في العقد الماضي حدث تطور كبير في هيكل التجارة الخارجية بين الصين والولايات المتحدة سواء من حيث الحجم أو التركيبة السلعية، ومما لا شك فيه أن هذا التطور عكس طبيعة التغيرات الهيكلية التي طرأت على الاقتصادين الصيني والأمريكي. غير أن نتيجة هذا التبادل محسومة لصالح الصين التي تحقق فوائض ضخمة في ميزانها التجاري مع أمريكا، إلى الحد الذي يثير قلق القادة الأمريكيين وعلى رأسهم الرئيس الحالي باراك أوباما. ففي عام 1999 لم يتجاوز العجز التجاري الأمريكي مع الصين حاجز الـ 70 مليار دولارا، أما في العام الماضي فقد قفز الفائض التجاري الأمريكي مع الصين إلى 225 مليار دولارا.
غير ان المدقق في هيكل التجارة السلعية بين الدولتين يلاحظ بشكل عام أن أمريكا اليوم أكثر اعتمادا على الصين، بينما تبدو الصين اليوم اقل اعتمادا على أمريكا. الشكل التالي يوضح اتجاهات التجارة السلعية بين الولايات المتحدة والصين خلال العقد الماضي. إذا دققنا في هذا الشكل نلاحظ الآتي: الشكل رقم (1) اتجاهات الصادرات الامريكية الى الصين
في عام 1999 كانت الجانب الأكبر من واردات الصين من الولايات المتحدة يتمثل في الآلات ومعدات النقل والسلع المصنعة والكيماويات، بينما كانت صادرات المواد الخام الأمريكية إلى الصين منخفضة إلى إجمالي حجم الصادرات إلى الصين بشكل عام. في عام 2009، تقلصت الصادرات الأمريكية إلى الصين من الآلات ومعدات النقل بشكل واضح، كما يبين المقطع الأيمن من الشكل، في الوقت الذي تضاعفت فيه الصادرات الأمريكية من المواد الخام إلى أكثر من 3 أضعاف إلى الصين، معظم هذه الصادرات من المعادن الخردة. على الجانب الآخر نجد ان الولايات المتحدة أصبحت اليوم أكثر من أي وقت مضى أكثر اعتمادا على السلع الاستهلاكية المصنعة في الصين. الصين تتهم الولايات المتحدة في أنها السبب في هذا العجز التجاري لأن لدى الصين رغبة قوية في استيراد الكثير من السلع عالية التقنية من الولايات المتحدة، ولكن الولايات المتحدة تفرض حظرا على هذه الصادرات السلعية إلى الصين، ومن ثم فان الصين تفتح أيديها للولايات المتحدة لمعالجة هذا العجز بصورة جزئية على الأقل، ولكن الولايات المتحدة لفترة طويلة كانت ترفض ذلك.
في خضم المشاحنات الأخيرة التي تمت بين الولايات المتحدة والصين حول القيمة الحقيقية لليوان، طالب الرئيس الصيني لأكثر من مرة الولايات المتحدة بأن تعيد النظر في قراراتها السابقة بحظر الصادرات من السلع عالية التقنية مثل الحاسبات العملاقة والأقمار الصناعية إلى الصين. بضغط من الرئيس الأمريكي أوباما تفكر الولايات المتحدة حاليا في إرخاء القيود التي تفرضها على صادرات السلع عالية التقنية للصين، حيث صرح وزير الدفاع الأمريكي روبرت جاتس أن السياسات التي تتبعها الولايات المتحدة في فرض القيود على صادرات محددة لا تخدم المصالح الأمنية ولا الاقتصادية للولايات المتحدة.
في دراسة أعدها Milken Institute، (http://www.milkeninstitute.org/jobsforamerica/index.taf?page=policy ) حول أثر تحديث القيود على الصادرات الأمريكية توصلت إلى أن فك القيود على الصادرات الأمريكية يمكن أن يرفع من مستويات النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الأمريكي، كما يوضح السيناريو التالي عن الفترة من 2010 إلى 2019. الشكل رقم 2، سيناريوهات التأثير على حجم الناتج المحلي الاجمالي
من ناحية أخرى تشير سيناريوهات الدراسة إلى ان إرخاء القيود الأمريكية على الصادرات يمكن ان يساعد سوق العمل الأمريكي بتوفير مئات الآلاف من الوظائف الإضافية كما يوضح الشكل التالي. الشكل رقم 3: اثر ارخاء قيود الصادرات على التوظف في الولايات المتحدة
هل فعلا الولايات المتحدة جادة هذه المرة في إرخاء القيود على صادراتها الإجابة على هذا السؤال سوف تتضح في الأعوام القادمة.