يتمركز الموضوع الرئيسي لتداولات هذا الأسبوع، وكذلك لتداولات الأسبوع القادم، حول الإحجام عن المخاطرة، الأمر الذي انتشر بصورة كبيرة داخل كافة الأسواق بأحد الطرق أو الأشكال. وبصفة عامة، فإن المؤشرات الرئيسية لقياس المخاطرة جرى توجيهها من خلال أسواق الأسهم والسندات. فنجد أن الأسهم واقعة تحت ضغط شديد، ولا تُظهِر السندات الحكومية في أميركا وأوروبا أية علامات على كسر الاتجاه القوي طويل الأمد الآخذ في الصعود. ويعتبر كلا هذين العاملين بمثابة علامات باعثة على التشاؤم بخصوص النمو الاقتصادي، وتتضح نتائجهما في إعادة موازنة مخاطرة الاستثمار على امتداد كافة فئات الأصول، وليست السلع بمحل استثناء من ذلك.
وقع النفط الخام تحت ضغط في ظل الأوضاع الحالية، إلا أن ذلك حدث أيضا بسبب التعزيزات الضخمة في الأوراق المالية الحالية بالدول الواقعة على جانبي المحيط الأطلنطي. وقد أبقت التقديرات الأميركية والآسيوية، الخاصة بمعدلات الطلب والنمو، على الأسعار عالية، إلا أنها تأثرت الآن من قِبَل أسواق الأسهم والسندات الأقل تفاؤلا. ورغم أنه لم يتغير سوى القليل جدا، خاصة في التوقعات المستقبلية الآسيوية الخاصة بمعدلات الطلب والنمو، إلا أن الشعور العام هو المُحفِّز.
وللمستويات العالية في التخزين أيضا تأثير عكسي على أسواق الشحن. وتبزغ صورة قاتمة إلى حد ما بالنسبة لـ (ناقلات النفط الخام العملاقة) التي تنقل النفط في المقام الأول من الخليج العربي إلى اليابان (الطريق القياسي "تي دي 3"). وصعودا من أدني مستويات السنة البالغ 6.185 دولار أميركي لليوم، والذي يقارب مستويات تكاليف التشغيل (ولكن أدنى بكثير من مستويات التعادل)، فقد تزايد المقدار في 9 أغسطس قليلا، ولكن عاد الآن إلى مستويات منخفضة للغاية. ومن شأن المزيد من الضغط على الأسعار أن يؤدي إلى خفض في الإنتاج، والذي سيترك بدوره أسواق الشحن في مآزق شديدة.
ونجد أن "خام غرب تكساس الوسيط" قد تحرك باتجاه النهاية السفلي لمجري الاتجاهات الأسبوعية طويلة الأمد. فعلى الغرم أنه لم يصل تماما إلى مستوى 70.00 دولار، إلا أن الخسائر المشهودة على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية كانت كبيرة. وهبوط مجرى الاتجاهات هو أمر يترك "خام غرب تكساس الوسيط" في ورطة حقيقية تنذر بمزيد من الخسائر التي يمكن أن يصل مقدارها إلى ما يقرب 10 – 15%.
وبهذا الخصوص، فإننا لم نتجاوز ذلك المستوي، الأمر الذي يعني بأننا شهدنا دخول مُخططي الأسواق على هذه المستويات من أجل غايات إستراتيجية طويلة الأجل، وذلك بداخل الاتجاه طويل الأمد. ولا يزال معدل التحرك الخمسيني "50 يوما" بالاتجاه الصاعد، وسوف يشكل مقاومة شديدة لأية تزايدات باتجاه مستوي 76.80 دولار.
وقد وقعت سلع الحبوب، هي الأخرى، تحت بعض الضغط هذا الأسبوع، وذلك بالرغم من أن هذه صورة مختلطة إلى حد ما على امتداد المنتجات. ففي حين بدت أسعار القمح واقعة تحت بعض الضغط، إلا أن الذرة قد أظهرت بأنها -حتى وفي ظل سيناريو الإحجام عن المخاطرة- قوية. وقد تم اختبار مستوي 414.25 الرئيسي في سلعة الذرة، ولكن حتى وفي وجه الكثير من الظروف غير المواتية، فقد حفرت طريق عودتها للأعلى ويتم تداولها الآن عند أعلى نقطة من المستويات الأسبوعية والتي يعود تاريخها إلى المستويات المشهودة فقط في العام 2008. ويُعتبر هذا بمثابة علامة على وجود قوة متأصلة في سلعة الذرة، ويبدو أنه سيكون هناك المزيد من التصاعد بتلك الطريقة.
وقد بات من الجلي تماما أن الإنتاج الأميركي القليل من سلعة الذرة يعطي إشارة إلى الأسواق بأن العجز في التوقعات يتسع أكثر مما تم التنبؤ به في البداية، وبأن علينا أن نتوقع المزيد من تضييق التوازنات، وذلك في وجه الطلب المتزايد. وهذا بعكس الطلب على القمح وفول الصويا، والذي يبدو بأنه قد وصل إلى ذروته، في ظل وجود معروض معقول منهما ضمن سيناريو نمو معتدل.
وقد أدى سيناريو الإحجام عن المخاطرة إلى المزيد من الأرباح في سلع المعادن، وذلك مع وجود قدر كبير دائم من الأرباح –على المرأى- في سلعة الذهب. والمُحفِّز الرئيسي لهذا مبني على اللجوء إلى الجودة. ونجد أن المخاطرة الخاصة بهذا التحرك هي أنه عبارة عن تحرك مدفوع بالعواطف، وذو طابع مُضاربة صِرف، والذي يمكن وفي ظل حدوث تحوُّل من سيناريو الإحجام عن المخاطرة إلى سيناريو الإقبال على المخاطرة، أن يكون عرضة للتأثر. ولكي يتحرك الذهب إلى منطقة التأثر، يتوجب حدوث هبوط لمقدار 1.196 حتى يهدد الاتجاه الأسبوعي طويل الأمد الآخذ في الصعود، والذي يعود تاريخه إلى العام 2008.
ولنكن واقعيين، برغم ذلك، فإن الشعور الرئيسي يُشير إلى تحرك أعلى في سلعة الذهب، وذلك مع وقوع المستويات العالية الدائمة تحت الضغط. ولا تبدو هناك أية علامات على عودة إقبال المستثمرين على المخاطرة في المستقبل القريب، الأمر الذي ينبغي له أن يُغذِّي ويدفع أسعار الذهب إلى منطقة جديدة.
شوفوا الذهب في سبتمبر!!! اسعار جديدة!