خارطة الطريق لرهن عقاري فعال

15/04/2010 6
خالد المفيز

الرهن العقاري ، قانون طال انتظاره ، و قد صرح وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف بتوقعه إقرار الرهن العقاري في الربع الأول من هذه السنة مما يعني أننا قاب قوسين أو ادني من القرار الذي ينتظره مواطنين و بنوك و شركات تمويل ، الجميع ينتظره والجميع يتوقع ان يستفيد منه .يتوقع الكثير أن الرهن العقاري قادر على حل أزمة الإسكان في السعودية ، خاصة و أن الكثير من الأبحاث و الدراسات توصلت إلى أن غالبية المواطنين لا يمتلكون منزلهم .صحيح ان الرهن العقاري سيسهل على البنوك عملية الإقراض ، عبر إيجاد آلية إستيفاء للديون المستحقة للبنوك ، فسيستطيع البنك بيع العقارات التي تخلف المدينون عن سداد الأقساط الشهرية المستحقة عليهم .

يعاني الكثير من المواطنين من إرتفاع أسعار العقارات حاليا ، إن لم نتدارك الوضع ، فسيصب الرهن العقاري الزيت على النار،و سيشعل أسعار العقار أكثر فأكثر لأنه سيضخ سيولة كبيرة في سوق العقار معززا جانب الطلب أكثر بكثير مما يحتمله العرض.  لذا،لن يكون الرهن العقاري وحده كافيا في حل أزمة الإسكان ،و لكي نحسب خطواتنا القادمة للوصول لهدفنا بتوفير السكن ، لنقم بحسبة بسيطة  لنعرف ما مدى إمكانية نجاح قانون الرهن العقاري في حل هذه الأزمة .

أسعار فلل الدبلكس متفاوتة حسب الموقع و التشطيب، ولكن لناخذ متوسط التكلفة لفيلا دبلكس صغيرة بمساحة  250 متر تلبي حاجات أسرة بسيطة ، يقدر سعرها بمتوسط يقارب المليون ريال .و إذا أضفنا على ذلك قيمة الفوائد لعشرين سنة فسينتج لدينا تكلفة إجمالية تقدر بمليونين ريال ، أما القسط الشهري فسيكون 8333 ريال شهريا . تقوم البنوك باستقطاع من 30% إلى 50% كحد أعلى من الدخل الشهري للمواطن . و بناء على ذلك يجب ان يكون الدخل الشهري للمواطن ما بين ( 16666 و 25000 ريال ) حتى يوافق البنك علىإقراضه.و هذا الدخل يعتبر اعلى بكثير من متوسط دخل 80% من السعوديين . و هنا تكمن المشكلة ، إذ سنكتشف فور صدور قرار الرهن العقاري أن هذا القرار لم يكن كافيا لحل أزمة الإسكان .

ولكي نساعد الرهن العقاري ليساعدنا في حل أزمة الإسكان ، يجب علينا أن نخفض التكلفة الإجمالية عبر خفض أجزاء التكلفة الرئيسية ( الأرض ، مواد البناء ، فوائد القرض )،  و سأطرح بعض الأفكار في خفض كل تكلفة على حدا .بالنسبة لخفض تكلفة الأرض ، فأقترح أن يتم إقرار ضريبة على الأراضي الفضاء ( في حال وجود فتوى شرعية بذلك ) ، و ذلك سيدفع أصحاب تلك الأراضي إما لبنائها أو التخلص منها و بيعها ، هذا سيساهم مباشرة في رفع المعروض و خفض الأسعار  . و تعطى كذلك شركات التطوير العقاري أراضي قريبة من المدن لتقوم بتطويرها و بنائها ، و ذلك يساهم أيضا بإيجاد أماكن ارخص للشراء و سيزيد العرض بلا شك مما يساهم في الضغط على الأسعار .

أما بالنسبة لمواد البناء : فيجب تسهيل و إزالة أي رسوم جمركية على استيرادها بل و أن يتم دعم حكومي مباشر لأسعار مواد البناء ،  و يتم كذلك تشجيع و دعم إنتاج مواد البناء داخل السعودية ، هذا كله أيضا سيساهم في خفض تكلفة مواد البناء بشكل لافت.

أما بالنسبة للفوائد : فقد صرح الوزير العساف بأنه سيتم إنشاء بنك سعودي على غرار بنك فاني ماي الأمريكي و الذي تقوم مهمته على شراء الرهون العقارية من البنوك ( بنك فاني ماي يقدم خدماته فقط للبنوك و ليس للجمهور )   فمهمة البنك الذي تكلم عنه الوزير الدكتور شراء الرهون العقارية من البنوك السعودية و هو بذلك يساعد على خفض المخاطرة عن البنوك ، و كذلك ضخ السيولة في البنوك لتقوم بإقراض المزيد من المواطنين .

لذا يستطيع فاني ماي ( السعودي ) أن يصمم منتجا خاصا لمن يطلب قرضا لتمويل شراء مسكن خاص( و ليس للتجارة ) فتكون الفوائدعليه أقل من 1-2% سنويا أو حتى بدون فوائد  ، و ذلك إسهاما مباشرا منه في حل أزمة الإسكان، بنفس الوقت يستطيع هذا البنك استيفاء أرباحه من قروض الرهن العقارية الأخرى غير السكنية ، و لكي يتم ذلك دون خسائر على بنك فاني ماي السعودي المزمع إنشاءه، يجب تمويل هذا البنك بأرخص سيولة ممكنة ، ليقم هذا البنك مثلا بتقديم خدمات البنوك العادية ( الموجهة للجمهور ) و بذلك يستخدم البنك أموال المودعين لدية في تمويل هذه القروض و هي بلا شك أرخص أنواع السيولة التي يستطيع الحصول عليها . و كذلك سيخدم مؤسسة النقد في السيطرة على السوق النقدي ، فمتى ما احتاج السوق لضخ النقود ، تقوم المؤسسة بالاكتتاب في سندات يطرحها هذا البنك ، إما إذا رأت أن سوق النقد مكتفي ، فيقوم البنك إما بالاعتماد على الودائع لدية فقط أو بالاقتراض من البنوك الأخرى أو يقوم بإعادة البيع على المستثمرين .

إن فرض ضريبة أراضي الفضاء و إعطاء شركات التطوير العقاري أراضي قريبة من المدن لتطويرها ، و إيجاد دعم حكومي لأسعار مواد البناء،ثم تقديم قروض رهن بفوائد مخفضة ، سيؤدي ذلك كله إلى خفض التكلفة الإجمالية للحصول على قروض الرهن العقاري بما يقارب %50،و سيخفض القسط الشهري إلى ما يقارب الأربعة آلاف ريال على مدى 20 سنه و أقل من ذلك على مدى 25  أو 30 سنة ، مما يجعله بمتناول شريحة أوسع من المجتمع السعودي.