تحليل الأرقام بحديث محافظ هيئة الاستثمار

16/10/2010 1
محمد العنقري

واجه معالي محافظ هيئة الاستثمار الإعلام بشكل موسع للمرة الثانية وقدم جملة من الحقائق والمعلومات عن أداء الهيئة خلال عمرها الزمني القصير منذ تأسيسها قبل عشر سنوات.بداية لا بد من الإشادة بخطوة الهيئة من خلال تواصلها السريع مع وسائل الإعلام لتوضيح الصورة حول كل ما أثير عن عمل الهيئة وإنجازاتها خلال الفترة الماضية حيث إن الآراء كانت في غالبيتها ترى أن الهيئة لم تقدم ما كان مؤملاً منها ولكن بالمقابل كنت أتمنى أن تكون هناك لقاءات مع من انتقد عمل الهيئة لأن فيها فائدة أوسع نظراً لأن طبيعة الحوار ستكون مباشرة ليوضح كل طرف ما لديه وبالتالي الوصول للهدف المنشود من قبل الجميع سواء الهيئة أو منتقدي عملها وهو تعظيم الفائدة للوطن ولكن هناك أرقام ذكرها معالي المحافظ تستحق الوقوف عندها كثيراً، فعند الحديث بأن الاستثمار الأجنبي والمختلط وصل إلى 1.1 تريليون ريال فلابد من قياس تأثير هذا الرقم على الناتج الوطني الحقيقي فإذا كان تأثير القطاع الخاص فيه يقارب 48% فلابد من ذكر أن أداء القطاع الخاص بالناتج الوطني مقرون بالإنفاق الحكومي بدرجة رئيسة أي أن نسبة عطاء القطاع الخاص لا تزال محدودة بالاقتصاد إذا جردناها من تأثير إنفاق الدولة بميزانياتها إذاً فإن تأثير هذه المليارات لم يظهر بشكل واضح على أداء الاقتصاد بصورة عامة لكن تشريح هذه التأثيرات بأرقام توضح دورها سيكون أكثر موضوعية من ذكر حجمها فقط.

النقطة الأخرى تتعلق بعدد الوظائف التي أوجدتها هذه الاستثمارات، فقد ذكر أن هناك 375 ألف وظيفة هي محصلة هذه الاستثمارات وأن حصة السعوديين منها بلغت 101 ألف وظيفة إذا فإن كل مليار استثمر أوجد 340 وظيفة فقط وحصة السعوديين منها 92 وظيفة وبهذا فإن الرقم الإجمالي لما أضافه كل مليار يعد محدوداً، فيفترض بحسب العديد من المعايير أن عدد الوظائف يجب أن يتجاوز أكثر من ألف شخص لكل مليار سواء مباشرة أو غير مباشرة وبالتالي فإن هذه النسب تقودنا إلى تقديرات عالية لحجم الأموال التي يجب أن تستثمر سواء محلية أو أجنبية لتوظيف 448 ألف طالب عمل الآن والتي يفترض أن تفوق 4.4 تريليون ريال وهذا لمن هم بحاجة وظائف حالياً فكم نحتاج للقادمين لسوق العمل مستقبلاً فنحن بذلك نحتاج إلى أرقام مفزعة لا يمكن تخيلها ولابد هنا من تحرك وزارة العمل لتغيير نسب السعودة واعتماد مبدأ الاحتلال حتى يكون هناك توازن في استيعاب طالبي العمل قياساً بحجم الاقتصاد ومتطلبات الاستثمار فيه، كما أن التطرق إلى نسبة السعوديين ومقارنتها بما أوجده القطاع الخاص السعودي أيضاً ليست دقيقة فعدد 6.2 ملايين وافد يعملون بالمملكة يتضمن العمالة المنزلية والتي تفوق بعددها نسبة 35 من مجمل العاملين بالمملكة فهناك فقط قرابة 1.5 عاملة منزلية بخلاف المهن المنزلية الأخرى كالسائقين والمزارعين وكل هذه العمالة لم تأت نتيجة استثمار القطاع الخاص بل هي احتياجات أسرية بخلاف العمالة السائبة التي تعد عبئاً على الاقتصاد وهو ما يسمى بالتستر وهذه ليست مشكلة هيئة الاستثمار ولكن المقارنة التي وضعت من قبل الهيئة لابد أن تخضع لمعايير دقيقة بين رؤوس الأموال المستثمرة بين القطاع الخاص المحلي والأجنبي لأن الأخير يخضع لتنظيم وتشريعات أكثر دقة في التطبيق العملي على أرض الواقع كما ذكر المحافظ أيضا أن قطاع المقاولات له شروط محددة لقبول أي مستثمر أجنبي ونعرف أنها عدلت منذ عدة سنوات عما كان سائداً ولكن في السابق وقبل وضع تلك الشروط التي تتطلب أن يكون المقاول مالكاً لمنشأة مقاولات في بلده قبل قدومه للمملكة فإن أغلب المقاولين المستثمرين انتقلوا تحت مظلة الهيئة قبل التنظيم الجديد فهل يجب إعادة النظر بأوضاعهم مرة أخرى لكي يتم فلترة السوق من أي مستثمر مقاول لا يقدم إضافة نوعية وحقيقية لهذا القطاع ويزاحم المقاول السعودي الصغير في السوق، أوضح المحافظ أن قضية التأشيرات التي تمنح للمستثمرين الأجانب هي عائدة لوزارة العمل من خلال مكتبهم بمقر الهيئة فهو الذي يحدد ويبت بالطلبات وبالتالي فإن الكرة تعود لملعب الوزارة لتعيد تحديد نسب السعودة بالمشاريع الأجنبية من خلال رفعه نسبها إلى ما يفوق 40 إلى 50 بالمائة حتى تتعظم الفائدة من هذا الاستثمار كونه مختلفا بطبيعته ونوعيته عن ما هو قائم لدى المستثمر المحلي.

إن دور هيئة الاستثمار بالاقتصاد الوطني كبير وجهودها يجب أن لا توضع في جانب إيجابي أو سلبي فقط بل في جانب النقد البناء ولكن بالمقابل يجب أن لا ينسينا التركيز على الهيئة إغفال دور بقية الجهات الخاصة والعامة وتحديداً شركات ومؤسسات رجال الأعمال المحليين وعدم مساهمتهم برفع نسبة السعودة إلى مستويات عالية فمخجلة تلك النسبة عند حدود 9.9% فقط رغم كل الدعم الذي يحصلون عليه من حكومة المملكة بأشكال متعددة وأيضا عدم إضافتهم أي طاقة إنتاجية جديدة للاقتصاد إلا بحدود ضيقة واقتصار الكثير منهم على الاستيراد دون نقل لأي صناعة محليا مهما صغر حجمها أو كبر.