تعد الأزمة المالية العالمية التي إندلعت في بداية 2007 من أقوى الازمات التي تعرض لها العالم بعد أزمة الكساد الكبير عام 1929م . وبالنظر إلى مسبباتها ، نجد أن أزمة الرهون العقارية في الولايات المتحدة ، هي السبب الرئيس في الانهيارات الناجمة عن هذه الازمة ، التي لم تقتصر على الولايات المتحدة فقط بل راحت تضرب البورصات العالمية واحدة تلو الاخرى . ..... لقد كانت الفكرة العامة التي بني عليها نظام الرهن العقاري هي عملية بيع العقارات بالتقسيط للأفراد ومن ثم يقوم البائع باخراج سندات , السندات يؤمن عليها , يقوم البائع ببيع السندات لتجار في مناطق متفرقة .
تبدأ المشكلة في تعثر السداد من قبل المشتري ,يقوم البنك ببيع العقار ولكن تقل قيمة العقار عن السندات المستخرجه على العقار وأمن عليها فينهار البنك وتنهار شركة التأمين وتستمر سلسلة الانهيارات ...
اذا القروض العقارية التي تسببت فيها السياسة الأمريكية لتمكين كل أسرة امريكية من امتلاك منزل ,و تحويل البنوك ضمانات القروض الي أوراق مالية تحصل بها على قروض جديدة , والتوسع في عمليات البيع على المكشوف سواء كان في الأسواق المالية أو أسواق العملات , اضافة الي فقدان الثقة في الاقتصاد الأمريكي ادت الي تفجر تلك الأزمة المالية لتتحول بعد ذلك الي أزمة عالمية يصعب السيطرة عليها.
من هنا بدأت السلسلة التي لم تنتهي الي يومنا هذا ولم تفلح معها مئات المليارات التي ضخت ، لوضع حد للأزمة , ونتيجة لذلك انهارت العديد من المؤسسات المالية الكبرى في الولايات المتحده الأمريكية وأجزاء اخرى من العالم بدءاً ببنك بير ستيرنز، حين اقدم بنكك مورجان إستانلي على شراءه وبسعر متدنً مع المساعده الحكومية ، مروراً ببنك ليمان براذر ( رابع اكبر بنك إستثماري في الولايات المتحدة )الذي أدى إفلاسه إلى حاله من الذعر في الاوساط الاقتصادية العالمية .
ان الأزمة المالية التي نمر بها ليست ظاهرة حديثة , وانما هي ظاهرة تعتبر قديمة نسبيا ولكنها أخذت في الاتساع منذ انهيار نظام أسعار الصرف الثابتة, والذي كان قائما وفقا لاتفاقية ((بريتون وودز)) والدخول في مرحلة التعويم الجماعي للعملات بعد أن تخلت الدول الصناعية الكبرى عن هذا النظام , وفقا لاتفاقية جامايكا 1976م فمنذ ذلك التاريخ والنظام المالي تعرض لعدة أزمات.
خلال الأيام القليلة الماضية خفضت وكالة التصنيف الاتماني موديز و ستاندرد اند بورز تصنيفها لمجموعة سعد ومجموعة القصيبي الذين يعتبران من شركات الوزن الثقيل بالمنطقة , كما صدر تقرير مؤخرا يفيد بأن مجموعة القصيبي المصرفية( قدمت شركة «ديليوت» العالمية التي عينتها المجموعة في وقت سابق مستشاراً للتفاوض مع الدائنين، عارضاً خلال الاجتماع أظهرت فيه حجم القروض التي تم منحها لـ«المؤسسة المصرفية» خلال العامين 2007 و2008، والتي بلغ مجموعها -حسب مصادر حضرت الاجتماع- 34.8 مليار دولار، موزعة بواقع 10.4 مليار دولار لبنوك سعودية بنسبة 29.9 بالمئة من حجم المديونية الإجمالية) المصدر أرقام.
اما بالنسبة لمجموعة سعد ذكرت شركة آي إن جي انفستمنت قبل اسبوعين أن هذه الصكوك يتم تداولها حاليا بـ 25 سنتاً للسند الواحد أي ربع قيمتها الأصلية وهي مستويات اسعار متدنية لاتحصل في العادة إلا لشركات متعثرة ,وننوه هنا أن لدينا تحفظ كبير على مجموعة المملكة القابضة وعدد من الشركات العائلية بالمملكة العربية السعودية.
بدأت الازمة المالية الامريكية (أزمة الرهن العقاري) صغيره لتطور بعد ذلك وتنال جميع الدول حصة منها ولكن عندما تبدأ بوادرأزمة جديده في احدى الدول التي نالها نصيبها من الأزمة العالمية (تأثير الأزمة على قطاع البتروكيماويات) لنرى بوادر أزمة جديده في قطاع مختلف تماما عن القطاعات المتضرره (البنوك) هنا يجب الحذر....... يقول مارك توين في احدى حكمه الاستثمارية: (أكتوبر. هذا واحد من الأشهر الخطرة الي حد استثنائي بالنسبة لأسواق الأسهم اما الأشهر الاخرى فهي خطرة ولكن ليس بدرجة أكتوبر) أكتوبر هو الشهر الذي شهد أعظم انهيارين في أسهم البورصة في تاريخ الأسهم الامريكية (الخميس الأسود 24أكتوبر1929 و الاثنين الأسود 19أكتوبر1987) وبالنظر إلى الازمة الاخيرة ، نجد أن الاسبوع الثالث من سبتمبر 2008 الاكثر ضراوة حين أعلن بنك ليمان براذر إفلاسه بينما إستحوذ بنك أوف امريكا على بنك ميرلنش 2008 اي قبل أكتوبر بأسبوع (قد تكون بسبب سرعة نقل البيانات). السؤال المطروح : هل الأزمة العالمية انتهت ام جميع ما يحدث لا يعد سوى أمور لتهدئة حدة النزول ومن ثم المواصلة , هل يوجد شركات عائلية سعودية متعثرة عن السداد لدى البنوك السعودية , حتما سيكون أكتوبر القادم هو الحكم .......
مقال جميل يعطيك العافية ونتمنى منك المزيد وشكرا