تحية إجلال وتقدير

25/04/2010 3
سليمان المنديل

عندما يقوم باحثون بدراسة أسباب نجاح صناعة البتروكيماويات في المملكة، فسيتعجب المرء من حجم الجهود، والمبادرات المنسقة، التي تبنتها الحكومة، ومنذ منتصف عقد السبعينات الميلادية، كان أبرزها:

1 – تجميع الغاز من حقول النفط، ونقله، وفرزه، في إبقيق، ومد خطين للغاز إلى الجبيل، وينبع. 2 – إنشاء شركة سابك لتتولى تنفيذ المشاريع. 3 – إنشاء الهيئة الملكية لتنفيذ البنية التحتية. 4 – إنشاء ميناءين صناعيين، متخصصين، لتصدير المنتجات البتروكيماوية. 5 – التمويل الميسّر، من صندوق الاستثمارات العامة. 6 – برنامج تحفيز شركات البترول العالمية على الاستثمار (Oil Entitlement). 7 - أسعار اللقيم المشجعة.

وفي عام 2001، وضعت الحكومة التسعيرة الحالية للغاز، وهي مكونة من شريحتين، إحداهما أسعار ثابتة لمادتي الإيثان، والميثان، والأخرى معادلة مرتبطة بالأسعار العالمية لباقي أنواع الغاز، وكان ذلك لمدة عشر سنوات، ستنتهي بنهاية عام 2011، والسؤال الهام، هو ماذا ستكون عليه الأسعار بعد ذلك؟ وحيث يوجد بين المسؤولين الحكوميين من يرى أن هذه الصناعة قد نمت، ونضجت بما يكفي، وأنه حان الوقت لرفع الأسعار، وهو ما سيحقق دخلاً أكبر للحكومة، ومن ثم أرباحاً أقل لقطاع البتروكيماويات.

إلا أنني أود هنا تقديم الحجج، والمبررات التي يسوقها ممثلو قطاع البتروكيماويات، للإبقاء على الأسعار عند وضعها الحالي:

أولاً: جميع أسهم القطاع مملوكة للحكومة، ولعامة الجمهور، بدون وجود ملكيات خاصة مسيطرة.

ثانياً: في حين أن الجيل الأول من مشاريع سابك قد نضج، فإن الأجيال التالية لسابك، والقطاع الخاص مازالت في طور التأسيس، أو بدايات التشغيل، مما يعني أنها مازالت مثقلة بالقروض، ولسنوات طويلة قادمة.

ثالثاً: التزمت كثير من الشركات بالاستثمار في مشاريع تحويلية، تتطلب الكثير من الجهد، مقارنة بمشاريع المنتجات الأساسية، ومن ثم فهي بحاجة إلى فترة سماح (Grace Period) أطول.

رابعاً: كان من المتوقع أن تستفيد الصناعة السعودية من حقيقة نضوب احتياطيات كلا من أمريكا، وأوروبا من الغاز، ولكن أحدث الأخبار تتحدث عن تقنيات جديدة ستسمح باستخراج الغاز من الصخور المشبعة به (Shale Rocks). وهو ما يفسر اليوم انخفاض أسعار الغاز في أمريكا من مستواها في عام 2008، عند (13) دولار للمليون وحدة حرارية، إلى ما دون أربعة دولارات اليوم، وهو ما سيعني استمرار المنافسة الحالية لمدة أطول، وانخفاض الميزة النسبية للصناعة السعودية.

كل العاملين في قطاع البتروكيماويات يقفون إجلالاً، وتقديراً لاؤلئك المسؤولين المؤسسين لهذه الصناعة، ونرجو أن يحاكي أصحاب القرار اليوم، زملاءهم السابقين في النظر إلى هذه الصناعة، من منظور استراتيجي، وطويل المدى.