تشهد الأسواق العالمية حالة من الترقب والانتظار لما سوف تسفر عنه الانتخابات الأمريكية يوم الثلاثاء القادم والأهم من ذلك اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء.
كم هو مقدار التيسير الكمي "النقدي"؟ هذا هو السؤال الذي يجعل الأسواق تحبس أنفاسها وتتحرك في نطاق ضيق نسبياً نظراً لأن هذه هي المرة الأولى منذ شهور عديدة يكون من الصعب التنبؤ بالنتيجة. وقد شهدنا الأسبوع الماضي خفضاً للتوقعات لما سيعلنه بنك الاحتياطي الفيدرالي. وأدى هذا إلى انحسار مؤقت لحالة الضعف والتردي التي يمر بها الدولار، ونتيجة لذلك تم تصفية المراكز التي تنطوي على مخاطر كبيرة.
كانت الأرباح التي أعلنت عنها الشركات الأمريكية للربع الثالث من هذا العام أكثر من جيدة، لكن أسواق الأسهم أخفقت في التفاعل إيجابياً مع هذه الأرباح. وفي الوقت نفسه شهدت أوروبا اتساعاً في الفجوة ما بين عائدات السندات الأقوى والأضعف نظراً لأن بعض الدول الأوروبية تجد صعوبة في خفض مستويات الإنفاق العام لتحقيق أرقام العجز المستهدفة في الميزانيات الحكومية لسنة 2014. ولغاية الآن لم يتأثر اليورو بسبب هذا التركيز المتجدد على أوروبا، ولكن الوضع جدير بالمراقبة عن كثب نظراً لأهمية مستويات أسعار صرف العملات على فئات الأصول الأخرى مثل السلع.
أثبت أكتوبر أنه أفضل الشهور هذا العام بالنسبة للعديد من السلع حيث ارتفع مؤشر رويترز جيفريز سي آر بي بنسبة 5% خلال الشهر لتصل بذلك نسبة الارتفاع خلال السنة حتى تاريخه إلى 6%. أما أفضل السلع أداءً فهي كما يوضح الرسم البياني أدناه تنتمي إلى القطاع الزراعي كم أشرنا إلى ذلك في مقالات سابقة. ويواصل قطاع الطاقة التداول متأرجحاً بين ارتفاع وانخفاض حيث برهن الغاز الطبيعي مرة أخرى أنه الأسوأ أداءً. ويجدر بنا التنويه إلى الأداء المتفوق للفضة مقارنة بالذهب حيث حلقت أسعار الفضة هذا العام لغاية تاريخه مرتفعة بنسبة 20%.
تحرك الذهب ضمن نطاق دفاعي على مدى الأسبوع الماضي، شأنه في ذلك شأن معظم الأسواق الأخرى، بانتظار نتيجة اجتماع اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة FOMC الذي سيعقد يوم الأربعاء القادم. وقد تقلص هامش المناورة أمام الذهب حيث تنحصر تحركاته السعرية بين نقطة المقاومة عند مستوى1350 دولار أمريكي ونقطة الدعم عند مستوى 1324 دولار أمريكي.
إذا جاءت القرارات المتعلقة بالتيسير الكمي "النقدي" 2 مخيبة للآمال ربما تكون النتيجة حركة تصحيح عميقة، أما على الجانب الإيجابي فإن بعض المراكز طويلة الأجل قد تمت تصفيتها وهذا يترك إمكانية متجددة للصعود إلى الأعلى.
تشير مستويات فيبوناتشي أن الأسعار بين 1299 و 1272 دولار تمثل مستويات الدعم في حالة تصفية المراكز والبيع الكثيف، أما المقاومة فوق مستوى 1387 دولار فهي تتمثل في الحاجز النفسي عند 1400 دولار.
أفادت تعليقات غير رسمية صادرة من الصين هذا الأسبوع أنه يجب على الصين بناء احتياطيات من الذهب تعادل ما هو موجود لدى الولايات المتحدة. تُقدر احتياطيات الصين من الذهب بحوالي 1000 طن مقارنة مع احتياطيات الولايات المتحدة البالغة حوالي 8000 طن. وهذا يلقي الضوء على المزاج الحالي لدى البنوك المركزية المتمثل في السعي لزيادة احتياطياتها من الذهب بعد أن كانت تكتفي بدور البائع على مدى العشرين سنة الماضية. وإذا لم يكن لهذه التوجهات تأثيرها الآني فلا بد أن يكون لها أثر داعم لأسعار الذهب على المدى البعيد.
تتحرك أسعار النفط الخام "خام غرب تكساس" ضمن النطاق السعري 80 إلى 85 دولار أمريكي للأسبوع الرابع، ومع ذلك ما زال يحقق مكاسب للشهر الثاني على التوالي. وكما هو الحال بالنسبة لأسواق السلع الأخرى ستكون النتيجة والتأثيرات اللاحقة على الدولار محور التركيز على مدى الأسبوع القادم. هناك بعض الأدلة التي تشير إلى انخفاض متوفع في واردات الولايات المتحدة من النفط خلال الأسابيع القادمة. وهذا من شانه دعم الأسعار، بيد أنه استناداً إلى الأداء على مدى الشهور القليلة الماضية يجب أن يستأنف الدولار مسيرة الهبوط لكي يتم اختبار مستوى 85 دولار فما فوق لسعر برميل النفط.
ارتفعت تكلفة شحن النفط الخام على متن النافلات الضخمة بنسبة 40% خلال ثلاثة أيام هذا الأسبوع نظراً لارتفاع الطلب من الشرق الأقصى، رغم أن انخفاض الأسعار على خط النقل بين المملكة العربية السعودية واليابان أصبح هوالمعيار السائد. ولكي نحدد إن كان هذا يمثل تغيراً في الاتجاه يجب أن نرى استقرار مستويات الطلب في أماكن أخرى.
شهدنا انخفاضاً في حجم مراكز المضاربة طويلة الأجل الأسبوع الماضي، ويبدوا أن هذا المسار استمر خلال هذا الأسبوع. وهذا مرده إلى إحجام المضاربين عن تحمل المخاطر ترقباً لاجتماع اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة FOMC الأسبوع القادم.
شهدت عقود النحاس بعض عمليات جني الأرباح خلال هذا الأسبوع ولكن الاتجاه الصاعد ما زال هو السائد للشهر الرابع على التوالي. حقق سعر النحاس في بورصة لندن للمعادن هذا العام حتى تاريخه ارتفاعاً بنسبة 13%، وارتفع عن أدنى مستوياته في يونيو بنسبة 40%. وقد ترافقت الشائعات حول القيود على التوريد في السنة القادمة 2011 مع إمكانية إطلاق صناديق استثمارية سيتم تداولها في بورصة النحاس، والتي كان لها أثر إيجابي على أسعار هذا المعدن.ويقترب النحاس الآن من الوصول إلى المستويات القياسية التي حققها خلال الفترة بين 2006 و 2008 عند مستوى 9000 دولار للطن. ولو نظرنا إلى تطورات سعر النحاس مقاسة باليورو فقد شهدت تقلبات ما بين الارتفاع والانخفاض على مدى شهرين وهذا يشير إلى مدى التأثير الكبير للدولار على سعر هذا المعدن.