الحديث عن الدور الاجتماعي للقطاع الخاص وانشاء مؤشر للمسؤولية الاجتماعية ومساهمة القطاع الخاص في بناء وتطوير نشاط مؤسسات اجتماعية ذات طابع خيري كل تلك الأمور تعد محمودة ونتمنى الاستكثار منها وتساهم الى حد ما في تقليل وطأة الفجوة بين الأغنياء والفقراء وتيسير حياة المحرومين.
في اطار السعي نحو التطوير والتحديث في مختلف المجالات فان القطاع الخاص عليه دور غاية في الأهمية في هذا المجال ولا يخرجه في نفس الوقت عن مسعاه ومبتغاه الأساسي وهو تحقيق الربح فانشاء المصانع واستصلاح الأراضي وتطوير الشركات التجارية والعقارية كل ذلك يدور في فلك تحقيق الأرباح لأصحابها أو هكذا يأملون وهو أيضآ ما ينعكس بشكل غير مباشر في تقدم البلاد وتطورها .
ولكن ما نحن بصددها اليوم هي مابدأت تظهر حديثآ في منطقتنا وفي مصر ألا وهي الصناديق المتخصصة وهي تلك النوع من الصناديق والمؤسسات الاستثمارية التي تختلف في دورها وطبيعة عملها عن الصناديق التقليدية التي تستثمر في الأسهم والسندات ، حيث أن تلك الصناديق تعمل على جمع السيولة من مصادر مختلفة من المؤسسات المالية والبنوك وشركات التأمين والأفراد وتوجيه تلك الأموال المجمعة نحو الاستثمار المباشر في مجالات الاقتصاد الحقيقي المختلفة سواء أكانت صناعية أو زراعية أو تجارية أو عقارية أو في كل تلك المجالات مجتمعة أو في عدد منها وذلك حسب مجال ونشاط الشركة المؤسسة لكل صندوق من هذه الصناديق حيث تقوم تلك الصناديق في بعض الحالات بالاستثمار في انشاء وحدات جديدة أو الاستثمار في مشاريع قائمة بالفعل بغية تطويرها وزيادة انتاجيتها وفتح أسواق جديدة لها خاصة وأن بعض تلك الصناديق يوجد في هيكل مستثمريعا مشتثمرين ومؤسسات أجنبية .
هذه الأنواع من الصناديق بالاضافة الى سعيها الى تحقيق لأرباح للمساهمين فيها ولكن على فترات طويلة نسبيآ وبشكل مستقر مقارنة بتلك العاملة في مجال الأسهم والسندات الا أن لها دورا مهمآ أيضآ في مجال تطوير وتحديث البلاد في مختلف المجالات وتوطين التكنولوجيا بل ان بعضآ منها ما هو عابر للدول والقارات وهذه النوعية من الصناديق تناسب فئات من المستثمرين اللذين يبحثون عن استثمارات آمنة الى حد كبير لأموالهم وعلى المدى الطويل وذلك تحت ادارة مجموعة من المهنيين المحترفين واللذين يساهموا بهذا الشكل في المجهود التحديثي للبلاد ولو من باب ربحي ، فتحقيق الأرباح في حد ذاتها ليس عيبآ بل هو من ضروريات الحياة طالما أن تلك الأرباح لاتتحقق من خلال الفساد والضرر و الضرار بل انها تصبح أمرآ رائعآ اذا ما اقترنت بتطوير وتقدم البلاد وهو ماتؤديه تلك الصناديق بشكل مباشر أو غير مباشر .
ومن أمثلة تلك الصناديق ما قامت به احدى الشركات المصرية مؤخرآ من انشاء صندوق للاستثمار في مجال استصلاح الأراضي وتسويق منتجاتها الزراعية فقامت باستغلال الأموال التي تم الاكتتاب بها في هذا الصندوق وتوجيها نحو الاستثمار الزراعي في دولة السودان مستغلة للامكانيات الزراعية الهائلة في هذا البلد الشقيق ومن ثم تسويق وتصدير تلك المنتجات المحاصيل الزراعية وتحقيق أرباح توزع على المساهمين في هذا الصندوق .
وكذلك قيام أحد شركات التسويق العقاري الهامة في مصر بانهاء اجراءات تأسيس صندوق عقاري تقوم من خلاله بتجميع الأموال من مصادر مختلفة للاستثمار في مجال تطوير الأراضي وانشاء وبيع وتأجير العقارات مما يساهم في تحديث وتنمية الثروة العقارية في مصر خاصة ولو انتشرت تلك الآلية بين شركات التسويق والاستثمار العقاري المختلفة خاصة وكما هو معروف فان الاستثمار العقاري بحاجة مستمرة لمصادر تمويل ويتحرك على أسس ودراسة علمية وواقعية وهو ما يغيب عن كثير من فكر الاستثمار العقاري في مصر مما يجعله في كثير من الأحايين يتسم بالعشوائية والمبالغة في التقييمات وضعف بل في معظم الأحيان عدم القدرة على التعامل مع متغيرات السوق سواء أكانت تلك المتغيرات ذات طابع محلي كارتفاع أسعار مدخلات البناء من حديد وأسمنت وطوب وعمالة وغير ذلك أو بناءً على قرارت حكومية متعلقة بالرسوم والضرائب أو متغيرات عالمية كتوابع الأزمة المالية العالمية وما فرضته من ركود في القطاع العقاري وكل ذلك يتطلب أفرادآ محترفين وعلى درجة عالية من الدراسة والخبرة مما ينعكس على شكل متطور من النمو والاستثمار العقاري وما يستتبعه من نشاط وتطور في المجالات الأخرى المرتبطة به بشكل مباشر وغير مباشر ، ومن الجدير بالذكر أن تطورآ هامآ قد حدث مؤخرآ وهو السماح للصناديق العقارية بشراء الأصول الثابتة والمنقولة لمزاولة نشاطه من شأنها أن تحل مشكلة التملك، التى كانت تواجهها صناديق الاستثمار العقاري .
فان نظرنا الى هذه الصناديق نظرة أكثر شمولية من خلال العمل على استغلالها في المجال التحديثي للبلاد فاانا نجد أنه يجب أن نسعى نحو وضع أطر حديثة وعملية في مجال تأسيس صناديق متخصصة في الاستثمار في مجال البنية التحتية الأساسية وتطوير آليات ادارة هذه المشاريع بما يضمن هامش ربح معقول ومجزي لهذه الصناديق ومراعاة للبعد الاجتماعي للدور الحكومي في هذه المجال ، خاصة وأن تطوير البنية التحتية يساهم في جذب مزيد من الاستثمارات الخارجية وتوليد استثمارات داخلية قوية بما ينعكس بالايجاب بشكل مباشر وغير مباشر على مولدات ونتائج أعمال كافة أعضاء المجتمع بما فيه من أفراد ومستثمرين ومؤسسات وصناديق بل وتطور بالغ على صعيد الأداء الحكومي وهو مايخفف الحمل عن كاهل الحكومة في مجال تمويل هذه الاستثمارات والتي تحتاج الى أموال ضخمة لانجازها مما يزيد العبء على الموازنة العامة وبالتالي على الشعب بشكل غير مباشر عبر رفع الضرائب لتمويل النفقات الحكومية المتزايدة
ان دور هذه الصناديق وغيرها من المؤسسات المالية لهو دور بالغ الأهمية لابد أن تقوم الحكومة بتشجيعه وتوفير الدعم لها ونشر ثقافة تأسيس هذا النوع من الصناديق بين الشركات والمؤسسات وتشجيع الأفراد والمؤسسات نحو الاستثمار والاكتتاب في هذه الصناديق كأحد أهم الوسائل الحديثة والمتطورة في دعم آفاق النمو وتسريعه وتحديث البلاد في العديد من المجالات الحيوية ، مما يساهم كما أسلفنا في توليد و جذب استثمارات مباشرة وغير مباشرة ويعمل على تعميق ثقافة الاحتراف والعمل على أسس علمية وموضوعية وهو ما نحن في أمس الحاجة اليه .