ما هو السر؟!

12/12/2010 13
سليمان المنديل

كانت هناك مناقشة حول تأمين أجهزة التكييف المنزلي، وهل تكون من الصناعة الأمريكية؟ أو اليابانية؟ أو الأوروبية؟ أو الكورية؟ أو الصينية؟ وكان هناك شعور عام عند بعض المشاركين في النقاش، بأننا لو لجأنا إلى الصناعة الكورية، أو الصينية، فنحن نخاطر لمصلحة التوفير المالي، على حساب النوعية، ومأمونية الأجهزة.

ولا ألوم من يشعر بذلك، لأنني عشت في ماض كان اصطلاح "صناعة يابانية" يعني أنها رخيصة، ومقلدة، وكان معرض تويوتا لعبداللطيف جميل في شارع الناصرية بالرياض لا يتعدى فتحتي دكان، وبدون متفرجين، ناهيك عن مشترين، ولكن ذلك جزء من الماضي، واليوم شركة تويوتا هي أكبر مصنع للسيارات في العالم. لذلك ما يجب أن نعيه، هو أن العالم يتغير، ويتحور، ويتجدد حسب قانون النوعية، والكلفة، ولو رجعنا مرة أخرى إلى التاريخ، فسنجد أن اقتصاداً مثل الاقتصاد الأمريكي كان، وحتى عام 1980، يعتمد بشكل أساسي على صناعة السيارات، وكان كلما حدث إضراب من قبل عمال تلك الصناعة، يتدخل الرئيس الأمريكي لحل الخلاف، خوفاً على الاقتصاد الأمريكي.

اليوم أصبح تأثير صناعة السيارات الأمريكية محدوداً على الاقتصاد الأمريكي، وبالمقابل أصبحت صناعة الخدمات أهم، ولذلك عندما أضرب موظفو شركة (UPS) وهي واحدة من شركات البريد السريع، مع شركتي (DHL) و (FedEx) فقد اصبح الاقتصاد الأمريكي كله مهددا، لأنه أصبح معتمداً على تلك الشركات لنقل احتياجاته كل ليلة، لئلا تتعطل الأعمال في صباح اليوم التالي.

يضاف إلى ذلك أن صناعة الترفيه في هوليود، وكذلك صناعة تقنية المعلومات، التي تتحكم بها الشركات الأمريكية، كلها غيّرت وجه الاقتصاد الأمريكي إلى اقتصاد خدمي، بالدرجة الأولى، وصناعي بالدرجة الثانية، ومن ثم أصبح مقبولاً انتقال صناعة المكيفات، والثلاجات، والأفران... إلخ، وهي التي درج على تسميتها "المنتجات البيضاء"، إلى بلدان مثل كوريا، والصين.

كل ذلك يدلل على التحولات التي تعيشها اقتصاديات العالم، وهناك فرص محدودة تتهيأ خلال مراحل تلك التحولات، ومن يكون جاهزاً لاستقبالها، يحقق السبق، وهو ما قامت به تايوان قبل سنوات، تلتها كوريا الجنوبية، واليوم الصين، وغداً فيتنام. وكل ذلك النجاح يثير سؤالاً هاماً، حول سبب إبداع شعوب شرق آسيا؟ هل هو التعليم؟ أم التسامح الديني، والاجتماعي؟ أم الأكل؟ أم ماذا؟

لوعرفنا السر، فأتمنى استجلابه إلى وطني!