قلة المصافي تدفع أسعار المحروقات في الإمارات عاليا

01/07/2009 9
عبد الغني هني

شهدت أسعار المحروقات في الإمارات العربية  ارتفاعا كبيرا خلال سنة 2008 متماشية مع المستويات القياسية التي سجلتها أسعار الخام في الأسواق العالمية، بالرغم من احتياطاتها النفطية الضخمة التي تجعل منها خامس أكبر احتياطي في العالم بـ98,2 بليون برميل أي مايعادل 9.5% من الإجمالي العالمي، إلا أن هذه الأرقام تقول نصف الحقيقة على اعتبار أن الطاقة التكريرية للمصافي الإماراتية لا تلبي الحاجيات المتزايدة من مختلف المواد المكررة، سواء من الزيوت أو المحروقات، حيث تبلغ الطاقة التكريرية الحالية للمصافي الإماراتية أكثر من 620 ألف برميل يوميا حسب إحصائيات شركة بريتيش بترو ليوم البريطانية، وذلك من خلال خمس مصافي ثلاث منها متواجدة في الرويس و مصفاة أم النار وكلها تابعة لشركة ابوظبي الوطنية للبترول (أدنوك) إضافة إلى مصفاة جبل علي التابعة لشركة الإمارات للبترول بدبي، في حين بلغت وارداتها من المشتقات النفطية 259 ألف برميل يوميا حسب إحصائيات المنظمة العربية للدول المصدر للنفط (أوابك) وهي الأكبر مقارنة بجارتها النفطية.

 وكنتيجة حتمية لتبعيتها للأسواق العالمية نظرا لعدم قدرتها على تأمين احتياجات السوق المحلى من المواد المكررة ووجود أربعة شركات تقوم بتوزيع وتسويق المحروقات، ثلاث منها في دبي وواحدة في أبوظبي، فقد تباينت أسعار الديزل بين مختلف هذه المحطات على اعتبار أن أسعار الديزل معومة من قبل الحكومة و لاتخضع للرقابة حيث وصلت إلى مستوى 18 درهم للغالون في محطات بنزين إيبكو وإينوك والإمارات التابعة لإمارة دبي خاصة وأنها تقوم بإستيراد المحروقات من الأسواق وفق الأسعار المطبقة في الأسواق الدولية، في حين قامت شركة أبوظبي الوطنية للبترول (أدنوك) بتثبيت سعر الديزل عند مستوى 12 درهم للغالون مما سبب حالات ازدحام كبيرة في محطات توزيع الشركة، إضافة إلى أنها تسيطر على معظم الإنتاج النفطى في الدولة؛ أما أسعار البنزين، فقد بقيت ثابتة منذ سبتمبر 2005 تاريخ أخر زيادة بنسبة 30%، على اعتبار ان أي زيادة يجب ان تحصل على الموافقة من قبل وزارة الطاقة الإماراتية،حيث وصل سعر غالون البنزين العادي (الارخص)  إلى حدود5.75 درهما (1.5667 دولار) مما يسبب خسارة تصل إلى حدود 4.5 درهم لكل غالون مباع  في المحطات التابعة لإمارة دبي مقارنة بأدنوك؛ وتعتبر أسعار البنزين في الإمارات الأعلى مقارنة بنظيراتها الغنية بالنفط حيث يقدر سعر الغالون في السعودية بـ0.91 دولار وفي الكويت (0.78 دولار) في حين يبلغ سعر الغالون في فنزويلا 0.12 دولار.

أسعار البنزين في مختلف دول العالم

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: وزارة الطاقة الأمريكية، AFP

المستويات القياسية التى وصلت إليها أسعار المحروقات في الإمارات، زادات من حدة الضغوط التضخمية حيث ألقت بظلالها على مختلف القطاعات الإقنصادية في الدولة خاصة قطاع الإنشاءات والنقل، حيث أشار العديد من المقاولين إلى إن إرتفاع أسعار الديزل أدت إلى إرتفاع تكاليف الانشاء بنسب وصلت إلى 10%، حسبما أوردته إحدى المجلات المختصة في قطاع الإنشاءات.

ولمواجهة هذه الوضعية، لجأت شركة أدنوك إلى زيادة الطاقة الإنتاجية  لمصفاة الرويس  في حين شرعت شركة الإمارات الدولية للاستثمارات البترولية في تطوير مصفاة الفجيرة والتى يتوقع أن تبلغ طاقتها التكريرية حوالي 200 ألف برميل يوميا عوضا عن 500 ألف كما كان مقررا سابقا بعد انسحاب شركة كونكوفليبس الأمريكية من المشروع نتيجة ارتفاع تكاليف إنشاء المصفاة إلى حوالي 10 بليون دولار.

لكن، وبالرغم من هذا الخطط، إلا أنه يتوجب على الدولة التفكير في وسائل أخرى صديقة للبيئة وعادة ماتكون مكلفة، خاصة وأن الإمارات صنفت في تقرير الأمم المتحدة لسنة 2006 حول والإنبعاثات الكربونية من بين الدول الأقل إهتماما ببيئتها وذات الانبعاث الكربوني العالي، مما حذا بالهيئات المعنية الاهتمام بالجانب البيئي والعمل على تحسين الأوضاع والعمل على استخدام وقود صديق للبيئة خالي من الرصاص حيث عادة ما يتم استخدام مادة الميثيل إيثيل بيوتيل الإيثر (MTBE) من أجل تخفيض نسبة الرصاص في البنزين، حيث يبلغ سعر هذه المادة في الأسواق العالمية حوالى 500 دولار للطن، مما يزيد الأعباء على منتجي البنزين.

 ويقول الخبير البيئي الاسترالي بول زيسرمان، مدير شركة زاندر للاستشارات البيئية، أن أفضل مايجب أن تقوم به الدولة هو استخدام وقود صديق للبيئة، وهو الشيء الذي شرعت فيه شركة تكرير التابعة لأدنوك، حيث تقوم بإنشاء وحدة لإنتاج الوقود الحيوي في منطقة الرويس والذي يتوقع أن تبلغ تكلفته 400 مليون دولار، والتى من شأنها أن تساهم في المحافظة على البيئة، إضافة إلى إنشاء شركة مصدر والتى تهدف إلى تقليل الانبعاثات والحث على استخدام وقود صديق للبيئة.

وأشار علي عبيد اليبهوني، رئيس مكتب "جمعية الإمارات لاقتصاديات الطاقة" على هامش ثاني غداء عمل للجمعية والذي انعقد مؤخرا في دبي، أن الأمارات قد قطعت أشواطا متقدمة مقارنة بالدول المتقدمة في سبيل توفير طرق بديلة لمواجهة النقص الكبير في الطاقة، مشيرا إلى أن أغلب هذه الطرق صديقة للبيئة والإنبعاثات الغازية المصاحبة قليلة أيضا، حيث يتم حاليا التفكير في استخدام الغاز كوقود بديلا عن البنزين كما هو معمول في العديد من الدول من بينها الجزائر حيث يعتبر صديقا للبيئة مقارنة بالبنزين والديزل إضافة إلى رخص سعره.

ومن أجل السيطرة على أسعار الوقود والحد من ارتفاعها، يتوجب على الإمارات إنشاء هيئة فيدرالية واحدة تقوم بإدارة وتوزيع المحروقات بدلا من أربعة شركات كما هو الحال بالنسبة لأغلب الدول الغنية بالنفط ، حسبما نصح به أحد الخبراء، غير أن هذه الخطوة تعتبر صعبة التحقيق على أرض الواقع بالنظر إلى الوضعية الفيدرالية للدولة.

وفي سعيهم لتقليص خسائرهم، لجأ أصحاب محطات البنزين في خطوة أخيرة إلى إصدار قرار بعدم قبول الدفع بالبطاقات الائتمانية بغية الحد من الخسائر التي أضحوا يتكبدونها، ويبقى المستهلك هو المتضرر من هته الخطوات التي تزيد من حدة المصاريف وتزيد من الضغوط التضخمية.