كيف تتعامل مع ارتفاع اسعار اليوريا ؟؟

06/11/2010 31
د. أحمد المزروعي

كما ولا بد أن أكثركم يعرف فإن أسعار اليوريا استمرت في الارتفاع بشكل متواصل خلال الأشهر الماضية حتى أصبحت الآن على مشارف الـ 400 دولار للطن علما بأن الأسعار كانت تحوم في مستوى الـ 230 – 240 دولار للطن في شهر يونيو الماضي وفي حدود 250 – 260 دولار في شهر يوليو ، أي أن الأسعار ارتفعت بأكثر من 50 % خلال أشهر معدودة.

جاء الارتفاع على ثلاثة مراحل ففي المرحلة الأولى تخطت الأسعار مستوى الـ 300 دولار وذلك في نهاية شهر أغسطس وبداية شهر سبتمبر وكان الدافع وراء ذلك بشكل رئيسي هو الجفاف الذي حدث في روسيا وأوكرانيا و قرار الحكومة الروسية بايقاف صادرات القمح ... ثم جاءت الموجة الثانية من الارتفاع في نهاية شهر سبتمبر الماضي حين قالت وزارة الزراعة الأمريكية أن مخزونات الحبوب أقل من المستهدف لترتفع اسعار اليوريا إلى مستوى الـ 350 دولار ... وسبب الارتفاع في الحالتين التوقعات بزيادة المساحات المزروعة خلال الموسم الزراعي القادم لتعويض النقص الحاصل وبالتالي التوقعات بزيادة استهلاك اليوريا ...

أما المرحلة الثالثة من الارتفاع والتي بدأت بوادرها خلال الاسبوع الماضي فتتعلق بأنباء حول أن الحكومة الصينية ستمنع تصدير اليوريا بدءا من نهاية الشهر الحالي عبر زيادة الضرائب على الراغبين بالتصدير وذلك بالرغم من أن الحكومة الصينية لم تصدر بعد قرارا رسميا حول ذلك ... يعتبر القرار الصيني اذا صدر فعلا قرارا مؤثرا ، وذلك لأن الصين وحسب القرارات التي أصدرتها قبل 3 سنوات حددت بدء الحظر السنوي (اي زيادة الضرائب) في شهر فبراير من كل عام تمهيدا للموسم الزراعي الربيعي وكون الحكومة تقرر تقديم موعد الحظر بحوالي الشهرين يعطي فكرة إما أن الحكومة تتوقع زيادة كبيرة في المساحات المزروعة (الصين تعرضت لجفاف في بعض مناطقها خلال الموسم الحالي) أو ان هذا الاجراء ماهو إلا اجراء تحوطي وفي كل الأحوال فإنه سيدعم الأسعار خلال الفترة القادمة..

تعد "سافكو" السعودية التابعة لسابك ، و "قافكو" القطرية التابعة لصناعات ، أكبر المستفيدين من هذه التطورات وذلك لكون تكلفة انتاج الطن ثابتة لدى سافكو وشبه ثابتة لدى قافكو وكلاهما تكاليف منخفضة تراوح حول الـ 100 دولار للطن مما يعني أن الزيادة في الأسعار بكاملها تصب مباشرة في ربحية الشركتين... الرجاء من القراء المهتمين أكثر بالتكاليف والصناعة بشكل عام الرجوع لمقالين سابقين تم نشرهما في ألفا بيتا أحدهما عن تكاليف الانتاج والطاقات الانتاجية للشركتين والثاني عن صناعة الأسمدة العالمية ..

تنتج "سافكو" حوالي 2.65 مليون طن من اليوريا سنويا (شاملة حصة 50 % في ابن البيطار) كما يبلغ فائض الأمونيا القابل للبيع (لا تستعمله كلقيم) لديها حوالي 600 الف طن سنويا.. أما قافكو فتبلغ طاقتها 2.8 مليون طن من اليوريا و حوالي 400 ألف طن من الأمونيا الفائضة التي لاتستعملها كلقيم..

أيضا يجب لفت الانتباه هنا إلى أن "سافكو" تنتج حاليا "الميثانول" بطاقة قدرها 300 ألف طن سنويا تقريبا وذلك عبر شركة "الرازي" التي تحصل على لقيم الغاز الذي كان مخصصا لمصنع سافكو بالدمام الذي تم اقفاله حيث تقوم الرازي بتحويل الغاز الى ميثانول لصالح "سافكو" ، وهذا أمر جيد لسافكو خصوصا مع الارتفاع الأخير لأسعار الميثانول ..

خلال العامين الماضيين وبسبب توفر اسعار اليوريا لدى أكثر المتعاملين بشكل اسبوعي فإنه أصبح من النادر أن ينتظر المتعاملون نتائج شركة مثل "سافكو" حيث أن سعر السهم أصبح يتفاعل مباشرة مع تطور الأسعار العالمية ، وكمثال على ذلك فإن سعر السهم انهار في نهاية الربع الثالث 2008 مع انهيار اسعار اليوريا ولم يلق المتعاملين اهتماما بنتائج الشركة للربع الثالث من ذلك العام والتي كانت قياسية حيث بلغت 1830 مليون ريال خلال ربع واحد وذلك لمعرفتهم أن هذه الارباح ستتراجع لاحقا بسبب التراجع الحاد لأسعار اليوريا آنذاك..

قمت بعمل دراسة احصائية حول علاقة سعر سهم "سافكو" في السوق و سعر اليوريا لفترة الـ 14 شهرا الممتدة بين يوليو 2009 و سبتمبر 2010 ، وهي فترة اتسمت باستقرار سعر اليوريا في نطاق يراوح بين 250 و 310 دولار ووجدت أن هناك علاقة بين الاثنين تبدو شبه ثابتة وهذه هي المعادلة التقريبية :

سعر سافكو = 10 × (الجذر التربيعي لسعر اليوريا – 3)

قد تكون المعادلة أعلاة مفيدة للنظر بشكل تقريبي إلى تفاعل المتعاملين في السوق بشكل عام مع تغيرات أسعار اليوريا وأثرها على سعر السهم في السوق وبطبيعة الحال فهي معادلة احصائية ولا يمكن الاستناد عليها إلا كمؤشر مساعد من ضمن عوامل أخرى كثيرة ولكنها على أي حال مفيدة كأرقام تقريبية ، مع لفت الإنتباه إلى أن المعادلة تمثل فقط رد فعل المتعاملين خلال تلك الفترة المحددة (يوليو 2009 – سبتمبر 2010) وأتوقع مستقبلا أن يكون سعر سهم سافكو أعلى مما ينتج من المعادلة في حالة انتعاش السوق ومعنويات المتعاملين بشكل عام ، كما أتوقع أن يكون مماثلا لما ينتج من المعادلة في حالة استمرار معنويات المتعاملين عند مستوياتها الحالية ، أما في حال تدهور السوق والمعنويات فإن سعر السوق سيكون أقل مما تشير إليه المعادلة..