تعودنا على ذكر ان الاسواق المالية ما هى الامرآة للاقتصاد..!! فاذا كنت تملك اقتصادا قويا فلديك سوق مالى قوى او بورصة قوية.!! ومرت الايام والناس يتداولون هذه المقولة حتى صارت وكأنها قاعدة اقتصادية لا تقبل الشك او الاختلاف أو التغيير..!!وبالرغم مما مر بنا من احداث تخالف هذه القاعدة الا اننا نظل نكررها دون وعى ودون تفكير أو تعديل..!
! وسأضرب مثالا على ذلك وليكن مثالا عكسيا..!!
فلقد كانت اسواقنا المالية ترفرف وتحلق بل وتغرد خارج السرب وترتفع حتى وصلت الى اكثر من 20 الف نقطة بينما اقتصادتنا عادية جدا واسعار البترول منخفضة وميزانياتنا تعانى من العجز...!!
ثم حدث الانهيار الكبير فى فبراير2006 وانخفضت المؤشرات بل ووصلت الى حدود دنيا لم يتوقعها اكثر المحللين تشاؤما ..!!
وعندها كانت اقتصادتنا جيدة واسعار البترول ترتفع وترتفع ومؤشراتنا الاقتصادية فى وضع جيد ان لم يكن اكثرمن جيد...!! ثم حدثت الازمة المالية العالمية واعتقدنا فى بادىء الامر اننا بمنأى عما يحدث فى اسواق امريكا واوروبا والغرب بصفة عامة ...!!
ولكن حدث مالم يكن فى الحسبان..بل حدث العجب ... فبورصات امريكا ومؤشراتها تنخفض فى يوم 1 أو 2 فى المائة فقط ..!! واسواقنا المالية تنخفض فى اليوم التالى بأكثر من ضعف نسبة الانخفاض فى البورصات العالمية ..!!
ونحن فى حيص بيص ... ولا أحد منا يعرف السبب أو العلاقة ..!!
ويخرج علينا المحللون بأن ما حدث مجرد ذعر وارتباك ولا علاقة لنا بما يحدث فى الغرب ويبشرونا بأن اقتصادتنا قوية ...!!
وان البورصة مرأة الاقتصاد....!! وبالتالى فان ما يحدث سحابة صيف سرعان ما تنقشع... أو ان مايحدث مجرد زوبعة فى فنجان..!!
( ولكنه فنجان كبير ... كبير ..) وتبدأ بوادر الانتعاش أو لنقل بوادر التعافى الاقتصادى العالمى فى الظهور... وتبدأ البورصات الامريكية فى الارتفاع وتخترق مؤشرات نازدك ودو جونز وغيرها فى الصعود بسرعة كبيرة مخترقة حواجز وارقام تاريخية.... ولكن أسواقنا المالية أو بورصاتنا لاترتفع بنفس الدرجة...!!
ماذا يحدث ونبدأ فى التباكى على حالنا...!! ونبدأفى السؤال الذى لا نجد له اجابة ..!!
لماذا فى الانخفاض تنخفض اسواقنا أكثر من أصحاب الازمة والتى بدأت عندهم... ؟!! وفى الارتفاع نرتفع بنسبة أقل مما ترتفع به بورصاتهم ...!! الم تكن الازمة أزمتهم... والمشكلة مشكلتهم.. والسيولة لديهم اصبحت لديهم فى الحضيض ...!!
بل نبدأ فى التباكى على حالنا ونندب حظنا العاثر...!! فالمشكلة لديهم بينما اثارها لدينا بصورة اعمق وبشكل اشد ...!!
ومما لا شك فيه أن الأزمة المالية التي ما زلنا نشهد تداعياتها منذ أن بدأت في عام 2008 سوف تترك معنا آثاراً عميقة وهامة لفترة بالتأكيد لن تكون قصيرة من الزمن.كذلك فإنه في ضوء فداحة هذه الأزمة فإنه من المتوقع أيضاً أن تتشكل معالم جديدة لاقتصاد ما بعد الأزمة على صعيد الممارسات المالية والمصرفية، وكذلك على صعيد التوجهات الاقتصادية على مستوى دول المنطقة، وكذلك على مستوى دول العالم بوجه عام من معالم اقتصاد ما بعد الأزمة، سواء في المنطقة أو في بقية دول العالم، هو تعزيز دور الدولة في النشاط الاقتصادي، حيث لولا تدخل السلطات النقدية والسلطات المالية من خلال توفيرها للسيولة المطلوبة والحوافز اللازمة لانتشال الأنشطة الاقتصادية لكانت تداعيات الأزمة قد وصلت إلى أسوأ مما شهدناه حتى الآن . لذلك من دروس الأزمة للمرحلة القادمة أن الاعتماد على قوى السوق في ضبط إيقاع الأنشطة الاقتصادية قد لا يكفي وحده، بل يحتاج الأمر إلى تحقيق نوع من التوازن بين الحرص على حرية النشاط الاقتصادي مع ضمان حد أدنى من تدخل الدولة لمعالجة الاختلالات واستعادة التوازن الاقتصادي المطلوب.
هذا التوجه الاقتصادي الجديد لم يقتصر على بعض الدول دون أخرى، بل شهدناه خلال الأزمة حتى في أكثر الدول ليبرالية . هذا ينطبق أيضاً على بعض المعتقدات والممارسات الاقتصادية السابقة مثل التعامل مع حركة رؤوس الأموال حيث إنه وفي ضوء تجربة الأزمة المالية فقد وجد أن جانباً من حركة رؤوس الأموال خاصة السريعة منها والمتعارف عليها بالأموال الساخنة (hot money) من شأنها التسبب في إحداث حالات من عدم الاستقرار المالي، الأمر الذي قد يبرر وضع بعض الضوابط والإجراءات التي من شأنها الحد من المخاطر التي قد تنتج عن حركة هذه الأموال من دون بالضرورة حرمان الدول المستضيفة من تحقيق الاستفادة المطلوبة من هذه الأموال .
هذا التوجه الجديد في التعامل مع حركة رؤوس الأموال أصبح يلاقي قبولاً متزايداً في ضوء تداعيات الأزمة المالية وذلك حتى من قبل المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والذي كان يعارض في السابق وضع أية قيود على حركة رؤوس الأموال.
ما ينبغى ان نعرفه اننا لسنا بمنأى عما يحدث فى الاسواق المالية العالمية ... او فى اقتصادات العالم لاننا فى زمن العولمة ... فما يحدث فى أمريكا او اليونان او اسبانيا او البرتغال يؤثر حتما وبلاشك فى دبى والسعودية ومصر ..!!
بصرف النظر عن قوة اقتصادتنا وبصرف النظر عن علاقتنا بمنطقة اليورو وحجم العلاقة ومقدار التبعية ..!!
اما لماذا تكون الهزة فى اسواقنا المالية أقوى والتذبذب اشد عندنا مما يحدث لدى اصحاب الازمة ..؟!!
فأعتقادى لسبب بسيط جدا ... لانهم يسارعون الى الحلول والى الدعم والى ضخ السيولة والاموال بينما نحن نعتقد ان المشكلة ليست لدينا ...!!
غير صحيح بتاتا ً الاسواق المالية دائما ً تبالغ في الارتفاع وتبالغ في النزول ..!! ولاتعكس الاقتصاد الحقيقي ..! وبالمناسبة هذه وجهة نظر المستثمر المليادير جورج سوروس وهو دائما ً ينادي بمراقبة الاسواق حتى قبيل الأزمة ...
أمثلة عديدة سأذكرها لك : انخفاض السوق السعودي سنة 1995 لأسعار سحيقة حيث سجلت بعض الشركات مكررات خيالية وتصل التوزيعات مقابل السعر أكثر من 15 % انخفاض الاسواق الاسيوية سنة 1998 وبداية 1999 لكثير من الشركات الممتازة والتي لديها قوة مالية وبعد كم سنة ارتفعت الأسهم الممتازة بأكثر من 10 أضعاف ارتفاع اسهم التقنية لأسعار خيالية في عام 1999 وبداية عام 2000 ولاتعكس قيمتها الحقيقة وبعض الشركات وصلت قيمتها السوقية مثل شركات ضخمة مثل شركة بيونغ للطيران التي لديها خبرة تزيد عن 50 سنة في مجال الطيران ولديها موظفين يزيدون عن 20 ألف موظف .. بينما شركات التنقية بعضها لم يتجاوز عدد الموظفين ال 5 ارتفاع الاسهم السعودية اثناء الطفرة لأسعار فلكية وخارج نطاق الخدمة مابين سنة 2005 وبداية سنة 2006 قبل انهيار السوق المالية في فبراير 2006 -------------------------------------------------------------------------- وتأكد أن هناك كثير من الفرص موجودة في اليونان واسبانيا وغيرها من الدول وصارت هذه الفرص في السوق الامريكي في نهاية 2008 وبداية 2009 حيث انخفضت كثير من الاسهم ذات القوة المالية والتي لاتأثير قوي للأزمة على ادائها المالي ومنذ مارس 2009 ارتفعت كثير من الاسهم لأكثر من 3 أضعاف .. لك خالص التحايا
اخى الفاضل / محمد اشكرك على تعليقك ولكن انا تكلمت عن موضوعين - الاول : لماذا الانخفاض يحدث عندنا اكثر مما يحدث فى الاسواق العالمية وهم اصحاب الازمة - الثانى : ان معامل الارتباط بين اسواقنا والاسواق العالمية اكبر منه فى حالة الانخفاض عنه فى حالة الارتفاع . وهذا ملاحظ وبشدة وخصوصا بعد الازمة العالمية وبالتالى فان مقولة الاسواق المالية مرآة الاقتصاد اصبحت لدينا وفى اسواقنا محل شك. لان اقتصادتنا جيدة بينما اسواقنا ليست بنفس كفاءة الاقتصاد ..... تحياتى د. جمال شحات