توقعات بنك ساكسو للربع الثاني من عام 2010 (6) .. اليابان: قفزات نمو تخفي مشاكل كامنة

11/04/2010 0
ساكسو بنك

في آسيا، تكافح اليابان في سبيل تفادي عوامل الانكماش التي تقضي دوماً على أي إمكانية انتعاش مستدام. لكننا على المدى القصير نرى مجالاً كبيراً لاستمرار التوسع في ظل تدفق الأموال الحكومية التي تؤمن إصلاح الوضع. ولقد أظهر الين الياباني أداءً قوياً في مقابل الدولار الأمريكي على مدى الربعين المنصرمين، في حين هبط اليورو مقابل الين الياباني EURJPY بأكثر من 5% في عام 2010 وحده. ونتوقع أن يضعف الين شيئاً ما في الربع الثاني مقابل اليورو والدولار الأمريكي، مما سيساعد المُصدّرين اليابانيين في الخروج من الصعوبات الحالية.

ومن المعروف أن اليابان مشهورة بحالات الانكماش، وفي حين أننا نتوقع أن تنخفض أسعار المستهلكين بوتيرة أبطأ في عام 2010 بالمقارنة مع السنة السابقة، لكن الانكماش سوف يستمر. وتشهد نسبة استغلال الطاقة الإنتاجية حالياً ارتداداً قوياً عن المستويات المخيفة التي انحدرت إليها السنة الماضية، لكنها ما تزال أدنى بنسبة 18% من أعلى مستوى لها. وإذا أضفنا لذلك أن معدل البطالة يبلغ 4.9%، فلن يمثل التضخم إشكالية ذات شأن.

وفي أعقاب النمو القوي الذي بلغ 3.8% في الربع الرابع من السنة الماضية نرى بوادر قوة إضافية على المدى القصير في الاقتصاد الياباني الذي يستهدف تحقيق نمو بنسبة 1.4% في الربع الثاني من العام وإن كانت المخاطر تتجه صعوداً في الغالب في الوقت الراهن. بيد أن التوقعات على المدى الطويل ما تزال غير مقنعة ويتوقع أن يكون النمو ضعيفاً فيما تبقى من السنة.

توقعات أسواق العملات للربع الثاني من عام 2010: هل تظل تداولات العملات في وضع يائس؟

يشهد قطبا سوق العملات الأجنبية – وهما الدولار الأسترالي في الجانب القوي والجنيه الإسترليني في الجانب الضعيف – تباعداً غير مسبوق على مدى جيل من الزمن ونحن على أعتاب الربع الثاني من هذا العام. لذلك سوف نبقي هاتين العملتين أمام أنظارنا مباشرة خلال الربع القادم. وعلى صعيد آخر، يبقى فضولنا على أشده بشأن ما إذا كان ارتفاع سعر الدولار الأمريكي سيتقد من جديد وما إذا كان اليورو سوف يواصل انحداره الشديد.

وقد وصل الدولار الأسترالي إلى أعلى مستوى له خلال جيل من الزمن في مقابل عملات باقي مجموعة العشرة الكبار في ظل معدل الفائدة المثير الذي يتمتع به والتوقعات بالتحضير لرفع هذه المعدلات أكثر والطريقة التي يعمل بها نظامه المصرفي لتجنب الجانب الأسوأ من الأزمة الائتمانية، وتعرضه لخطر الاقتصاد الصيني المتقد نشاطاً. أما الجنيه الإسترليني فقد عانى نتيجة وقوع المملكة المتحدة في مركز كارثة الأزمة المالية العالمية وما يزال يكافح ليثبت أن لديه خطة حيوية لإخراج نفسه من وعكته المالية والاقتصادية. وعلى رأس ذلك، يخشى عالم الاستثمار من احتمال تشكل برلمان منقسم على نفسه وعاجز عن الاتفاق على رأي في أعقاب الانتخابات الوطنية التي ستجري مطلع شهر يونيو.

ومع أن الأسباب التي أوصلت هاتين العملتين إلى مستوياتهما الحالية أسباباً قهرية، إلا أننا نشك في احتمال أن تمثل نظرية متوسط الارتداد العكسي "Mean Reversion" فكرة تستحق البحث بالنسبة لهاتين العملتين، لاسيما بالنسبة للدولار الأسترالي. ورغم صعوبة التنبؤ في هذا الوقت، إلا أن الصين تمثل أحد الأسباب الرئيسية لاحتمال ترنح انتعاش الدولار الأسترالي. على كل، فقد علّمنا التاريخ أنه حالما يدخل بلد ما في مسعى جدي لكبح اقتصاد مفرط الاتقاد، فالغالب أنه في تلك اللحظة تتجه الأسواق والاقتصاد في ذلك البلد نحو الانحدار. وها هي الصين تسعى بجد. وفي هذا العام، تبدو احتمالات آلام النمو أكبر من أي وقت مضى، في ظل كل هذه الزيادات الرهيبة في الائتمان والتوسع المفرط في الإنتاج والطاقة الإنتاجية لقطاع المساكن. ويمثل المركز القصير للدولار الأسترالي أحد الطرق للتخلص من فورة النشاط الصينية، لأن الاقتصاد الأسترالي أصبح بطريقة أو بأخرى أحد مشتقات القصة الصينية، ولقد بلغت قوة الدولار الأسترالي حداً متطرفاً بالفعل. لكن الجنيه، في الطرف المقابل، يصعب للغاية وضعه في موقف إيجابي. بيد أن هناك نوعاً من الآمال لهذه العملة: أولها أن تكون المخاوف الانتخابية مبالغاً فيها وأن الحزب الفائز سيحقق نصراً واضحاً ويتعهد بخطة فعالة تعيد الطمأنينة للأسواق. والثاني أن الأمور وصلت فعلاً لغاية السوء بالنسبة للجنيه الإسترليني حتى بيع بشكل مفرط والأسواق غالباً ما تبدأ بالانتعاش عندما تبدو الأمور في أسوأ أحوالها.

المخطط: وصل كل من الجنيه الإسترليني والدولار الأسترالي إلى طرفين متناقضين تماماً من القوة والضعف. وفي معظم الفترات خلال العقود الأخيرة، كانت هاتان العملتان تميلان للعودة لسعرهما المتوسط بعد هذه التقلبات، لكن هل هذه المرة مختلفة؟

وثمة ملاحظة أخرى بشأن الاقتصادات الكلية هي أن عملات مجموعة العشر الكبار تمر بمرحلة انعطاف مثيرة للاهتمام على أعتاب الربع الثاني من عام 2010. ذلك أنه حين بدأنا بكتابة هذا التحليل (في منتصف شهر مارس، ونأمل ألا يكون ذلك فألاً سيئاً)، كانت مؤشرات الإقبال على المخاطر، التي كان لها أثر كبير على اتجاه العديد من العملات الرئيسية على مدى السنوات القليلة الماضية، تحاول الولوج إلى حدود جديدة من الإقدام على المخاطر لم تصل إليها منذ الكارثة الائتمانية عام 2008 وما تمخض عنها من حالة ركود اقتصادي. ومع أننا كنا نستطيع في الماضي أن نعتمد على قدرة معظم عملات مجموعة العشرة الكبار عادة على أن تضبط موقعها بشكل ما على جانب المحور السائد للإقبال على المجازفة، إلا أن الصورة الآن أصبحت أكثر تعقيداً بكثير مع وجود عدد من التيارات المتعارضة والمضللة التي أدت جزئياً على الأقل إلى تشويش الحالة السائدة سابقاً من الإقبال على المخاطر أو الإحجام عنها. إضافة إلى ذلك، شهدت الأشهر الماضية غياب التحليل لاتجاهات عمليات التداول القائمة على فروق أسعار فوائد العملات "Carry Trade" التقليدية التي شهدت تقلبات كثيرة على مدى عدة أشهر حتى في ظل تحسن أوضاع المخاطرة. ويمثل غياب التعاون من جانب سوق السندات (التي بقيت المردودات فيها منخفضة جداً رغم الاعتقاد بحصول انتعاش) سبباً محورياً لهذا الوضع، خصوصاً بالنسبة لأزواج العملات التي يمثل الين الياباني أحد أطرافها. لذلك سوف نحتاج في الربع الثاني إلى مراقبة ما إذا كانت السندات سوف تبلغ نطاقات هامة (التي تمثل عاملاً هاماً لاسيما لأزواج العملات التي تضم الين الياباني طرفاً فيها، والتي ترتبط ارتباطاً إيجابياً بالعائدات) وما إذا كانت المخاطر يمكن أن تستمر قبل بلوغ ذروة النشاط (وهو عامل مهم بشكل خاص لعملات السلع والأسواق الناشئة التي ترتبط ارتباطاً إيجابياً بمستوى الإقبال على المخاطر).

إن أهم تغيير اكتسح سوق تداول العملات في الربع الأول كان التلاشي السريع لليورو. فقد أدت الأزمة المالية لليونان وتداعياتها على بقية الدول في محيط منطقة اليورو وعلى اليورو نفسه إلى حصول تغيير هائل في موقف السوق من هذه العملة وما إذا كانت تستحق أن تحظى بمكانة مساوية للدولار الأمريكي كبديل يعتمد عليه للعملات الاحتياطية. وما زال هذا التساؤل الكبير عن حال اليورو بعيداً عن الحصول على إجابة شافية ونحن ندخل الربع الثاني من العام، حتى وإن كان الوضع يبدو مستقراً في الوقت الراهن. إنه مأزق يضع منطقة اليورو بين أمرين أحلاهما مر: فدعم اليونان يمثل حقل ألغام مليء بالمخاطر المعنوية. وعدم القيام بشيء حيال أزمة اليونان يمكن أن يسبب انتقال المرض ويسمم العلاقات البينية داخل منطقة اليورو. وستستمر هذه الحالة بمطاردة اليورو مرة تلو أخرى في المستقبل، لكننا نتوقع أن يكون ذلك بحدة أقل بكثير مما شهدناه في ديسمبر من العام الماضي. فنحن لا نتوقع أن يقوى اليورو، لكن ربما يقل تراجع أدائه في السوق في الفترة القادمة.

أما على صعيد فوارق أسعار الفائدة ذات الأجل القصير، التي تمثل غالباً محركاً أساسياً لتحديد أسعار التداول وعمليات التداول القائمة على فروق أسعار فوائد العملات "Carry Trade" ، فنحن نظن أن التوقعات المنخفضة نسبياً لمعدلات التضخم ومستويات النمو غير المشجعة سوف تحول توقعات المصارف المركزية لتسريع استراتيجياتها للخروج من الأزمة إلى فترة أبعد كثيراً مما تحدده التوقعات الراهنة. وهذا يمكن أن يبقي عملات "المخاطر" التقليدية (عملات السلع) في وضع مقيد إلى حد ما يتناسب مع ما يمكن أن نتوقعه عادة في ظروف المخاطر الحميدة نسبياً. ويمكن أن يحقق الدولار الأمريكي أداءً ناجحاً في الأشهر القادمة إذا ما أثمر الانتعاش الذي يقوده القطاع العام بدرجة كافية للترويج لفكرة أن الولايات المتحدة تتمتع بدرجة معقولة من المرونة في حين أن الصين آخذة في التعثر – وهو أمر سلبي بالنسبة للعملات الخاضعة لمخاطر السلع والأسواق الناشئة – بينما تبقى أوروبا متلكئة في آخر الركب.

أفكار للتداول في الربع الثاني: بالنسبة للمتداولين الجسورين، يمثل التداول باتخاذ مركز طويل بزوج اليورو/الدولار الأسترالي و/أو الجنيه الإسترليني/الدولار الأسترالي عملاً يستحق التفكر فيه من منظور متوسط الارتداد العكسي"mean reversion". وما زلنا نفضل تداولاً أعلى لزوج الدولار الأمريكي/الين الياباني (طالما أن تداوله أعلى من 90) وتداولاً أدنى لزوج اليورو/الدولار الأمريكي.

 للإطلاع على التقرير (انجليزي)