في أكثر من مناسبة يعرب المسئولون العراقيون بأن العراق هي امتداد طبيعي لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، وذلك في إشارة واضحة إلى إمكانية توسع المجلس شمالا بانضمام العراق إلى منظومة دول مجلس التعاون، من ناحية أخرى فقد طالب العراق بعد حرب 2003، في أكثر من مناسبة، بانضمامه إلى عضوية منظمة دول مجلس التعاون.
الموضوع إذن ليس من الموضوعات الجديدة على نطاق البحث، وفي رأيي أن انضمام العراق إلى منظومة المجلس سوف يصب في مصلحة المنظومة ويزيد من قوتها وتأثيرها سواء الإقليمي أو الدولي، ولكن هناك سؤالان في غاية الأهمية واللذان تجب مناقشتهما بإسهاب قبل انضمام العراق، الأول هو: هل فعلا العراق جاهز حاليا للانضمام إلى عضوية المجلس؟ والثاني هو: هل يستطيع المجلس أن يستوعب الأعباء التي يمكن أن تترتب على انضمام العراق إلى عضوية المجلس؟ مما لا شك فيه أن الإجابة على هذين السؤالين تعد أمرا في غاية الأهمية لتحديد فرص الانضمام الناجح للعراق إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربي.
من الناحية النظرية تشير نظرية التكامل الاقتصادي إلى أن التكتل الاقتصادي يكون ناجحا في حالة تشابه الهياكل الاقتصادية والسياسية للدول الأعضاء، وتقارب مستويات الدخول وأنماط الاستهلاك والإنفاق.. الخ، حيث يسهل في هذه الحالة خلق التجارة trade creation، بين دول التكتل ومن ثم زيادة فرص رفع معدلات النمو ومستويات التوظف والمعيشة في كافة الدوال الأعضاء في التكتل، وبمراجعة مدى انطباق شروط التكامل الاقتصادي على دول المجلس والعراق يلاحظ انه هناك بعض أوجه للتشابه بين العراق وباقي دول المجلس، بصفة خاصة فيما يتعلق بهياكل الإنتاج حيث أن العراق منتج رئيس للنفط الخام، وان كان العراق يتمتع بفرص كامنة لتنويع هياكل إنتاجه بصورة أكبر من باقي الدول، بصفة خاصة في مجال الزراعة.
أضف إلى ذلك أن العراق يمكن أن يمثل سوقا استهلاكيا كبيرا لصناعات دول مجلس التعاون الحالية، بصفة خاصة المملكة، ومن هذا المنطلق يمكن ان يترتب على انضمام العراق للمجلس تحقيق بعض المكاسب الاقتصادية. غير انه تنبغي الإشارة إلى أن المكاسب الاقتصادية من الانضمام ليست هي العنصر الوحيد الذي يؤخذ في الاعتبار عند تقييم قرار التوسع بانضمام أعضاء جدد في أي تكتل اقتصادي، فمن المؤكد ان انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي سوف يترتب عليه تحقيق الاتحاد الأوروبي أيضا لمكاسب، غير ان الاتحاد الأوروبي حتى هذه اللحظة يرفض انضمام تركيا نظرا لاتساع أوجه عدم التشابه بين تركيا وباقي دول الاتحاد، أو هكذا ينشر على الملأ.
وعلى هذا الأساس، في رأيي أيضا، أن الفوارق بين العراق ودول مجلس التعاون تتباعد في الوقت الحالي بصورة واضحة، إلى الحد الذي يمكن معه أن يترتب على انضمام العراق إلى عضوية المجلس مشكلات خطيرة تهدد سلامة المجلس بوضعه الحالي. ومما لاشك فيه ان تقييم العوائد والتكاليف الناجمة عن انضمام العراق إلى منظومة دول المجلس لا بد وأن يأخذ في الاعتبار العوامل الآتية:
أولا: وجود فوارق كبيرة في معدل البطالة بين العراق ودول مجلس التعاون، حيث يصل معدل البطالة في العراق وفقا لبعض التقارير إلى حوالي 50%، وهو ربما يكون من أعلى معدلات البطالة في العالم. وعندما يتم ضم العراق إلى عضوية دول المجلس فسوف يمنح العامل العراقي معاملة تفضيلية بالنسبة لفرص التوظيف المتاحة في دول مجلس التعاون، مثل تلك التي تمنح لمواطني الدول الأعضاء الآخرين في المجلس، ونظرا للفوارق الكبيرة في مستويات الدخول والأجور الحالية بين العراق ودول المجلس الأخرى، فانه من المتوقع في حال تم ضم العراق الآن أن يحدث فيضانا هائلا من الهجرة للعمال العراقيين إلى دول المجلس مستفيدين في ذلك بالتسهيلات التي تمنحها الاتفاقية الحالية بين دول مجلس التعاون والمتعلقة بحرية التنقل بين دول المجلس، ومما لا شك فيه ان أسواق العمل في دول المجلس ربما تكون غير مستعدة حاليا لإحداث التكيف اللازم لاستيعاب هذا العرض الهائل من العمال المهاجرين من العراق صوب باقي دول المجلس، خصوصا وأن بعض دول المجلس قد بدأ بالفعل يعاني من ارتفاع معدلات البطالة بين المواطنين من الداخلين الجدد إلى سوق العمل. من ناحية أخرى فإن استيعاب هذه الأعداد الكبيرة من العمال العراقيين لا بد وان يصاحبه تطبيق سياسة إحلال للعمالة من العمال الذين ينتمون إلى دول من خارج المجلس إلى العمالة العراقية أساسا، ومن الواضح ان جهود عملية الإحلال في أسواق العمل بدول المجلس تواجه صعوبات مرتبطة بعملية إحلال العمالة الوافدة بالعمالة الوطنية، نظرا لضعف استجابة القطاع الخاص لجهود الإحلال. أكثر من ذلك فإن تدفقات العمال العراقيين يمكن أن يترتب عليها إخلال بالسياسات الحالية الرامية إلى إحداث نوع من التوازن بين الجنسيات المختلفة للعمال في سوق العمل الخليجي.
ثانيا: هناك فروقا واضحة في مستويات التعليم وتكوين رأس المال البشري بين العراق ودول المجلس في صالح باقي دول المجلس، حيث تتدنى مستويات التعليم وتسهيلاته بشكل واضح في النظام الحالي للتعليم في العراق مقارنة بباقي دول المجلس، فضلا عن تواضع فرص التدريب وإعادة التأهيل لرأس المال البشري في العراق، الأمر الذي قد يعني عدم مناسبة المخرجات الحالية لنظام التعليم والتدريب في العراق لمتطلبات أسواق العمل في دول مجلس التعاون، وهو ما يجعل عملية استيعاب العمالة العراقية في سوق العمل الخليجي عبء عليه أكثر منه إضافة له.
ثالثا: على الرغم من اتساع السوق العراقي باعتباره يمثل فرصة لتسويق المنتجات الخليجية ومن ثم خلق فرص أكبر للتجارة بين دول المجلس والعراق، إلا أن هناك فروقا واضحة في مستويات الدخول والاستهلاك بين كل العراق وباقي دول المجلس، الأمر الذي يحد من فرص استفادة دول المجلس من عمليات خلق التجارة بينها وبين العراق، حيث سيظل العراق، على الأقل في المرحلة الحالية، سوقا محدودا بسبب الانخفاض الواضح في القوة الشرائية للمستهلكين فيه مقارنة بباقي دول المجلس واختلاف أنماط الإنفاق فيما بينهما.
رابعا: أن العراق في حاجة حاليا إلى برنامج ضخم لإعادة تأهيله واستعادة العراق لأوضاعه قبل الحرب العراقية الإيرانية، ولكي يصبح في مستوى اقتصادي موازي لمستويات النمو الاقتصادي في باقي دول المجلس، وهو ما سيتطلب خططا ضخمة للإنفاق على البنى التحتية، وعلى قطاعات التعليم والصحة وتطوير القطاع المالي العراقي وقطاع الاتصالات .. الخ، وهو ما قد يستلزم تخصيص ميزانيات مالية ضخمة لذلك، ونظرا لارتفاع التزامات دول المجلس الأخرى قبل اقتصادياتها، فان احتمال توفير هذه التسهيلات المالية لإعادة تأهيل العراق قد يعد محدودا. وفي رأيي أنه بدون برنامج إعادة تأهيل الاقتصاد العراقي فان فرص نجاح انضمامه إلى منظومة دول المجلس ستظل ضعيفة، وقد تخلق مشكلات عديدة تفوق في أثرها، العائد المتوقع على دول المجلس من انضمام العراق.
خامسا: أن هناك فروقا كبيرة في مستويات البنى التحتية بين العراق ودول المجلس، وسوف يظل تواضع مستويات البنى التحتية في العراق بالنسبة لباقي دول المجلس قيدا على نمو وتنافسية الاقتصاد العراقي كعضو في المجلس، ومن ثم ستظل فروق مستويات النمو بين العراق ودول المجلس كبيرة لسنوات طويلة في المستقبل، وهو ما يحد من فرص التكامل الأمثل بين العراق ودول المجلس، مما يحد من فاعلية وديناميكية الاقتصاد العراقي في التفاعل مع متطلبات التعاون اللصيق المتوقع بين العراق ودول المجلس، إلا إذا كانت دول المجلس الأخرى مستعدة لتوفير التمويل اللازم لبناء بنية تحتية حديثة في العراق، وهو مما لاشك فيه سوف يتطلب رصد أموال ضخمة جدا لهذا الغرض، ولا أعتقد ان دول المجلس مستعدة لهذا الخيار حاليا.
سادسا: وربما تكون هذه النقطة من أهم العوامل التي تقيد فرص الانضمام الناجح للعراق حاليا إلى دول المجلس، وهي الاختلاف الواضح في النظام السياسي في العراق وباقي دول المجلس، وعدم الاستقرار السياسي والأمني في العراق، حيث أنه ليس من الواضح حتى الآن متى ستستقر الأوضاع السياسية في العراق، وماذا يحمل المستقبل لهذا البلد، خصوصا في حالة انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية وترك الأمور المرتبطة بالأمن والدفاع للعراقيين، وفي ظل تعدد العرقيات والمذاهب الواضح في العراق، فانه استقرار العراق السياسي في المستقبل يعد مسألة يحيط به الكثير من عدم التأكد. على الجانب الآخر تتمتع دول مجلس التعاون بمستويات عالية جدا من الاستقرار السياسي والأمني، ومن ثم فإن ضم العراق في الوقت الحالي ربما يهدد درجة الاستقرار السياسي والأمني التي تتمتع بها دول مجلس التعاون حاليا، ومن المعلوم انه في ظل أوضاع عدم الاستقرار السياسي تصبح بيئة الأعمال غير مناسبة على الإطلاق لتدفق الاستثمار المباشر سواء من دول المجلس إلى العراق، أو العكس، ويعني ذلك أنه حتى على فرض انضمام العراق، فسوف يظل الاقتصاد العراقي شبه مغلقا شئنا أم أبينا، أمام رؤوس الأموال الخليجية، نظرا لارتفاع مستوى المخاطر بشكل كبير والناجم عن الأوضاع السياسية والأمنية الحالية.
الخلاصة هي أن عملية تحليل المكاسب والتكاليف المصاحبة لانضمام العراق إلى منظومة دول مجلس التعاون تسير حاليا في غير صالح انضمام العراق بصورة ناجحة إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربي، ولكن إذا كان الوضع كذلك هل هناك من سبيل لرفع درجة الاستفادة المشتركة بين العراق ودول المجلس؟ الإجابة هي نعم، من الممكن القبول حاليا بمستويات أدنى للتعاون بين العراق ودول مجلس التعاون، مثل إقامة منطقة تجارة حرة مشتركة بين العراق ودول المجلس، وتوسيع نطاق التعاون من خلال إنشاء مشروعات مشتركة تصب في مصلحة الطرفين مثل ربط السكك الحديدية والربط الكهربائي والمائي .. الخ، وعلى مستوى يتناسب مع قدرات الاقتصاد العراقي حاليا على التعاون، حتى تتحسن الأوضاع الاقتصادية للعراق ويصبح جاهزا للانضمام إلى دول المجلس بأقل تكاليف ممكنة عليه وعلى باقي دول المجلس.
لا أؤيد انضمام العراق لمجلس التعاون الخليجي ، مع كامل احترامي وتقدير للاخوة في العراق ، لكن أوضاع العراق وسياسات العراق ترسم في قم بإيران ويتم على أساسها تسير الأمور فيها . مثلما رفضت ألمانيا وفرنسا طلب انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي لتخوفهم من دخول أكثر من 60 مليون مسلم للمجتمع المسيحي ، وكذلك لنفس الهاجس تحارب إيران إخواننا من أهل السنة في جنوب إيران وتضطهدهم وتمنع انتشارهم أو إكثارهم ، نحن في دول الخليج لدينا نفس الهاجس ، فالامتداد الشيعي في العراق يؤرق دول الخليج ويهدد الهوية الدينية السنية للجزيرة العربية . هذا بخلاف المشاكل السياسية الموجودة في العراق والأسباب التي ذكرها الدكتور .
اي انضمام الله يهديك هذي شعارات وحجي مجالس طال عمرك خلى الاخوه الاعزاء في العراق يشوفه مصلحه شعبهم بعيد عن الطائفيه والعماله للجاره ايران بعدين يتكلمون عن مجلس التعاون لا تركيبه المجلس الدينيه ولا الاقتصاديه تتلائم مع العراق
المشكله الكبرى ان كتير من الساسه في العراق يعملون لصالح ايران لأن ايران هي من يدعمهم في المحافظه على المصالح فأعتقد ان من المستحيل انضمام العراق بسبب النظام الطائفي المدعوم من الفرس الجدد .
لو كان الحكم باقي في يد صدام حسين نقول حياهم الله ، ولكن في ظل الحكم الحالي الذي هو تارة في يد الامريكان وتارة اخرى في يد الشيعة والاكراد ،، فلا اظن ان عاقل يفكر ان يضم العراق الى مجلس التعاون .. فالعراق حاليا منطقة مسمومة وكما يقول المثل التفاح الفاسد يفسد البقية ..
دكتور اتمنى ان يكون لك غيرة على الاسلام وعلى الدين الذي خلقت من اجله وان يكون ذلك مقدما على كل شيء قبل تناول المسائل الاقتصادية .. فانا المس في كتاباتك انك تهتم في المسائل الاقتصادية على حساب القضايا الاسلامية وعلى سبيل المثال حينما تقول ان لا ندعو على امريكيا وعلقت انها هي القلب النابض للاقتصاد العالمي وان ذهابها هي بمثابة دمار للعالم العربي والاسلامي .. ولا اريد الدخول في تفاصيل حتى لا اخرج في هذا المنتدى الاقتصادي الى حوار ديني .. واذكر نفسي بامبراطورية الفرس والروم التي سادت بحكمها ارجاء معمورة من البلاد وخرج الاسلام وحكم من اقصى الشرق الى غربها ، ولم يقل احد في تلك الفترة ان ذهاب امبراطورية الفرس والروم هي نهاية العالم بالعكس سادت الحضارة والتقدم في بداية العصر الاسلامي حينما اجتمعت قلوبنا على خدمة الاسلام . وقد قال عمر بن الخطاب نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فان ابتغينا غيره اذلنا به .. وقد ابتغينا العزة بامريكيا واوروبا وهذا هو حالنا ذلة بعد عزة .. وشكرا
اذكر قصة حصلت في مدينة غرب السعودية حينما تم دعوة على ما اظن السفير الفرنسي الى المناطق الريفية في تلك المدينة للتعرف عليها ، وحينما تم دعوته على العشاء في احد منازل اصحاب تلك القرية قال له صاحب الدار على شكل دعابة تفضل الله يحيك من وجميع ما ترى من اللحم والعسل واللبن والماء وعدد له باقي الاصناف وقال كل ما ترى من عندنا ومافي اي شيء جاي من فرنسا .. وطبعا يقصد بها اننا نستطيع ان نعيش بباسطة كما كنا نعيش سابقا ونعتمد في اكلنا وشربنا على انتاجنا المحلي .. لذلك لا نفرط في التشاؤم وان حياتنا بيد امريكيا حيث انها لو غضبت علينا سوف ينتهي عصر التكنولوجيا والشركات ستقفل ابوابها وخدمات الجوال والبنوك والسيارات ستنتهي وكأن العالم انتهى .. كما عاش اباءنا بسعادة نستطيع ان نعيش والرزق بيد الله .. ولو سألت اي رجل عاصر الماضي القريب والحاضر وسالته ايمها كنت تشعر بالسعادة اكثر ، فسيقول الماضي ،، نعم الماضي الجميل
ذُكر في خلاصة المقال انه من الممكن القبول حاليا بمستويات أدنى للتعاون بين العراق ودول مجلس التعاون، مثل إقامة منطقة تجارة حرة مشتركة بين العراق ودول المجلس، وتوسيع نطاق التعاون من خلال إنشاء مشروعات مشتركة تصب في مصلحة الطرفين مثل ربط السكك الحديدية والربط الكهربائي والمائي... واقول لا احد يفكر في الربط المائي مع العراق او اي مشروع له علاقة بالماء ابدا ابدا ابدا.
المفروض يتجه شمالاً نحو العراق وجنوباً نحو اليمن .. الخليج في خطر وإن لم نتدارك الأمر لا نلبث أن نصبح ولاية هندية ..