تحرص كل دول العالم على ان تقدم الدعم المناسب للقطاع الزراعي فيها، بل وأن تجنب هذا القطاع المنافسة الأجنبية حتى لا تأثر الإنتاج في هذا القطاع الحيوي، حيث ينتج الغذاء بصفة خاصة، كما تحرص الدول على دعم تنافسية قطاعها الزراعي، وفي كافة المفاوضات التي تمت في العالم لتحرير التجارة والإنتاج، سواء على المستوى الإقليمي أو على المستوى الدولي، كان التعامل مع تحرير قطاع الزراعة مشكلة شائكة. وعلى الرغم من الأزمة المالية العالمية فإن دول العالم استمرت في تقديم الدعم المناسب لهذا القطاع لمساعدته على النهوض والمنافسة في ظل الأوضاع السيئة التي يمر بها العالم حاليا.
الشكل التالي يعقد مقارنة بين الدعم المقدم للمنتجين الزراعيين ما بين عامي 1986-1988، والدعم المقدم في الأعوام 2007-2009، أي وقت الازمة. الشكل يوضح حقيقتين في غاية الأهمية، الأولى هي أن الأزمة المالية العالمية ترتب عليها تأثر الدعم الموجه للقطاع الزراعي (كنسبة من الإيرادات الإجمالية للمنتجين الزارعيين) سلبا بالأزمة في عدد كبير من دول العالم، بصفة خاصة دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECS، حيث لم يكن القطاع بشكل عام من القطاعات التي وجهت نحوها أموال الإنقاذ بكثافة أثناء الأزمة، نظرا لضعف نسبة الناتج في هذا القطاع الى اجمالي الناتج المحلي الاجمالي في هذه الدول، وانخفاض نسبة العاملين في هذا القطاع الى اجمالي قوة العمل بها بشكل عام. المصدر:http://www.economist.com/displaystory.cfm?http://www.economist.com/research/articlesBySubject/displaystory.cfm?subjectid=7933596&story_id=16507149
غير أن الشكل البياني يوضح حقيقة ثانية في غاية الأهمية، وهي أن معظم دول العالم التي يشملها الشكل لا تهمل قطاعها الزراعي وتحرص على أن تقدم له الحوافز اللازمة لكي يستمر دور هذا القطاع الحيوي فيها، باعتبار ان استمرار هذا القطاع في إنتاج ما تحتاج إليه هذه الدول من غذاء هو أحد الخيارات الإستراتيجية لتلك الدول. لاحظ أن دول العالم الأكثر دعما لقطاعها الزراعي الدول الصناعية، وهي الدول التي تنادي جهرا بعدم توجيه أي دعم إلى المنتجات الصناعية على أساس ان ذلك الأمر قد يضر بالمنافسة الفعالة بين الدول المشاركة في التجارة.
لقد تم تقديم الدعم لقطاع الزراعة بنسبة كبيرة من الدخل تصل إلى حوالي 75% من دخول المزارعين في كل من النرويج وسويسرا وأيرلندا فيما بين عامي 2007-2009، ووفقا للاكونوميست فانه دول الاتحاد الاوروبي أنفقت ايضا جانبا كبيرا من الأموال كدعم يقدم للمزارعين للسلع الزراعية الحيوية التي تحتاجها تلك الدول، ففي عام 2009 أنفقت تلك الدول حوالي 253 مليار دولارا على الدعم المقدم للمزارعين، مثل حوالي 22% من إجمالي دخول المزارعين في تلك الدول.
عندما حدثت ازمة الغذاء العالمي في 2007، والتي ما زالت مستمرة حتى اليوم، كشفت التحليلات التي قدمت للازمة أن أهم اسباب الأزمة في الدول النامية هي اهمال تلك الدول لهذا القطاع، وتحويل اموال الدعم الذي كان تقدم اليه الى مجالات اخرى، أهم من وجهة نظر هذه الدول، الامر الذي أدى الى التأثير سلبا على نمو القطاع وعلى مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي لهذه الدول، وعندما قامت الازمة كانت هذه الدول هي الاشد تأثرا بارتفاع اسعار الغذاء، نظرا لارتفاع عدد السكان واضطرارها الى تحمل عجز كبير في ميزانها التجاري لدفع فاتورة استيراد الغذاء من الخارج. ما زلت أرى ان قرار وقف إنتاج القمح في المملكة يحتاج إلى مراجعة، لأننا نتحدث هنا عن خيار استراتيجي مرتبط بالأمن الغذائي للدولة، وليس أموالا نهدرها في حرث وزراعة الصحراء، وعندما يتعلق الأمر بخيار استراتيجي حيوي مثل الأمن الغذائي، فإن حسابات التكلفة والعائد يجب أن تحتل أولوية ثانية، وهو ما يؤكده الشكل السابق.
شكرا د محمد ..بالنسبه لاخر فقره من المقال وجدت المملكة ان دعم امنها الغذائي يهدد بشكل اكبر امنها المائي .. وهو الاهم حيث يمكن استيراد الغذاء
شكا أستاذ سقا نيوزلاندا واستراليا و الدول الاسكندنافية و و.م .الامريكية تسيطر على الانتاج الزراعي العالمي وهي تقدم له الدعم المطلوب لما يمثله الامن الغذائي من اهمية بالغة. وللاسف في الوطن العربي رغم ما يزخر به من خيرات واراضي خصبة ومناخ خاصة السودان وشمال افريقيا و سوريا ولبنان إلى ان الحكومات تنتهج سياسات عقيمة لم تستطع حتى تحقيق الاكتفاء الذاتي. اما بالنسبة للمملكة فهي مخيرة بين امرين لا ثالث لهما اما الامن الغذائي واما الامن المائي، رغم درجة اهمية الاثنين؟؟؟؟؟