إدمان النفط!

16/05/2010 0
سليمان المنديل

في شهر فبراير الماضي، أقر الرئيس الأمريكي أوباما تقديم ضمانات قروض بقيمة 8 مليارات دولار. وبالنسبة لميزانية الحكومة الأمريكية، لا يعتبر ذلك المبلغ ذا شأن، إلا عندما يتمعن المرء في المشروع الذي سيقدم له ذلك الضمان، والذي سيخصص لتمويل بناء مفاعلين نوويين جديدين في ولاية جورجيا، وذلك يمثل أول مشاريع طاقة نووية، منذ ثلاثين سنة. ماذا حدث، لماذا التغيّر؟ خصوصا بعد حادثة مفاعل Three Miles، في ولاية بنسلفانيا، والتي قضت على برنامج استخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء في أمريكا. ولاحقا جاءت كارثة تشيرنوبل في أوكرانيا.

من تابع الحملة الانتخابية للرئيس أوباما يمكنه استرجاع أن الحملة قد ركّزت على قضيتين أساسيتين، الأولى هي إصلاح نظام الرعاية الطبية الأمريكي، والقضية الثانية هي تقليل اعتماد أمريكا على النفط الخام، وذلك من خلال عدة وسائل، أهمها البحث والتطوير لخيارات بديلة، ولكن العودة إلى الطاقة النووية لم تكن أحدها، وهو ما يؤشر لإصرار أمريكي للاستغناء عن النفط، حتى ولو تطلب ذلك العودة إلى الطاقة النووية، غير المأمونة كلّية.

من ناحية أخرى، ومكملة للمشهد، فإن وكالة الطاقة الدولية (IEA)، وهي منظمة أسستها الدول الصناعية، كجزء من محاولتها تحجيم دور أوبك، من خلال دراسات تقدمها لأعضائها، عن توجهات أوبك، كذلك السعي لإيجاد بدائل للنفط، وبالتأكيد لإيجاد بدائل لأوبك، والتي يعتبرها الغرب منظمة غير صديقة.

لم تكن منظمة الطاقة الدولية تنشر نتائج أبحاثها، وكان الافتراض السائد في أسواق النفط، هو أن طاقة الإنتاج العالمية من النفط ستبلغ ذروتها في عام 2030، إلا إن وجدت مكامن واحتياطات جديدة وكبيرة. ولكن مؤخرا خرج اقتصاديو وكالة الطاقة الدولية بتقديرات تقول إن ذروة إنتاج النفط ستكون في عام 2020، وليس عام 2030، كما ذكر سابقا.

هل يمثل ذلك جزءا من الضغط السياسي لغرض تشجيع الاستثمار في خيارات بديلة، بما فيها الطاقة النووية التي وضعت على الرف منذ ثلاثين سنة؟! أم هي تقدير حقيقي لوضع احتياطات النفط العالمية؟! لا أحد يجزم، فقد اختلطت السياسة بالاقتصاد.

بالمقابل، قرأنا جميعا تصريحات المهندس خالد الفالح، رئيس شركة أرامكو، في مؤتمر دافوس، وهو يطمئن العالم ضد التقديرات المتشائمة، ولكنني أضم صوتي إلى كل من يدعو إلى أن نرصد، وعن كثب، كل تلك المحاولات التي تدعو إلى الاستغناء عن النفط السعودي، وما يتبعها من إجراءات عملية، ومنها إعادة الاعتماد على الطاقة النووية، ولا أوافق من يسترخي لدينا، ويقول إن الأمريكان باعتراف الرئيس جورج بوش الابن قد أدمنوا النفط!

وهنا أود أن أسأل محليا: من يتابع هذا الموضوع عندنا؟ وأعني موضوع الاختراقات العلمية لإيجاد بدائل للنفط، هل هي وزارة البترول، أو أرامكو، أو مدينة الملك عبدالعزيز للتقنية، أو جامعاتنا؟ وما هي خططنا لمواجهة احتمالات المستقبل؟!

أخيرا، وبعد أن انتهيت من كتابة هذا المقال، حدث تطوران هامان لهما علاقة بالموضوع:

1 – أوصى الرئيس أوباما الكونجرس بفتح باب التنقيب عن البترول في المياه الإقليمية الأمريكية، وهو ما كان محظورا، ومرفوضا من قبل الرئيس خلال حملته الانتخابية!

2 – أنشأت المملكة هيئة الملك عبدالله للطاقة الذرية، والمتجددة، والتي سأفترض أنه سيكون لها دور حيوي في رصد موضوع استهلاك الطاقة على المستويين المحلي، والعالمي. منقول عن جريدة الوطن السعودية