نتحدث اليوم على جزء هام للغاية الا وهو فجوة التوقعات وعلاقتها بالشفافية والإفصاح
ولكى يسود التنظيم الذاتى، يجب على المستخدمين أن يكون مستوى جودة الخدمات المقدمة لهم بواسطة المحاسبين القانونيين مساوية لتوقعاتهم، ويشار للتباين بين المستخدمين وإدراكات المحاسبين القانونيين لجودة خدمات المحاسبين القانونيين، وخاصة فيما يتعلق بوظيفة التصديق باسم فجوة التوقعات The Expectation Gap
وتنقسم توقعات المستخدمين الى : - رصد كل الأخطاء الهامة والغش . - تقييم قدرة العميل على الاستمرار كمشروع مستمر.اما فجوة التوقعات للمعايير المهنية فتنقسم الى :
- ممارسة الحيطة والحذر عند أجراء المراجعة : تصميم عملية لمراجعة – بما فى ذلك تقييم احتمال وقوع الغش – يجب أن يوفر تأكيداًمعقولاً لاكتشاف الأخطاء الهامة والغش .
- دراسة ما إذا كان يمكن أن يكون هناك شك مادى بشأن قدرة منشأة العميل على الاستمرار كمشروع مستمر لفترة معقولة من الزمن لاتتجاوز سنة واحدة من تاريخ القوائم المالية التى تم مراجعتها.
وتعد مسئولية المراجع المستقل عن رصد واكتشاف الغش أثناء المراجعة واحدة من المجالات الرئيسية التى تسهم فى فجوة التوقعات . ويعتقد كثير من المستثمرين ومستخدمي القوائم المالية أن رأي المراجع غير المقيد يعنى أن المراجع قد اكتشف جميع الأخطاء المادية أو الغش الذى ربما يكون قد حدث أثناء الفترة الخاضعة للمراجعة، ومع ذلك فالبيانات الخاصة بمعايير المراجعة تختلف مع وجهة النظر هذه. وتحمل المراجع مسئولية ممارسة الحذر والحيطة فقط أثناء إرجاء الفحص وقيام الإدارة بإبطال ضوابط الرقابة المحاسبية الداخلية وغير ذلك من أشكال الغش يمكن أن يحدث وان يتم إخفاؤه ببراعة لدرجة تفشل معها ممارسة الحذر والحيطة الواجبة أثناء المراجعة فى رصد واكتشاف البيانات الكاذبة فى القوائم المالية الناتجة عن اللجوء لهذه الأساليب .
وهناك حالات تتضمن تلفيات كاذبة كبيرة فى القوائم المالية لم يكتشفها المراجعون المستقلون ، وهى حالات أدت إلى توسيع فجوة التوقعات : ورغم وجود عنصر قيام الإدارة بإبطال ضوابط الرقابة الداخلية فى جميع هذه الحالات، ألا أن كبر حجم الخسائر الناجمة عن ذلك دفعت المستثمرين إلى طرح تساؤل: أين كان المراجعون ؟!!
وفى كلمته عام 1994 أما المؤتمر القومى السنوى لـ AICPA حول تطورات SEC الجارية، وصف وولتر شوتز كبير المحاسبين بـ SEC هذه الحالات وغيرها بأنها حالات بدا فيها أن المراجعين (( وضعوا حكمهم بشأن قضايا المحاسبة والإثبات فى مرتبة تالية لعملائهم ))وتساءل (( كيف يمكن للمراجعين والشركات أن تتجاهل مجموع ما كتب فى موضوع الغش ، ثم يتوقعون من المستثمرين والجهات التنظيمية والكونجرس والجمهور عموماً أن يصدقوا ما يقولونه ؟ وقد اختتم شوتز كلمته بمناشدة المهنة (( ألا تدع شيئاً يقف فى طريق قول المراجع الحقيقة كما يراها )).
واستجابة لهذه الاهتمامات والمخاوف إصدار مجلس معايير المراجعة بياناً جديداً لرصد الغش وإبلاغ الإدارة ومجلس الإدارة بالنتائج . بالإضافة إلى رصد الغش وتحليل المخاطر وقد قادت هذه الاهتمامات إلى توسيع نطاق خدمات التأكيد.
وهناك مجال لاختلاف التوقعات بين المراجعين المستخدمين فيما يتصل بمسئولية المراجع، وهو قدرة شركة ما على الاستمرار كمشروع مستمر. ويعتقد كثير من المستثمرين أن رأي المراجع غير المتحفظ (( شهادة على قوة وسلامة وضع شركة ما )), وإذا تقدمت شركة بطلب لإشهار إفلاسها أو تعرضت لمتاعب مالية ، فان المستخدمين كثيراً ما يتساءلون عن سبب عدم اكتشاف المراجعين للأوضاع وتغطيتها فى تقرير المراجعة ، وفى محاولة لتضييق فجوة التوقعات فى هذه الناحية، إصدار مجلس معايير المراجعة فى 1989 ( SAS 59 ) الخاص بقدرة العميل على الاستمرار كمشروع مستمر وتحديداً ينص المعيار على ضرورة أن يدرس المراجع ما إذا كانت نتائج المراجعة تشير إلى وجود شكوك كبيرة فيما يتصل بقدرة الكيان على الاستمرار كمشروع لفترة من الوقت لا تتجاوز عاماً واحداً من تاريخ الميزانية . فإذا وجد شك، يجب فى هذه الحالة إضافة فقرة تفسيرية عقب فقرة الرأي فى تقرير المراجعة.
وقد ساعد أيضاً تعيين لجان مراجعه بواسطة معظم الشركات العامه فى تضييق فجوة التوقعات عن طريق تزويد المراجع بوسيلة لتسوية المنازعات مع الإدارة ، ولجنة المراجعة هى لجنة تابعة لمجلس الإدارة تتكون من مديرين خارجيين بدرجة رئيسية – ولا يشغلون وظائف إدارية فى الشركة، ومن بين واجباتها الأخرى، فإن لجنة المراجعة مسئولة عن مراقبة والإشراف على نظام الرقابة الداخلية والتحكيم فى الخلافات التى تنشأ بين المراجعين والإدارة، وتتعلق الخلافات عادة بالقياس المحاسبي أو قضايا الإفصاح التى يمكن أن ينتج عنها رأي مراجعة متحفظ أو تغيير المراجعين إذا لم تتم تسويتها.
وقد تم إدخال تغييرات أيضاً فى لوائح AICPA فى محاولة لخفض عدد ما يسمى بإخفاقات المراجعة، ومن اجل تضييق فجوة التوقعات، ويجب أن يشترك أعضاء AICPA فى برنامج لمراقبة الممارسة معتمداً على أن يكمل الأعضاء متطلبات التعليم المهني المتواصل حسبما قررها المجلس، واشتراط أن يكون الأشخاص المتقدمون لعضوية AICPA بعد عام 2000 قد أكملوا 150 ساعة من الدراسة الجامعية ( قبل التخرج ) نتيجة أيضاً للائحة من لوائح AICPA . وبالنسبة لمعظم الطلاب يترجم ذلك إلى برنامج محاسبة مدته 5 سنوات.
أن هذه الجهود المبذولة من جانب AICPA تسلم بمخاطرة تزايد التنظيم الخارجي للمهنة إذا ما سمح لفجوة التوقعات بالاتساع بدرجة اكبر. وتعنى زيادة التنظيم الخارجي حدوث تراجع فى السلطات الحاكمة لـAICPA ويمكن أن يؤدى إلى تولى SESأو وكالة أخرى منشأة بواسطة الكونجرس سلطة تنظيمية مطلقة.
بعد هذا الإيضاح لفجوة التوقعات نأتي إلي ربط هذا الموضوع بمدى تأثير ذلك على الاستثمار وعلاقة ذلك بالمستثمرين وممارسي مهنة المحاسبة والمراجعة , حيث أنه توجد مشكلة كبيرة بين المستثمرين وممارسي مهنة المحاسبة المراجعة تتبلور في مدي مسؤولية المراجع عن اكتشاف التلاعب والأخطاء والغش علاوة علي فشل الأعمال وفشل المراجعة وكذلك خطر المراجعة وفجوة التوقعات من الأمور الهامة التي تؤثر على هذه العلاقة التي تصل في بعض الأحيان إلي حد رفع الدعاوى القضائية على المراجعين مما يفسد جو الاستثمار وهذا ما سنحاول توضيحة لاحقا .
وتواجه مكاتب المحاسبة صعوبات من جراء وقوع فشل الأعمال وليس فشل المراجعة وعلى سبيل المثال إذا تم إعلان إفلاس شركة وثبت عجزها عن دفع الديون فمن المتعارف عليه أن يدعى مستخدمو القوائم المالية بفشل المراجعة وخاصة إذا كان أحدث تقرير للمراجع يوضح فيه رأيه بعدالة القوائم المالية 0 وحتى إذا حدث فشل في الوحدة الاقتصادية وتم فيما بعد التعرف على وجود تحريفات بالقوائم الماليةيمكن أن يدعى المستخدمون بإهمال المراجع مع ثبوت التزامه بمعايير المراجعة المتعارف عليها
ينشأ هذا الخلاف في الرأي بين المراجعين والمستخدمين كما سبق وأوضحنا بسبب ما يطلق عليه فجوة التوقعات، حيث يرى معظم المراجعين أن أداء المراجعين يجب آن يتم في إطار معايير المراجعة المتعارف عليها . بينما يرى العديد من المستخدمين أن المراجع ضامن لدقة القوائم المالية، ويرى البعض منهم أن المراجع ضامن للسلامة المالية للوحدة الاقتصادية محل المراجعة، وينتج عادة عن فجوةالتوقعات رفع قضايا بشكل لا مبرر له فى بعض الاحيان .
وعلى ذلك ربما يجب على القائمين على شئون المهنة أن يعرفوا مستخدمي القوائم المالية بدور المراجع والفرق بين فشل الأعمال والفشل في المراجعة وخطر المراجعة، ومن الأمور التي يجب على المراجع أن يأخذها على محمل الجد أن بعض الدعاوى القضائية قد ترفع على أمل أن يحصل الأفراد الذين لحقت بهم خسائر على تعويض من أي مصدر بغض النظر عما إذا كان هذا المصدر ارتكب أخطاء أم لا
ومن هنا نشأت الحاجة إلى المعايير المهنية وخصوصا ما يرتبط منها بمسؤولية مراجع الحسابات وهو موضوع بذل العناية المهنية اللازمة التي تحدد نطاق الأداء المهني لعمل المراجع, وكذلك يتم من خلالها الحكم على مسؤولية المراجع وتقصيره من عدمه .
وتتطلب المعايير المهنية عموما ضرورة بذل العناية المهنية المعتادة في كافة جوانب المراجعة, ذلك أن المراجع مسئول مهنيا عن أداء عمله على نحو جاد وحذر.
وختاما قد ارى بعض الشركات تخفى بعضا من خسائرها او قد تزيد من ارباحها دون ان يكون فى ذلك من تجاوزات للمعايير المعتمدةوبالتالى تخفى عن الانظار بعض الحقائق التى تؤثر على نظرة المستثمرين وهو ما يفسر بفجوة التوقعات لديهم .... ارجو ان اكون قد اوضحت هذا الجزء الهام لدى القراء الاعزاء ونصل الى الجزء الاخير من هذه السلسلة فى المقال القادم باذن الله .... والله الموفق .
فى انتظار الجزء القادم... وكذلك مقال عن صور التلاعب الحادثة فى السوق وشكرا
ارجو ان اوفق فى استكمال هذه السلسلة مع اضافة صور التلاعب التى تحدث فى القوائم المالية وكذلك لعلنا نعرج عن معيار الخاص بالغش فى القوائم المالية .... وتحياتى للجميع د. جمال شحات