ونصل الى ختام هذه السلسلة من المقالات وتتعلق بالتوصيات والتى نحرص على ان يتم تطبيقها فى مجتمعاتنا ودولنا العربية واسواقنا المالية الناشئة .فلقد شهد العالم خلال العقود الماضية زيادة هائلة في تدفقات رؤوس الأموال العالمية .وتعزى هذه الزيادة أو الطفرة في جزء كبير منها إلى حقيقة مفادها أن العديد من البلدان أصبحت تدرك أهمية اجتذاب رؤوس الأموال وخصوصا رأس المال الأجنبي وفائدته للدول التي يستقر فيها. ومع تزايد عدد دول العالم النامي التي أصبحت أكثر انفتاحا على الاستثمار الأجنبي, لم يعد السؤال المهم هو السماح أو عدم السماح لرأس المال الأجنبي بالدخول ‘إلي البلد وإنما كيف يمكن لنا أن نجتذب رأس المال هذا.
ومما تقدم إيضاحه نخلص إلي مجموعة من التوصيات نقسمها إلى مجموعتين المجموعة الأولى : وتخص المجتمع والدولة و خصوصا المستثمرين والمجموعة الثانية من التوصيات للمهنيين وللمهتمين بالمهنة والمسئولين عنها وخصوصا ممارسي مهنة المحاسبة والمراجعة.
المجموعة الأولي من التوصيات التي تخص المجتمع والدولة وخصوصا المستثمرين:
1:نستخلص من حقيقة ارتفاع نسبة الاستثمار الأجنبي بين الدول المتقدمة أكثر مما هي بين الدول النامية أن ثمة عوامل أخرى - غير الحوافز- تسهم في اتخاذ الشركات المتعددة الجنسيات لقراراتها في هذا المجال. فالمستثمرون يركزون في المقام الأول على العوامل التي تضمن لهم مناخ عمل عادل وصحي ناهيك عن الاستقرار السياسي ومدي الشفافية والإفصاح وحوكمة الشركات في هذه الدول المستثمر فيها والقابلية لتوقع التطورات المستقبلية, .
ومن هذه العوامل :
- النفاذ إلي الأسواق.
- قوانين وأنظمة العمل والعمال.
- حماية حقوق الملكية الفكرية والمادية.
- مدي مشاركة الحكومة في الاقتصاد.
- البنية التحتية.
- سياسات التجارة.
- الإطار الذي يحكم الاقتصاد الكلي.
- مدي الإفصاح والشفافية.
- حوكمة الشركات.
2- يجب علي البلدان الحريصة على النمو واجتذاب الاستثمارات أن تحرص على إنشاء بيئة صحية ومواتية للأعمال لكي تنجح في جذب الاستثمارات. لأنه لا يعد تحقيق النمو الأقتصادى وتحسين مستويات المعيشة بالمهام السهلة على حكومات الدول النامية والدول في مرحلة التحول الأقتصادى. كما أن تحقيق تلك المهام دون ضمان استثمار أجنبي مستقر يشكل تحديا أعظم.
3- وفي الواقع , لابد للحكومات الساعية إلى استقطاب رأس المال الأجنبي من أن تعطى الأولوية لإنشاء البيئات السليمة البعيدة عن التفرقة والتمييز في مجال الأعمال وخلق مناخ جيد للشفافية والإفصاح وتطبيق الحوكمة من أجل زيادة الشفافية والافصاح
4- يجب علي الدول محاولة الاستفادة من المزايا التي يحملها الاستثمار والمستثمرين , وخصوصا المستثمرين الأجانب حيث أنه من المحتمل أن تكون المزايا التى يحملها المستثمرون الأجانب إلي الدول المضيفة لهم , وإن كانت غير مضمونة , مجدية من حيث أنها تساعد الدول النامية علي مواجهة التحدى الماثل أمامها , ألا وهو الاندماج في الاقتصاد العالمي المنافس.
وتشتمل المزايا الرئيسية المحتملة في هذا المجال علي:
1- نقل التكنولوجيا والنفاذ إلى الأسواق.
2- خلق فرص عمل.
3- إنخفاض الأسعار بالنسبة للمستهلكين.
4- تنمية الصادرات.
مما تقدم تتضح المزايا التي تعود على الدول من تحرير اقتصادها وانفتاحها على الاستثمار الأجنبي والقيام بتخفيض الحدود المفروضة على ملكية رأس المال الأجنبي في معظم صناعاتها , وإرساء آليات تنظيمية للأعمال تتسم بالشفافية والكفاءة , وكذلك وضع نظام تشريعى يتسم بالشفافية وبما يضمن حماية حقوق الملكية وتطبيقها بفاعلية. وكذلك التركيز على جذب استثمارات موجهه للتصدير والتي لا تشكل خطرا علي إنتاج المصانع المحلية التى تفي باحتياجات السوق المحلى.
5- وأفضل وسائل لاجتذاب الاستثمارات ولضمان إنتاجية ملائمة لذلك الاستثمار هى ضمان تأهيل السكان المحليين بمستويات تعليم ملائمة, وكذا ضمان سلامة السياسات الاقتصادية على المستوى الكلى, وتوفير نظام عادل وفعال .يحتكم إلى حوكمة الشركات ويتصف بالشفافية والنزاهة والمساءلة وجودة الإفصاح عن البيانات المالية عن طريق جودة المعايير المحاسبية وكذلك معايير المراجعة ومعايير إعداد التقارير المالية .
ومما تقدم نري مدي ارتباط الشفافية والإفصاح بمعايير المحاسبة والمراجعة وتأثيرها على مناخ الاستثمار هذا ونقول في الختام أن تلك الوسائل التى ينبغي أن تسعى الحكومات لإيجادها بهدف تأكيد أداء الاقتصاد بصفة عامة عند مستوى مرتفع .
المجموعة الثانية من التوصيات للمهنيين وللمهتمين بالمهنة والمسئولين عنها وخصوصا ممارسي مهنة المحاسبة والمراجعة:
فيجب على المراجع عند تنفيذه لمهنتة الفنية بما لها من تأثيرعلى المستثمرين واصحاب القرار وانعكاس ذلك على مدى مستوى الشفافية والافصاح فى التقارير المالية , أن يعمل طبقا للوائح والمعايير المهنية, وان يتصرف بوعي, ويجب أن يكون دائم الصدق والمقدرة على تبرير تصرفه تبريرا موضوعيا وفى سبيل ذلك ينبغي على ممارس مهنة المحاسبة والمراجعة:
1. أن يقيم مقدرته على القيام بمهمة المراجعة قبل قبولها
2- الالتزام بالمعايير المهنية الصادرة عن الهيئات المسئولة عن المهنة وان يعمل على اختيار ما ينطبق منها على كل حالة مراجعه يقوم بمراجعتها
3- أن يبين أن ما حصل عليه من معلومات حصل عليه بنفسه أو انه اعتمد على جهة أخرى فى سبيل ذلك
4- أن يبلغ عن أي تصرف تقوم به الإدارة يضر بمصلحة المنشأة التي يراجعها، وعن مدى الشفافية فى التقارير المعروضة علية, ويتم الإبلاغ لأصحاب الشأن حالا إذا كان الأمر يستدعي العجلة, أو يشير في تقريره في حالة الاقتناع بعدم الاستعجال
5- أن يبنى تقريره ورأيه على حقائق فنية فعمله فني يعتمد على الدليل ولا يجب أن يكون للعاطفة فيه اثر
6 - أن يشرف على مساعديه إشرافا يمكنه من أداء أعمالهم حسب ما خطط لها
7 - أن لا يتساهل فى تأدية عمله والإشراف على مساعديه وألا اعتبر مخلا بوجباته الفنيه
8- أن لا يجعل الوقت حائلا دون أداء عمله كما ينبغي، فعندما يرى أن الوقت لا يمكنه من إنجاز المهمة فعليه أن يبلغ عميله بذلك
9- التعليم المهني المستمر وعلى المراجع أن يستمر في الإطلاع ومتابعه كل ما يصدر عن الجهات المنظمة لمهنة المحاسبة والمراجعة والجهات ذات العلاقة، و إذا لم يقم بذلك فيعتبر قد أخل بالتزاماته
10- تدريب العاملين الفنيين بالمكتب وهو استثمار فيما يدر عائد كبير يساعد على بذل العناية المهنية المطلوبة
11- توفير المراجع العملية لأعضاء المكتب حتى يرتقي بالمستوى المهني لمساعديه حتى يتمكنوا من النهوض بمسئوليتهم وبالتالي بذل العناية المهنية الواجبة بالشكل المطلوب لأداء المهنة
وختاما أرجوا أن أكون قد وفقت في إلقاء الضوء على مدى ارتباط الشفافية والإفصاح بالتقارير المالية وحوكمة الشركات وتأثيرهم على مناخ الاستثمار بالاسواق المالية فى جميع بلادنا العربية على امل ان نتفاعل جميعا لنمنع بقدر الامكان اسباب وعوامل التلاعب فى القوائم المالية .