قبل نحو أسبوعين، تعرض الاقتصاد الأيرلندي لهزة مالية قوية كادت أن تعصف بأكبر بنكين تجاريين في ذلك البلد الصغير هما بنك أنغلو أيريش وبنك أيه أي بي وسبب ذلك يعود إلى أن توقعات الاقتصاديين كانت تشير إلى أن هذين البنكين لديهما استحقاقات لديون بقيمة لا تتعدى 16.7 مليار يورو خلال ما تبقى من هذا العام 2010م، لكن الواقع المؤلم أظهر أخيرا أن هذين البنكين كانا في حقيقة الأمر بحاجة ماسة إلى 50 مليار يورو (وليس 16.7 مليار يورو، كما كان متوقعاً) وهو بالتأكيد رقم مخيف يعادل ثلاثة أضعاف التوقعات الأولية!!
على الرغم من حالة الارتباك التي انتابت الأسواق المالية الأوروبية خلال تلك الفترة بسبب ذلك، إلا أن التدخل السريع للبنوك المركزية الأوروبية وضخها للمبلغ المطلوب في الاقتصاد الأيرلندي أسهم إلى حد كبير في طمأنة المستثمرين وبالتالي لم تظهر أي آثار لتلك الهزة في الأسواق المالية العالمية، لكن هذا الدعم مع الأسف الشديد لم يثنِ كبرى مؤسسات التقييم الائتماني عن قراراتها اللاحقة بتخفيض التصنيف السيادي لأيرلندا عدة درجات وخلال فترة زمنية قصيرة لا تتعدى الأسبوعين حتى وصل بها إلى درجة A مع إبقاء المجال مفتوحا للمراجعة مما يعني احتمال القيام بمزيد من التخفيض خلال الفترة المقبلة.
والآن لنتساءل: هل نستطيع القول إن الأزمة الأوروبية انتهت بهذا الشكل؟
للإجابة عن هذا السؤال المهم، يجب أن نضع في الاعتبار أن التقارير تشير أيضاً إلى أن أكبر 24 مؤسسة مالية في دول البرتغال وإيطاليا وأيرلندا واليونان وإسبانيا يجب عليها سداد مديونيات مستحقة بقيمة تزيد على 120 مليار دولار أمريكي خلال ما تبقى من هذا العام 2010م وما يزيد على 271 مليار دولار في 2011م و230 مليار دولار في 2012م. من هذه المبالغ، سيتوجب على البنوك الإيطالية سداد 69 مليار دولار خلال ما تبقى من هذا العام (تحديدا بنك انتيسا سان باولو و بنك يوني كريدت) وسداد 157 مليار دولار في 2011م، بينما سيجب على البنوك الإسبانية (تحديداً بنك سانتاندير) سداد 28 مليار دولار خلال 2010م وسداد 73 مليارا في 2011م.
يجب الإشارة إلى أن هذه التقارير تضمنت تقديرات تميل إلى التحفظ أكثر من الواقعية (بسبب عدم تضمنها إحصائيات عن القروض الثنائية ذات الصبغة السرية) إلا أن المهم هنا أنها تحدثت فقط عن مديونيات المؤسسات المالية في بعض الدول الأوروبية ولم تتحدث إطلاقاً عن المدينويات السيادية المستحقة على الدول الأوروبية والتي تصل قيمتها الإجمالية لدول البرتغال وإيطاليا وأيرلندا واليونان وإسبانيا ما يزيد على أربعة تريليونات دولار، مما يعقد الأمور أكثر وأكثر ويدل على أن الوضع الاقتصادي في أوروبا لا يزال صعباً للغاية وينبئ عن وجود احتمالات لحدوث هزات اقتصادية في الأعوام المقبلة (إن لم تكن في الشهور المقبلة)، لكن السؤال الأهم هو: الدور على من سيكون يا ترى؟