06/07/2009 2
د . جمال شحات

منذ وقت طويل، كان الدفاع عن اقتصاد أوروبا ضد الممارسات التجارية الجائرة يشكل عنصراً رئيسياً في السياسة الخارجية التي يتبناها الاتحاد الأوروبي. 

ويكاد الأمر يتحول إلي شكل من أشكال الغريزة التي يتصور بعض الساسة وزعماء المال والأعمال بدافع منها أن المفوضية الأوروبية لابد وأن تنظم دفاعات تجارية جديدة كلما بدا لها أن المنافسة غير عادلة. ولكن ما الذي يدافع الأوروبيون عن أنفسهم ضده بالتحديد، وماذا يعني تعبير "الممارسات التجارية الجائرة" علي أية حال؟

في غياب القواعد الدولية الخاصة بتنظيم المنافسة لمنع التسعير الجشع وغير ذلك من الأنشطة الضارة بالمنافسة، فإن الدفاعات التجارية تشكل ثاني أفضل خيار. والأداة الأوسع انتشاراً تتمثل في رسوم مكافحة الإغراق التي تهدف إلي فرض بعض القيود علي الشركات التي تتصرف علي نحو يضر بالمنافسة.

 إلا أن الأسعار ترتفع بارتفاع الرسوم والتعريفات، وهو ما يعني في كثير من الأحوال خسارة يتحملها المجتمع ككل. إلا أن الشركات التي تسعي إلي الاستفادة من الدفاعات التجارية تعودت علي تجاهل هذه الحقيقة. والجديد في الأمر علي كل حال هو أن الشركات قد لا تجني أي ربح من الدفاعات التجارية.

الحقيقة أن تعبير "الدفاعات" في حد ذاته يدفعنا إلي تكوين صورة لدولة وطنية لا يربطها تجارياً ببقية العالم إلا التجارة التقليدية. فبالنسبة لمثل هذه الدولة تكون كل الواردات أجنبية بالفعل، وعلي هذا فإن دفاعاتها التجارية لابد وأن تكون موجهة نحو المصالح الأجنبية فقط.

بيد أن هذا التصور لا يصدق في عالم اليوم الذي تحكمه العولمة. فرغم أن التجارة التقليدية ما زالت قائمة، إلا أننا لدينا أيضاً استثمارات أجنبية مباشرة، فضلاً عن انتقال الإنتاج والتصنيع والخدمات والعمالة إلي الخارج.

وهناك خطوط إمداد عالمية حيث يتم تطوير السلع والمنتجات في بلد ما، وتصنيعها في بلد آخر، ثم تجميعها في بلد ثالث. فضلاً عن ذلك فقد أصبحت رؤوس الأموال والمعرفة تتدفق الآن عبر الحدود، كما حل في محل التجارة الثنائية التقليدية شبكة معقدة من العلاقات التجارية الدولية.

وكل هذا يحمل في طياته الكثير من المعاني الضمنية فيما يتصل بالدفاعات التجارية. فإذا ما كان هاتفك الجوال مجمعاً في الهند، ولكن فنلندا تولت تصميمه وتطويره، فهل تعتبره منتجاً هندياً أم فنلندياً؟ وحين تنقل الشركات الأوروبية مراحل التصنيع التي تحتاج إلي أعداد كبيرة من العمالة إلي البلدان ذات الأجور المنخفضة، ولكنها تحتفظ بما تبقي من عملية الإنتاج في أوروبا، فإنها تعقد الأمور إلي حد كبير بالنسبة لكل من يحاول تقييم الجدوي الاقتصادية من الدفاعات التجارية.

إن توجيه أحد إجراءات مكافحة الإغراق ضد صانع آسيوي قد يؤدي إلي إلحاق أغلب الضرر بأحد المنتجين الأوروبيين. ولقد حدث ذلك بالفعل بموجب قرار مكافحة الإغراق الذي اتخذ في شهر أكتوبر2006 ضد الأحذية الجلدية، حين قرر الاتحاد الأوروبي فرض تعريفات مضادة للإغراق علي المنتجات القادمة من الصين وفيتنام.

ولقد أجري المجلس الوطني للتجارة في السويد دراسة حالة لخمسة من منتجي الأحذية الأوروبيين في بلدان مختلفة وشرائح مختلفة من السوق بهدف التعرف علي محل نشوء القيمة المضافة في عملياتهم الإنتاجية.

ورغم أن الأحذية كانت مصنوعة في الصين وفيتنام، إلا أنها صممت وسوِّقت في أوروبا. وهذه العملية الإنتاجية المتشابكة، قبل وبعد التصنيع الفعلي، تشكل 80% من القيمة المضافة. أو بعبارة أخري، كانت الأحذية القادمة من الصين أوروبية بنسبة 80%.  

أما بالنسبة للأحذية الأقل تكلفة، حيث المبالغ المستثمرة في المراحل المتشابكة من عملية الإنتاج أقل، فلم تكن النسبة علي نفس القدر من الارتفاع، إلا أنها ظلت أعلي من 50%. وعلي هذا فإن إجراءات مكافحة الإغراق التي اتخذها الاتحاد الأوروبي كانت في الحقيقة موجهة ضد الشركات الأوروبية علي نحو غير مقصود.

من المعروف أن القطاعات التي تتطلب استثمارات ضخمة في رأس المال البشري مثل السلع الاستهلاكية الكهربائية تتطلب أيضاً استثمارات أعلي في البحوث والتنمية مقارنة بقطاع الأحذية، وعلي هذا فإن تصنيع هذه السلع علي خط تجميع في بلد قليل التكلفة قد لا يكون باهظ التكلفة مقارنة بالبحوث والتنمية والتكاليف الأخري المتشابكة.

أما السلع الأكثر تقدماً، فإن قيمتها المضافة بالنسبة للاتحاد الأوروبي تكون مرتفعة للغاية (إذا ما تمت المرحلة المتشابكة من إنتاجها في أوروبا). وهذا يعني أن فرض الدفاعات التجارية ضد مثل هذه السلع، حتي ولو كانت مبررة من الناحية القانونية، من المحتمل أن يخلق المشاكل للشركات الأوروبية الأقرب إلي العولمة.

يري العديد من الناس أن مثل هذه المشاكل تُعَد بمثابة الثمن الذي يتعين علينا أن نتكبده لضمان عدم انخراط الشركات في سلوكيات ضارة بالمنافسة، أو حصولها علي إعانات دعم مشوهة للعملية التجارية.

ولكن حتي في حالة نجاح هذه الإجراءات علي النحو المفترض لها، فإن الأغلبية العظمي من الإجراءات التجارية الدفاعية لن تكون علي الأرجح موجهة ضد الممارسات التجارية الضارة بالمنافسة. ففي كثير من الأحيان تشكل سياسات الحماية العامل الحاسم وراء اتخاذ الإجراءات التجارية الدفاعية.

وكثيراً ما تستخدم إجراءات مكافحة الإغراق ضد المنتجات الرخيصة إلي الحد الذي يجعلها تشكل تهديداً ضد المنتجات الأوروبية، رغم أن الفارق في السعر قد يكون ناتجاً ببساطة عن المنافسة النزيهة.

وهذا يثير انتقادات جوهرية ضد آليات الدفاع التجارية في أوروبا. فالتجارة الدولية بموجب تعريفها تشكل منافسة بين الشركات علي أرض ملعب غير ممهدة بالتساوي. إذ أن بعض الشركات قادرة علي الحصول علي رؤوس الأموال بقدر أكبر من السهولة واليسر، بينما تعجز الشركات المنافسة لها عن الحصول علي التمويل بأسعار فائدة معقولة.

وبعض الشركات تتمتع ببنية أساسية ممتازة تحت تصرفها، بينما قد تضطر الشركات الدولية المنافسة لها إلي العمل في ظل انقطاع متكرر للطاقة الكهربية. وقد تضطر بعض الشركات إلي تحمل ضرائب مفرطة، بينما تتحمل غيرها ضرائب أقل. وقد لا تجد بعض الشركات صعوبة في توظيف المهندسين الأكفاء، بينما تتمتع غيرها بوفرة في العمالة الرخيصة.

إن تمهيد أرض اللعب بالتساوي أمام كافة المتنافسين في عالم التجارة أمر مستحيل. ومع ذلك نجد أن العديد من الساسة وزعماء التجارة حريصون علي التركيز علي الفوارق التي لا تريحهم، ويودون لو يكون بوسعهم أن يتمكنوا من تسوية هذه الفوارق. إلا أنهم في الحقيقة لا يحبون المنافسة ذاتها، وهم يكافحونها بنشر أدواتهم الدفاعية التي قد تجلب عليهم في النهاية ضرراً أشد من الضرر الذي يسعون إلي تجنبه.

كل هذه الافكار تداعت الى ذاكرتى وانا اتابع ما تقوم به بعض الشركات الصينية من رفع دعوى الاغراق على بعض الشركات السعودية . هل فعلا قامت هذه الشركات السعودية بهذا الاغراق المزعوم .

ام ان الامر من قبيل ( ضربنى وبكى وسبقنى واشتكى ) لاننى فى حدود معرفتى المتواضعة لا اعتقد ان احدا يستطيع ان يجارى الشركات الصينية فى الاغراق والواقع شاهد على ذلك لكل ذى عينين , ام سينجح الصينيون فى اثبات  دعوى الاغراق ضد الشركات السعودية .

وختاما اغرقونا فاغرقناهم ...... فمن الغارق .... نحن ام هم .... سوف نرى !!!!!