تضمنت التوصيات الختامية لقمة مجموعة العشرين التي انعقدت أخيرا في كندا فقرة تتحدث عن ضرورة وضع معايير محددة من حيث الحجم والنوعية تهدف إلى تعزيز سيولة ورسملة المصارف الكبرى حول العالم عندمواجهتها الأزمات المالية مستقبلاً على أن يتم تطبيق هذه المعايير في موعد أقصاه عام 2012م، وهو في الحقيقة قرار سليم بحكم حساسية نشاط المصارف من المتوقع أن يتم تطبيقه على شكل ضخ أموال جديدة من خلال عمليات إصدار لأسهم حقوق أولوية تشمل علاوات إصدار، لكنه في الوقت نفس يشير إلى وجود احتمالات بحدوث أزمات مالية خلال السنوات المقبلة.
أيضاً، تضمنت التوصيات فقرة أخرى تتحدث عن ضرورة فرض ضرائب على المصارف دون إلزام الدول بها فيما تركت لكل دولة حرية تطبيق ما تراه مناسباً، حيث يرى الأوروبيون ضرورة فرض ضرائب تعكس المخاطر التي تمثلها المصارف على القطاعات المالية والاقتصادية، في حين يرى الأمريكان ضرورة فرض ضرائب على المصارف التي قامت الحكومة بإنقاذها، إلا أن اللافت هنا أن الأوروبيين والأمريكان اتفقوا على أهمية توفير مصادر دخل جديدة تساعدهم على تقليص عجوزات الموازنة من خلال معاقبة المصارف التي ستتسبب في أزمات مالية قادمة وهو ما يعني التحول من مفهوم الإنقاذ بأموال دافعي الضرائب إلى مفهوم المعاقبة لتحسين مصادر الدخل الحكومي.
أيضاً، نجد أن المشرعين الأمريكان يعكفون في الشهور الأخيرة على استصدار قانون جديد للإصلاح المالي يعتبره البعض أهم قانون سيصدره الكونجرس منذ بداية الألفية الحالية يهدف إلى تحجيم نشاط المصارف وتنظيم آليات الحصول على السيولة وزيادة الرقابة على عملياتها (خصوصاً تلك المتعلقة بأموالها الخاصة أو تلك المتعلقة بالمشتقات المالية وصناديق التحوط) وبالتالي تقليل المخاطر المنتظمة التي قد تتسبب فيها المصارف على النظام الاقتصادي ككل، وهو تصرف حكيم لكنه أتى متناقضاً مع قرار الكونجرس عام 1999م إلغاء العمل بقانون "جلاس ستيجال" الذي كان من المفترض أن يحمي المصارف من النشاطات الاستثمارية ذات المخاطر العالية.
بشكل عام، أعتقد أن هذه التحديات الثلاثة هي أهم التحديات التي ستواجه أكبر المصارف العالمية في السنوات المقبلة وهي بلا شك تحديات صعبة، حيث إن تطبيقها يأتي متزامناً مع بعضها بعضا، إلا أن المهم أن جميعها ستؤثر سلباً في ربحية المصارف على المدى الطويل وهنا تكمن المشكلات.
من جانب آخر، لفتت انتباهي ملاحظة غريبة وهي أن التحدي الأول يهدف إلى توفير سيولة للمصارف تدفع من قبل كبار مساهميها، في حين يهدف التحدي الثاني إلى توفير دخل للحكومات يدفع من قبل المصارف مما يدل على أن كبار مساهمي المصارف العالمية هم من سيوفرون للحكومات مصادر دخل جديدة ولكن بطرق غير مباشرة!!
مقال ممتاز ...ساما بالفعل يتشدد مع البنوك السعودية على مستويات الاقراض وغيرها ....لذا نحن بشكل او باخر نطبق معظم هذه المعايير ولكن بطريقة اخرى. اشكرك استاذ محمد فلقد اعطيتني نصيحة حياتي عندما حذرت في مقال قبل اكثر من شهرين من ازمة الديون الاوربية بمقال كان عنوانه " ...الا هل بلغت" ... وعندما رأيت بعيني الرأس والكتفين في شارت الاسهم السعودية ...اطلقت ساقي للريح بانتظار منطقة الاربعة إلى ثلاثة الاف نقطة......... تحياتي لك ياستاذ الواقعية والمنطق والنصائح المباشرة بدل من الكلام الانشائي الذي يمطرنا به المحللين.