حين اندلعت شرارة الازمة المالية العالمية قبل نحو 20 شهرا باعلان افلاس بنك الاستثمار الاميركي ليمان براذرز تسابق المسؤولون عن الاقتصادات العربية وخصوصا الخليجية للتاكيد علي "ان الازمة لن تمر من هنا "وان " اقتصادنا ينمو بوتيرة ثابتة "و" ان ماحدث في اميركا لا ينسحب علي الخليج لانه لاتوجد ازمة رهن عقاري ", وفيما صدق الناس كلام المسؤولين الذي اختفوا بعد ذلك , راحت الازمة تكشر عن انيابها فاكلت الاخضر واليابس وبرز بنك الخليج الكويتي كشاهد عيان في خسارة افقدته راس ماله فتدخل البنك المركزي الكويتي وانقذ البنك من خلال قيام الصندوق السيادي بالاستحواذ علي 16 في المئة, وتوالت التداعيات فاستغنت الشركات عن الاف الموظفين ولجات اخري لتخفيض الرواتب واستغنت ثالثة عن الكفاءات اصحاب الرواتب العالية, ومن العجيب ان الشركات الورقية وهي كثيرة من المحيط الي الخليج ومدرجة في الاسواق كانت اللاعب الابرز اعلاميا فانطلق المسؤولون وكأنهم في حرب يبشرون بالنتائج الواعدة المستقبلية وبالتخارجات المدروسة والاستحواذات الاستراتيجية, وحين تدقق في الارقام او تبحث عن توثيق المعلومات تكتشف ان الذين تنافسوا اعلاميا صرحوا من منازلهم لانهم لايملكون مقرا ولا حتي كرسيا ولا مكتبا ولا سكرتيرا اللهم الا اسم الشركة المدرج بالسوق.
وسط هذا المشهد الكئيب بدا التعافي بمبادارات من بعض الشركات فسعت لاعادة جدولة ديونها وتمكنت من الحصول علي تمويل لاعادة الدماء لمشروعاتها, واتضح ذلك بخروج مؤشرات دوا جونز– 30 وناسداك وستاندارد اند بورز– 500 في اميركا وداكس– 30 الالماني وفوتسي – 100 البريطاني ونيكاي -225 الياباني وهانغ سانغ الهونغ كونغي او الصيني حاليا, من المستويات المتدنية فحدثت عمليات تصحيح وغابت بالفعل ظاهرة الخطاب الاعلامي الذي كان قاب قوسين او ادني من استعمال مفردة الكساد مكتفيا بحدوث ركود متابين الحجم من اقتصاد الي اخر.
ومؤخرا او منذ يناير 2010 كشرت الديون السيادية لليونان عن انيابها وتبعتها البرتغال واسبانيا وايطاليا فانهار اليورو امام الدولار ولاحت ازمة جديدة في الافق, وبدلا من الاستعداد لدرس التداعيات خرج علينا ايضا من قال:"ان الازمة الاوروبية لن تمر من هنا " وحين ارتفعت الاسواق في اليوم التالي لتداولات الثلثاء الاسود قالوا:" الم نقل لكم ان الازمة الاوربية لن تمر من هنا " ورغم انه تبريرلامنطق به ولا محل له من الاعراب ولا يجوز ان يكون مبررا الا انه يبين مدي هشاشة قراءة الاوضاع الاقتصادية وكان عديد من المسؤولين يحملون صيدلية من البنادول مهمتهم اعطاء المسكنات ونشرها في وسائل الاعلام فيما الجزء المصاب من الجسد يتفاقم تعبا ومرضا ووهنا.
ان اداء اسواق الخليج غير مطمئن بالمرة وان الازمات مازالت تنخر في العديد من الشركات والمصارف ومن دون شفافية الاداء لن تقوم لها قائمة طالما حاملو البنادول هو المخولون وحدهم بالتصريحات, باختصار نحن نرتكب الغلطة نفسها ولم نتعلم من الدرس.
موضوع يحكي الواقع .. وقراءة موفقة