أزمة الرهن العقاري التي حدثت في الولايات المتحدة كشفت عن كم هائل من النصب والاحتيال سواء من قبل المقترضين، أو من قبل وسطاء الرهن العقاري أو من قبل المؤسسات المالية التي تتولى عمليات تمويل معاملات الرهن العقاري، وهو ما تسبب في نشوء الأزمة بشكل أساسي. آخر الحلقات في مسلسل الاحتيال في الرهن العقاري هو ما أعلن عنه مكتب التحقيقات الفدرالي في الولايات المتحدة بأنه يستعد حاليا لإلقاء القبض على مئات الأشخاص من الوسطاء بتهمة الاحتيال والتزوير في قروض الرهن العقاري، فمنذ أكتوبر 2008 قام مكتب التحقيق الفدرالي بتشكيل 23 وحدة محلية متخصصة في الاحتيال في مجال الرهن العقاري، بهدف أساسي هو إيقاف الممارسات الغير قانونية في تعمد تزوير المستندات أو إظهار الحقائق على نحو غير صحيح في المستندات، أو تعمد إخفاء الحقائق المطلوبة في المستندات اللازمة في طلبات الحصول على قروض الرهن العقاري.
تجدر الإشارة إلى أن مكتب التحقيق الفدرالي في هذه القضية يقوم بالقبض على الأشخاص الذين يمارسون الاحتيال بهدف تحقيق الربح وليس المقترض الذي قام بالاحتيال لتأمين حصوله على المسكن، وبالتالي فإن المقترض الذي قدم بيانات مزيفة عن مستويات دخله للحصول على قرض مرتفع مثلا لا يتم القبض عليه، بينما وسيط الرهن العقاري الذي شجعه على القيام بذلك يتم القبض عليه لأن الأخير قام بذلك بهدف تحقيق الربح.
مضمون ذلك أن هناك إذن نوعان من الاحتيال، الاحتيال للحصول على المسكن، والاحتيال للحصول على الربح، وتعامل مكتب التحقيقات الفدرالي مع هذين النوعين من الاحتيال مختلف، فالاحتيال للحصول على المسكن (أي بيت للسكن فقط، وليس أي أصل عقاري آخر) هو احتيال يمارس من قبل المقترض من خلال تضخيم دخله أو قيمة الأصول التي سيقدمها كرهن للقرض أو الكذب حول طبيعة وظيفته الحالية وقت الحصول على القرض ... الخ، وهي كلها دوافع تهدف إلى تأمين الحصول على المسكن، من جانب مقترض غير مؤهل أو لا يستحق الحصول على القرض (لاحظ ان الوضع مختلف بالنسبة لباقي الأصول العقارية، حيث يعد الاحتيال في هذه الحالة جريمة في نظر القانون الأمريكي).
نوايا المقترض في هذه الحالة هي تأمين سكن ليعيش فيه، وطالما أنه يقوم بتسديد التزاماته المالية نحو المسكن فليس هناك أي مشكلة. ونادرا ما يتم معاقبة المقترض على الاحتيال في هذه الحالة على أساس ان فقدان المسكن والتزام المقترض بالاستمرار في سداد تكاليف ما حدث لعدة سنوات قادمة هو العقاب الذي يتلقاه المقترض.
الاحتيال بغرض الحصول على الربح أمر مختلف، لأن الاحتيال في هذه الحالة غرضه الأساسي الحصول على المزيد من التدفقات النقدية في صورة أرباح، وليس الحصول على سكن، من المعاملة المالية. مثل هذه الممارسات ساعدت الوسطاء والبنوك والمقرضين الآخرين على إصدار قروض لمقترضين لم يتم التحقق بصورة سليمة عن مصادر دخولهم أو جدارتهم الائتمانية.
ومن ثم تم منح قروض لأشخاص لا يمكنهم ان يتحملوا أعباء القرض، وذلك استندا إلى ما كان شائعا في تلك الفترة من أن الارتفاع المستمر في أسعار المساكن سوف يمكن هؤلاء لاحقا من أن يعقدوا قروضا إضافية على الزيادة في أسعار مساكنهم وهو ما سيمكنهم من تعديل أوضاعهم المالية. وعندما لم تتحقق التوقعات الخاصة بارتفاع أسعار المساكن، وأخذت فقاعة المساكن في الانفجار توقف هؤلاء المساكين عن الدفع لعدم أهليتهم أصلا للحصول على أي قروض عقارية. التحايل بهدف تحقيق الربح إذن هو أمر مختلف، حيث غالبا ما يتطلب نوع من التعاون بين عدة أشخاص في مؤسسات مختلفة، وقد يتضمن رشاوى تقدم على مستويات مختلفة لتمرير المعاملة.
جرائم الاحتيال في الرهن العقاري من قبل الوسطاء تتركز بصورة واضحة في ولايتي كاليفورنيا وفلوريدا، وهما الولايتان اللتان لعبتا دورا هاما في حدوث أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة.
أهم المدن الأمريكية التي يتوقع ان تشملها حملة الاعتقالات هي لوس أنجلوس وميامي وسان فرانسيسكو وشيكاغو وسكرامنتو ونيويورك وتامبا وديترويت ومينوبوليس وأتلانتا، ومن المتوقع أن تستغرق التحقيقات في هذه العملية من مكتب التحقيق الفدرالي سنوات قبل أن نصل إلى أحكام قاطعة في القضايا المرفوعة.
من وجهة نظري الشخصية ليس هناك فرقا بين المقترض المحتال والمقرض المحتال، لأن المقرض المحتال لم يكن لينفذ المعاملة إلا بوجود مقترض محتال أيضا. هؤلاء جميعا شاركوا في نفخ فقاعة الرهن العقاري في الولايات المتحدة مسببة أزمة قطاع المساكن، والتي انتقلت إلى القطاع المالي في الولايات المتحدة، ومنه للقطاعات المالية في العالم بأكمله ثم إلى القطاع الحقيقي في الاقتصاد الأمريكي والعالم. تجربة العالم مع الفقاعات تثبت أن عملية صنع فقاعة في اصل ما مسألة في غاية البساطة، ولكن التعامل مع تبعاتها مسألة في غاية الصعوبة.
المصدر: http://www.ft.com/cms/s/0/da70fbfa-74e0-11df-aed7-00144feabdc0.html وhttp://www.calculatedriskblog.com/2010/06/report-fbi-to-arrest-hundreds-of-people.html?utm_source=feedburner&utm_medium=feed&utm_campaign=Feed%3A+CalculatedRisk+%28Calculated+Risk%29 و: http://www.calculatedriskblog.com/2007/03/unwinding-fraud-for-bubbles.html و: http://www.sun-sentinel.com/fl-housing-fraud-adverse-possession-20100613,0,3594273.story
اعتقد هناك فرق ، المقرض مسئول عن الاموال التي وكلت اليه والوظيفه التي يشغلها ، و من المفترض ان يكون محدد بسياسات وقواعد للاقراض بعد التحقق من الجدارة الائتمانية والتي تراخى بها بشكل كبير للحصول على عوائد اكبر من المقترضين .. اما المقترض ، فهو ذلك الشخص الحالم الذي يطمح ان يحقق حلمه بامتلاك منزل يعيش به واسرته ، لذلك لا مانع لديه بان يتحايل على القانون طالما ان القانون به ثغرات ، ويفعل كما فعل الكثير لتحقيق حلمه . وكلنا ذالك الرجل ، مع المفارقه ان البعض يقوم بعمل الحسابات المالية والبعض يهمه تحقيق حلمه وترك المستقبل على البركة ..