الحقيقة اني لم أكن ارغب في الكتابة عن شركة بترو رابغ في هذه السلسلة وذلك لثلاثة أسباب أولهما أن جزءا كبيرا من نشاطها يختص بالتكرير وهو نشاط خارج نطاق هذه السلسلة ولا يكتمل الحديث عن الشركة دون الحديث عنه، أما السبب الثاني فيعود إلى أن الشركة لم تقدم حسب علمي الافصاح الكافي حول كيفية تسعير خام النفط الذي تستعمله في المصفاة وهو العنصر الأساسي الذي يحتاجه اي محلل وبدونه فإن الموضوع هو عبارة عن تخمينات قد تصيب أو تخطئ.. أما السبب الثالث فإن الشركة لا تفصح عن طريقة تسعير المنتجات المكررة في الأسواق المحلية ولا عن نسبة توزيع مبيعاتها الخارجية والداخلية..
ويبدو أن الغموض الذي يدور حول المصفاة كان مدعاة لرغبة الكثيرين لطلب ادراج مقال عن الشركة في هذه السلسلة حيث تلقيت العديد من الطلبات بخصوص ذلك... لذلك ساجتهد في عرض مختصر عن الشركة عبر مقالين ، أولهما هو هذا المقال لمناقشة قطاع التكرير بالشركة أما الثاني فسيكون عن قطاع البتروكيماويات.. وللتنبيه فإن قطاع التكرير شديد الغموض والتعقيد لذلك فإن ما يرد في هذا المقال لا يعدو كونه محاولة لفك الطلاسم أكثر منه تحليلا..
قطاع التكرير تقوم مصفاة رابغ بتكرير 400 ألف برميل يوميا من النفط الخام الخفيف يوميا ويبلغ انتاجها من المشتقات المكررة حوالي 17 مليون طن سنويا (اي مايعادل 0.5 % من اجمالي طاقات التكرير في العالم)..
المصفاة هي في الاصل من النوع البسيط الذي يحول النفط الى مشتقاته الاساسية (زيت الوقود والنافتا ووقود الطائرات والديزل) والجديد في المصفاة أنه تم إضافة بعض الوحدات الأكثر تعقيدا وذات القيمة المضافة مثل وحدة تكسير سوائل الأولفينات التي ستنتج 900 ألف طن سنويا من البروبيلين..
لاحظ ان شركات البتروكيماويات الأخرى تستخدم في الغالب غاز البروبان لانتاج البروبيلين (مثلا المتقدمة والتصنيع) أما في بترو رابغ فهي تستخدم مشتقات يتم انتاجها من مصفاة النفط ولذلك فإن تكلفة انتاج البروبيلين مرتبطة ارتباطا مباشرا بسعر النفط الخام وليس بسعر الغاز المخفض..
لن ندخل أكثر في تفاصيل المصفاة لأن ما يهمنا هنا هو السؤال الذي يهم المستثمرين وهو بكل بساطة كم هامش الربح الذي تحققه الشركة من المصفاة؟؟..
يتحدد هامش الربح للمصفاة على حسب سعر اللقيم (العربي الخفيف) وسعر بيع المنتجات المكررة ومن خلال نتائج الارباع الستة الماضية يتضح أن الشركة كانت تحقق هامشا سالبا ويعود جزء كبير من ذلك إلى أن هوامش التكرير لجميع المصافي في العالم كانت منخفضة خلال هذه الفترة ولم يكن الأمر حكرا على مصفاة بترو رابغ ، فقد وصلت هوامش ربح المصافي العالمية خلال الربع الرابع 2009 والشهرين الأولين من عام 2010 إلى أدنى مستوى لها خلال 15 سنة ، وبالاضافة الى ذلك فإن الاشهر الـ 18 الماضية كانت تمثل فترات التشغيل الأولية لتوسعة المصفاة .. ومن المنتظر أن تتحسن النتائج التشغيلية للمصفاة مستقبلا مع تحسن هوامش المصافي عالميا ومع انتظام تشغيل الوحدات الجديدة بالمصفاة..
تسعير النفط الخام من قبل أرامكو: على حسب نشرة الإصدار تبيع أرامكو النفط الخام على بترو رابغ على اساس عدة عوامل تعكس اسعار المنتجات المكررة ووجهة بيع هذه المنتجات .. وهذا كل ما قالته الشركة وهي معلومات غير كافية..
ولكن يفهم بشكل عام من ذلك ان أسعار بيع خام النفط على الشركة مقاربة للأسعار العالمية في حالة بيع المنتج المكرر في الأسواق العالمية ، أما في حالة بيع المنتجات المكررة في السوق المحلي فإن ارامكو تخفض سعر الخام بقدر التخفيض الحكومي لأسعار المنتجات في السوق المحلية أو ربما يكون هناك اجراء لتعويض الشركة مقابل البيع بسعر مخفض في السوق المحلي.. ولا صحة لما يتردد أحيانا بأن الشركة تشتري اللقيم اللازم لانتاج المنتجات المكررة المباعة داخل السعودية بالسعر العالمي وتبيعه بالسعر المحلي ..
هوامش التكرير العالمية: تحصل المصافي على أرباحها من فرق السعر بين المنتجات المكررة وسعر الخام فمثلا اذا كان سعر الخام حاليا هو 80 دولار للبرميل وتكلفة التكرير هي 20 دولار للبرميل وكان سعر السوق لما يعادل برميل من المنتجات المكررة (وقود السيارات مثلا) هو 105 دولار فإن المصفاة تحقق ربحا قدره 5 دولار عن كل برميل تكرره ... ولكن اذا كان سعر المنتجات المكررة في السوق هو 95 دولار فإنها تحقق 5 دولار خسارة عن كل برميل من المنتجات المكررة وهكذا..
ويعتمد الفرق بين اسعار المنتجات المكررة والخام (وبالتالي هامش الربح) على عوامل عديدة أهمها حجم الطاقات الانتاجية العالمية ونسبة التشغيل للمصافي والطلب على المنتجات المكررة ونوع الخام الذي يستعمل في المصفاة.. وبسبب تفاوت هذه العوامل بين فترة وأخرى فإن المصافي تحقق في العادة تذبذبا في هوامش الربح بين فترة وأخرى تتراوح بين السالب والموجب فعندما تكون العوامل أعلاه مواتية تحقق المصافي هامش أرباح موجبة وعندما تتغير هذه العوامل الى الاتجاه الآخر تحقق المصافي هامشا سالبا من عملياتها..
من الواضح ومن المعلومات المتوفرة ان اقتصاديات المصفاة لشركة بترو رابغ والى حد كبير تماثل اقتصاديات المصافي العالمية مع ميزة تفضيلية محدودة وهو توافر الخام بشكل منتظم وبسعر أرخص قليلا بسبب قربها من اماكن انتاج النفط وعدم الحاجة لشحن النفط الخام الى مسافات بعيدة لذلك ومبدئيا يمكننا توقع أن تكون اتجاهات الربحية مماثلة بشكل عام لباقي المصافي في العالم مع أفضلية بسيطة..
كان العقد الماضي بمجمله فترة ممتازة للمصافي حول العالم ووصلت هوامش الربح لأعلى مستوى لها على الإطلاق منذ نشأة هذه الصناعة خلال الاعوام 2006 – 2008 وهو مايطلق عليه "العصر الذهبي للمصافي" ولكن هذه الهوامش سرعان ما اختفت مع بدء الازمة العالمية ومن ثم وصلت إلى أدنى مستوياتها بنهاية عام 2009 و بداية عام 2010 (لاحظ انه على العكس من ذلك فقد شهدت هوامش البتروكيماويات تحسنا كبيرا خلال النصف الثاني من عام 2009 وبداية عام 2010)...
ولتقريب الأوضاع أعلاه من أذهان القراء فإن مصفاة بحجم مصفاة بترو رابغ كانت تحقق أرباحا تزيد على 1 مليار دولار في عام 2007 !!!! بينما نفس المصفاة لا تحقق أرباحا في عام 2009 أو خلال الربع الأول 2010 ..
ويعود سبب انخفاض هوامش الربح للمصافي خلال الاشهر الـ 12 الأخيرة إلى أن أسعار المنتجات المكررة لم ترتفع بنفس مقدار ارتفاع الخام وتعزو الشركات الكبرى (بريتيش بتروليوم وشيفرون و رويال دتش) ذلك إلى وجود طاقات انتاجية زائدة تصل الى 3 – 4 مليون برميل يوميا وعدم تحسن الطلب على المنتجات المكررة حتى الآن.. لذلك فإن الهوامش السالبة والخسائر التشغيلية التي حققتها "بترو رابغ" خلال الارباع الخمسة الماضية من قطاع التكرير تعد أمرا طبيعيا تمر به جميع المصافي حول العالم في ظل الظروف التي تمر بها هذه الصناعة خلال تلك الفترة..
توجد عدة مؤشرات تقيس هوامش الربح للمصافي العالمية وأقرب مؤشر يمكننا اللجوء اليه الآن هو مؤشر الـ (GIM) الذي تنشره شركة بريتيش بتروليوم (BP) والذي يقيس معدل هوامش الربح لعدد من المصافي التي تشغلها في عدة قارات حول العالم وتستعمل عددا من الخامات المختلفة وذلك في ظل ظروف تشغيلية طبيعية..
وكما يلاحظ من الرسم فإن المؤشر قد شهد تحسنا في شهر مارس وأبريل مقارنة مع بداية العام لكنه لايزال منخفضا بالمقاييس التاريخية والمستوى الذي تم تسجيله في بعض الاسابيع في شهر يناير وفبراير (1 الى 2) يعد الأدنى منذ 15 سنة ما يشير الى الاوقات العصيبة التي مرت بها المصافي اواخر عام 2009 و بداية عام 2010 (المعدل في الربع الرابع 2009 كان 1.5 فقط).. وللمقارنة فإن هذا المؤشر كان يبلغ 17 في الربع الثاني من عام 2007 وهو أفضل ربع لهوامش التكرير العالمي كما كان يراوح بين 7 و 15 خلال عامي 2007 و 2008 وهي الفترة التي تسمى بالعصر الذهبي للمصافي..
الخلاصة: يمكن توقع ان يتذبذب اداء المصفاة على حسب هوامش الفرق بين سعر الخام والمنتجات المكررة وأقدر أنه عند انتظام تشغيل جميع حدات المصفاة فإن هوامش الربح ستتراوح بين خسارة 2 % و ربح 6 % من اجمالي مبيعات المنتجات المكررة على حسب تطور اسعار بيع المنتجات المكررة وفرقها عن سعر الخام مستقبليا .. وكما شاهدنا من الرسم البياني اعلاه فإن هناك بوادر انفراج في هوامش المصافي خلال شهري مارس وأبريل واستمرار هذا الانفراج و تحسنه سيكون خبرا جيدا لقطاع التكرير في بترو رابغ خلال الربع الثاني..
في المقال القادم سنتحدث عن الجانب الاكثر إشراقا بالنسبة لنشاط الشركة وهو قطاع البتروكيماويات بما في ذلك تقديرات الربحية..
الف شكر دكتور احمد ....... وبانتظار مقالك الثاني وفقك الله لكل الخير وجزاك الله خيرا كثيرا
مقال رائع الله يعطيك العافيه وضع المصافي سيء أحد شركات المصافي في أمريكا كان سهما ب 60 دولار في 2007 و الأن يتداول ب 5.15 دولارا ... لكن على المدى المتوسط والطويل فهو من مصلحة بترورابغ لأنها هوامشها أعلى من مثيلاتها الأورويه والأمريكيه.... ولذا فلكون هوامش المصافي في أسيا أعلى بين 300 و500 نقطة أساس من المصافي في أمريكا وأوروبا و البدء في تنفيذ قوانين بيئيه أكثرصرامه في أمريكا سوف يتم إغلاق العديد من المصافي هناك مما سوف يخفض الأنتاج العالمي الفائض ويرفع الهوامش على المدى الطويل والمتوسط .. وفعلا قبل شهرين أغلقت مصفاة تنتج مئة ألف برميل في دلاوير بأمريكا
يعطيك الف عافية وبانتظار المزيد الله يوفقك دنيا واخرة
بارك الله فيك على المعلومات القيمه الشركه حققت مبيعات حوالي 10 مليار للربع الاول وفي احسن الاحوال قد تصل ارباح المصفاه فقط بين 200 -600 مليون ريال فقط من المصفاه للربع الواحد ننتظر توقعات ارباح القطاع المشرق قطاع البتروكيماويات لتتضح الامور وتصبح جليه الف شكر مره اخرى
دكتورنا الغالي كم سؤال ياليت تشفي غليلي فيها كم نسبة الربح بالنسبة للمبيعات ؟ الا تلاحظ ان مصروفات الشركة كبيرة مقارنة بينساب؟ في تصوري ان الكبار ثلاثة كنظرة مستقبلية نتكلم على 10 سنوات فما فوق 1سابك 2بترورابغ 3الصحراء وان كل واحد له منهج معين بقيادة ادارتة هل توافقني الرأي واذا كان لا فلماذا ؟؟ الا ترا ان وجود ارامكو في بترورابغ يسبب خلل في المصروفات وخصوصا اذا عرفنا ان اخر (نكتها) توقيع مناقصة مع شركة تبريد لتركب لها مكيفات ب1.8مليار ريال ؟ هل لوجود الشريك الاجنبي اثر ايجابي في الشركة ؟ وهل التوسعة الجديدة ستكون لها جدوى كبيرة على اصحاب الاسهم في الشركة ؟وكيف تتوقع طريقة التمويل؟ والا ترا ان ديون الشركة مخيفة خصوصا انها بنفس نظام ينساب في طريقة الاقتراض هذا اذا انا عرفت اقرأها مثل قراءتك وانت اعرف؟ اسف على الاطالة ولكن لتعلم انه لن يتمكن على الاجوبة احد غيرك فالله يكون بعونك خصوصا اني لاحظت ان شريحة كبيرة من الشعب تملك في هذه الشركة ذات المستقبل الضبابي شكرا لك
جزاك الله الف خير
الأخ محمد 1. بالنسبة للمصفاة وكما هو موضح في المقال فإن الربح يتوقع ان يكون بين ناقص 2 % الى زائد 6 % من المبيعات ... اما بالنسبة للبتروكيماويات فسنتطرق له المقال القادم.. 2. طبعا المصروفات أكبر من ينساب بسبب انها اكبر حجما من ينساب وبسبب وجود المصفاة.. 3. وجود الشريك الاجنبي مفيد من ناحية التقنيات والتسويق (مثلا تقنية اوكسيد البروبيلين هي تقنية من سوميتومو ولم يستعملها احد غيرها) 4. بالنسبة لوجود ارامكو يسبب خللا لا جواب عندي لأن اخوك في الله لايحب ارامكو ويمكن اكون متحيز ضدها.. وشخصيا كنت من اشد المعارضين لدخول ارامكو قطاع البتروكيماويات 5. قروض الشركة غير ذات اهمية لأن التدفقات النقدية المستقبلية ستغطي جميع الاقساط بالراحة ... ستكون مشكلة فقط في حال واجهت مصانع الشركة تعطلات لفترات طويلة واعتقد ان هذا مستبعد..
بارك الله فيك دكتور احمد كيف استطيع ان اطبع تلك المقالات المهمة حيث عند الطباعة تطبع لي الصفحة كاملة
السلام عليكم جزاك الله خير يادكتور والله انني محتار بينها وبين شركة كيان بالنسبة لمجمع البتروكيماويات ايهما اكبر انتاجية بالبتروكيماوايات كيان ام بترورابغ وبالنسبة للتوسعة لبترورابغ 2 هل جميع ماتحتوية التوسعة بتروكميكل وهل مجموع التكلفة 10 مليار للبتروكيميكل القادمة ام توسعة للمصفاة جزاك الله خير