك العقار في ذلك الوقت.

كل الذي استطيع ان أقوله بأنه يجب علينا بتغيير فكرنا في طريقة تملك بيت العمر وذلك كالأتي:

• ارض صغيرة تكفي إذا تم تخطيطها بشكل جيدا بدلا من ارض تمرح فيها الخيل. ويا حبذا لو ان مطوري المخططات يأخذون هذا الأمر في الاعتبار، فبدلا من أراض مساحتها تتراوح بين 700 و1000 متر مربع تكون بين 300 و500 متر مربع.

• ان لا نبني كامل مساحة الأرض فقط ما نحتاجه حاليا مع التركيز على احتياجاتنا المستقبلية، فمتوسط أعداد أفراد العائلة قد قل ولا داعي لبناء بيت كبير، وسوف يعطي هذا وفرة في استهلاك الكهرباء والماء. وقد ظهرت تقنيات بناء جديدة ولا تؤثر كثيرا على جمالية البيت من الداخل والخارج واحتياجاتنا منه وأن ذلك سوف يساهم في تخفيض تكاليف البناء، وأيضا تغير نظرة الناس وابتعادها عن وجوب تملك بيت مبني على ارض كبيرة وبه غرف كثيرة تصلح ان يكون فندق خمس نجوم.

• لا نلزم أنفسنا بالشراء في مناطق قريبة من بيوت أهلنا وأقاربنا وجماعتنا، فهذه من العوامل التي ساهمت في رفع أسعار العقار والأرض إلى حدود غير معقولة وشجع تجارنا الكرام بالاستثمار في أحلامنا. فالبعيد سوف يصبح قريبا و الواقع اثبت ذلك.

خلاصة القول ان ما يتم توفيره من قيمة ارض وبنيان وفواتير قد يستخدم في أمور أخرى مثل الاستثمار و الادخار لمستقبل الأولاد أو حتى استخدامها في أمور استهلاكية وكمالية ولن يأتيك توبيخ من أحد على إسرافك لأنك وببساطة تملك بيت العمر.