تضمنت خطة التنمية التاسعة التي أقرها مجلس الوزراء الموقر، الإثنين الماضي (9/8/2010)، 65 خطة تشغيلية لجهات التنمية تغطي الأهداف العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وأولويات التنمية ومحاورها الرئيسة، والسياسات التنفيذية الرئيسة للقطاعات التنموية، وحجم الاستثمارات اللازمة لبرامج الخطة ودور القطاعين الحكومي والخاص. ومن المخطط له أن يزيد الإنفاق على خطة التنمية التاسعة بنحو 67.3 في المائة عن مخصصات خطة التنمية الثامنة لتبلغ أكثر من 1.4 تريليون ريال على مدى خمس سنوات تشكل مدى الخطة التنموية. وما يهمنا هنا هو القضايا والتحديات لخطة تنمية القطاع المالي؛ كون حلحلة التحديات والقضايا تسهم في تحقيق الأهداف التنموية والاستراتيجية في الوقت الذي تتطور فيه الأجزاء الأخرى للقطاع، أي أن التحديات تشكل بعض العوائق تجاه نمو القطاع، بينما تستمر الوحدات الإيجابية في التفاعل وتحقيق الخطط التنموية للقطاع المالي دون الحاجة إلى التعرض لها.
وقد تضمن الفصل الخاص بالخدمات المالية في خطة التنمية التاسعة خمس قضايا وتحديات تشمل الأزمة المالية العالمية، الدور التنموي لبنوك الاستثمار، الدور التنموي للصكوك الإسلامية، ندرة شركات رأس المال الجريء، ومؤسسات الإقراض المتخصصة. وكل واحدة من القضايا والتحديات الواردة في خطة التنمية تستحق البحث والتحليل لأهميتها الاستراتيجية للمسيرة التنموية ومساهمتها المنفردة حينا، والمترابطة في غير أحيان مع تحقيق الأهداف التنموية الأخرى، إلا أن هذه المقالة ستتناول قضية وتحدي ندرة شركات رأس المال الجريء؛ نظرا إلى حداثة ومحدودية هذه الشركات في الاقتصاد السعودي.
وكما تشير الخطة، فإن أنشطة ''شركات رأس المال الجريء تتنوع، إلا أن السمة الغالبة والمشتركة المميزة لهذه الشركات تتمثل في ارتفاع عنصر المخاطرة وفي شروط تمويلها، والسعي لتحقيق معدلات مرتفعة من الربح، سواء من خلال تمويل المشاريع التي تواجه صعوبات في الاقتراض من المصارف، نتيجة عدم قدرتها على تقديم ضمانات كافية للقروض المطلوبة، أو من خلال شراء ''المشاريع المتعثرة''، أو التي تعاني تراكم الديون وضعف القدرة على السداد، حيث تقوم تلك الشركات بإعداد برامج فاعلة وتنفيذها للنهوض بهذه المشاريع؛ لذا تسهم هذه الشركات إسهاما فاعلا في تمويل الاستثمارات العالية المخاطر وإدارتها. ومن أمثلة الأنشطة التمويلية الأخرى (غير التقليدية) التي تزاولها شركات رأس المال الجريء ''التمويل التأجيري وتمويل المبيعات الآجلة''. وتستهدف خطة التنمية التاسعة تحفيز الشراكة بين الاستثمارات الخاصة (الوطنية والأجنبية المباشرة) في مجال إنشاء شركات رأس المال الجريء، وتذليل المعوقات التنظيمية التي تحد من إسهاماتها المأمولة في تنمية الخدمات المالية في المملكة، وتوفر ''حاضنات الأعمال التقنية'' البيئة المثلى لقيام ونجاح شركات رأس المال الجريء، حيث يتم استثمار رؤوس الأموال في تحويل الأفكار والابتكارات الصناعية الجديدة إلى سلع ومنتجات تخدم السوقين المحلية والأجنبية، كما أشارت خطة التنمية''.
حقيقة، هذا الحرص في خطة التنمية على تطوير القطاع التمويلي الخاص برأس المال الجريء مهم جدا؛ كونه يسهم في سد ثغرة تنموية اقتصادية مهمة تتعلق بعنصر التقنية الإنتاجي، حيث إن عناصر الإنتاج الواردة في نظرية النمو الاقتصادي تتضمن العمل ورأس المال والتقنية. فمن ناحية العمل، أولت الخطط التنموية ومخصصات الميزانية اهتماما كبيرا بتطوير الموارد البشرية والتدريب، التي تسهم في تطوير نوع وكم عنصر العمل إذا ما تم توظيفها بنجاعة، أما رأس المال فهو متوافر من عوائد الخزانة العامة، بينما يبقى النمو التقني تحديا قائما؛ كونه المصدر الأول للميزات التنافسية. ويعتمد النمو التقني بصورة كبيرة على القدرة والتمكن من توطين التقنيات العالمية وتطويرها بجانب استحداث قدرات وآليات تقنية لا تقتصر على المخترعات، بل تشمل أساليب الإدارة والإنتاج والبحث والتطوير بصورة تحيل إلى تفوق المنتج أو الخدمة النهائية على نظيراتها في السوق العالمية، أي أن حقل تنافس التطور التقني يرتبط ارتباطا عضويا بالميزات التنافسية والقدرة على تطويرها والحفاظ على مكانتها.
وعليه، فإن اهتمام خطة التنمية التاسعة برأس المال الجريء يصب في قناة النمو التقني؛ لأن النظرية الاقتصادية وواقع الحال في كل اقتصاديات العالم يشير إلى أن المبتكرات التقنية، خصوصا في العقود الأربعة الماضية يرتبط بنمو شركات تمتلك الأفكار والقدرة على التوسع استراتيجيا، لكنها تفتقد إلى رأس المال العامل؛ ما يحد من التوسع بجانب العجز عن تأمين الرهونات اللازمة للحصول على القروض التي تضمن للمقرض الحصول على العوائد وتقليل المخاطر في حالة النمو، والتوسع وتحقيق الأهداف من المنشآت، التي عادة ما تبدأ صغيرة، ثم تأخذ مكانا بين الشركات الفاعلة في الاقتصاد؛ لذا، فتوجّه خطة التنمية لتحفيز رأس المال الجريء يصب في التوجه الاستراتيجي الذي أشارت إليه الخطة في فصول أخرى، والمشتمل على دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، حيث إن معظم المنشآت الجاذبة لرأس المال الجريء، منشآت صغيرة ومتوسطة وتحمل أفكارا خلاقة لها مستقبل من ناحية العائد على الاستثمار بمخاطرة أعلى من معدلات المخاطرة السائدة، لكن مع توقعات عالية من ناحية العوائد والنمو.
وأخيرا، يعد الاهتمام بتضمين شركات رأس المال الجريء في خطة التنمية التاسعة مؤشرا إلى تقدير الجهات الرسمية لأهمية تحفيز الإبداع والاختراع ومحاولة خلق قنوات جديدة وقصص نجاح قد تؤدي إلى تغيير وتطوير القواعد والقناعات القديمة والمعتقة المرتبطة بفرص النجاح؛ ليتم التمكن من خلق قصة اقتصادية يكتب نصها وتصاغ أحداثها ومواقعها سعوديا!
الطريق لن يكون سهلاً لتفعيل رؤوس الاموال الجريئة في المملكة بسبب طبيعة البيئة الاستثمارية لدينا اضافة الى عوامل عديدة تحياتي لك دكتور قصي ولطرحك الكريم ..
د. قصي ألا ترى ان كل الذي ذكرت انه ورد في الخطه التنمويه التاسعه, مرتبط (( بسوف وأخواتها,, مثل يفعل, يطور, ومن الممكن تفعيل, ومن الاهم ان يقوم....الخ), اما اذا أريد ان يفعل دور المال الجريء, فلا بد يتباعدوا من يؤمن به عن جيل المنح والشرهات, فمن يرى ان غيره منح ملايين الامتار من الاراضي المجانيه, لن يتعب نفسه او يغامر بالاستثمار في مشاريع المال الجريء.
كما تعلم ياكتور قصي هناك توجه جديد للاستثمار في تمويل ا لقضايا المحكمة lawsuit . هل يوجد مهذا النوع من الاستثمار . حسب مقالة نيويورك تايمز أن سوق هذا النوع من الاستثمار يناهزمليار دولار .. تحياتي