لا توجد مؤامرة!

08/12/2010 22
سليمان المنديل

سألني أحد الزملاء غير المتخصصين في مجال المصارف، والإقراض، لماذا تقتـرض شركة سابك، في حيـن توضح ميزانيتها احتفـاظها بسيولة نقدية قدرها 54 مليار ريال؟ وكذلك الحال بالنسبة لشركة أرامكو، والتي وإن كانت لا تنشر ميزانيات، إلا أنها تصدّر يومياً ما لا يقلّ عن ثمانية ملايين برميل من النفط، وبمتوسط أسعار يتراوح بين (70 – 83) دولارا للبرميل .. وعلى الطريقة العربية، تساءل زميلي إن كانت هناك مؤامرة؟ أطرافها سابك، وأرامكو، والبنوك المقرضة؟

طمأنت زميلي بأنه لا توجد مؤامرة، ولكن طبيعة الأعمال تتطلب وجود مقرضين، ومقترضين، بغض النظر عما يملكه المقترض من سيولة نقدية، وهذه هي الأسباب:-

1 – من أهم الأهداف التي يحرص أصحاب الأعمال على تحقيقها، هي تكوين سجل جيد لاقتراضهم من المقرضين، وحظوظ المقترضين تزيد عندما تكون الأوضاع المالية جيدة، حيث تزداد شهية المقرضين للإقراض، والعكس صحيح، في حالة الظروف المالية الصعبة. ولذلك مهما كانت أرقام ميزانيات العملاء جيدة، فإن أهم معلومة مؤثرة في قرار الإقراض، هي السجل السابق للعميل، وهل وفّى بالتزاماته كاملة مع المقرض، أو مع غيره من المقرضين، (وهنا تأتي أهمية الشركات التي توفر معلومات حول السجل الائتماني للمقترضين).

2 - بشكل عام ينظر إلى السيولة الموجودة لدى المقترض على أنها قادرة على تحقيق عائد أعلى من كلفة الاقتراض، ولذلك يقترض المقتدرون، لمواجهة التزامات معينة، ويحتفظون بسيولتهم لتمويل أي فرص استثمار، ذات عوائد عالية، قد تتاح لديهم.

هذا التحليل ينطبق بشكل كبير على شركتي سابك، وأرامكو، لأنهما تقترضان بأسعار منخفضة، هي أقرب للأسعار التي تحصل عليها الحكومات ذات الملاءة المالية العالية، خصوصاً في الأوقات المالية الجيدة، بسبب ارتفاع السيولة لدى القطاع المصرفي، وانحسار فرص الإقراض الجيدة، وهو ما عليه الحال اليوم.

3 – بسبب انخفاض كلفة التمويل اليوم، فذلك يمثل فرصة لشركة سابك لإعادة تمويل بعض القروض، والسندات، التي رتبت بأسعار عالية، لتمويل الصفقتين، الأوروبية، والأمريكية.

4 – كثيـر من تلك القروض هي لمشاريع، بدون ضمانات الشركة الأم، وهو تمويل يسمى "تمويل المشروع دون الرجـوع إلى المـلاك" (Non Recourse Project Finance)، وهذا أمر له أهميته، لحماية الملاك من أي تعثر محتمل للمشروع.

5 – يحرص المقترضون على إبقاء مموليهم راضين عنهم، بالعودة لهم في كل فرصة، سواء كانت للاقتراض، أو إصدار ضمانات، أو اعتمادات، أو شراء منتجات خزينة، أو حفظ ودائع، كل ذلك يؤثر إيجابياً على العلاقة، ومن ثم على أسعار عمليات الاقتراض المستقبلية، لأن البنك ينظر إلى إجمالي الأرباح المتحققة من العلاقة، وليس من عملية الإقراض فقط.

6 – أخيراً هناك ميزة قد تكون جانبية، ولكنها هامة، وهي أن الرقابة الخارجية التي تفرضها عملية التمويل، من المقرضين الخارجيين، تصبح أداة رقابة إضافية للإدارة العليا للشركة، على أداء إدارتها المالية، وعلى إدارة المشروع، الذي تم التمويل لصالحه.

أرجو أن أكون قد أقنعت زميلي، ومعه القراء، بعدم وجود مؤامرة!