لعل هذا العنوان يتكون من كلمات قليلة العدد ولكن يندرج تحت هذا الموضوع العديد من القضايا الهامة وهى كيف نصل الى قوائم مالية حقيقة تعبر عن المركز المالى الحقيقى لهذه الشركة او تلك!!! دون ان يكون هناك تلاعب او اخلال بمتطلبات الجهات الرقابية او التنظيمية!!!
فقد زاد الاهتمام فى السنوات الأخيرة بموضوع الشفافية والإفصاح فى القوائم المالية , وفى الواقع هذا الاهتمام بالشفافية والإفصاح لم يأت من فراغ, حيث أن العديد من الجهات الخارجية والمساهمين والمستثمرين تعتمد وبشكل كبير فى قرارتها على ماتنشره الشركات من معلومات, حيث لاتملك هذه الفئات سلطة الحصول على المعلومات التى تحتاجها مباشرة من إدارة الشركات.
ومما لاشك فيه أن القصور فى متطلبات الشفافية والإفصاح يجعل البيانات والمعلومات الواردة فى القوائم المالية مضللة, وهذا ينعكس على اتخاذ القرار من جانب المساهم أو المستثمر المهتم بهذه المعلومات والبيانات.
ويمكن القول أن افلاس الشركات وانهيار بعض الأسواق المالية يرجع بالدرجة الأولى الى عدم الالتزام بالشفافية والإفصاح.
ولذلك يعتبر التزام الشركات بالشفافية والإفصاح من أهم الموضوعات الدائرة فى الوقت الحالى, والاهتمام به ناتج عن الانتشار السريع لتكنولوجيا المعلومات والبيانات فى كل من مناحى الحياة.
وكما هو معلوم أن مهنة المحاسبة والمراجعة تلعب دورا هاما في رفع كفاءة أسواق راس المال, والتأثير على قرارات الاستثمار وذلك من خلال القوائم المالية التي تعدها وتنشرها الشركات سواء عند إصدار أوراقها المالية وطرحها للبيع في اكتتاب عام أو خاص, أو عند تداولها - بعد ذلك- ببورصة الأوراق المالية , حيث يجب أن توفر هذه القوائم والتقارير المالية المعلومات الصحيحة والكافية للمستثمرين في الوقت المناسب لاتخاذ قراراتهم الاستثمارية على أسس موضوعية بعيدا عن المضاربة والشائعات.
ومع تزايد نمو اقتصاد السوق العالمي والتنافس بين مصالح الأطراف المختلفة , تتزايد درجة التدقيق في نشاط وأداء الشركات.
ويظل أمر الشفافية المحققة من خلال الإفصاح أمرا خلافيا يحتاج إلى إيجاد توازن بين المستوى المقبول لدى الشركات وبين المستوى الذي يرغب فيه الأطراف المتعددة الأخرى.
وقد عبر الكثير من المحللين عن رأيهم في أن افتقاد الشفافية والمساءلة قد ساهم بشكل كبير في الضعف المالي علي مستوى الشركات وعلي المستوي الوطني في كثير من الأزمات المالية الإقليمية التى حدثت في الآونة الخيرة.
ونشير هنا إلي أن الشركات تسعى إلي الحصول على مزيد من رؤوس الأموال وتحقيق قدر أكبر من السيولة, ولذلك تتطلع إلي اجتذاب مستثمرين في اغلب الأحيان لا يعلمون عن عملياتها اليومية شيئا.
ومن هنا يكون على الشركات المسجلة في أسواق المال الكشف عن حساباتها وأنشطتها من أجل اجتذاب استثمارات كافية لتمويل التوسع في أنشطتها المتنوعة وإكتساب ثقة المستثمرين , وهذا لايتأتي سوى بالشفافية والإفصاح والمكاشفة.
وتخلق هذة المكاشفة بالطبيعة ضررا بالنسبة للشركة بسبب التكلفة الإضافية اللازمة لإصدار المعلومات بالإضافة إلى وضع عملياتها ونشاطها تحت المجهر من قبل العامة بما في ذلك المنافسين .
وعلى النقيض من ذلك, نجد أن الشركات المغلقة التى يسيطر عليها عدد قليل نسبيا من المساهمين أو أفراد العائلة لا تواجه نفس متطلبات الشفافية.
فمعظم الشركات المغلقة وهى النمط الأكثر شيوعا في مجتمعاتنا تتعامل وتتفاعل مع دائرة صغيرة من المستثمرين والشركاء وتعمل في ظل ادني مستوى من الإفصاح.
ولذلك تجد هذة النوعية من الشركات صعوبات في التنافس مع كيانات أخرى محلية ودولية للحصول على الموارد المالية الدولية القليلة وعلى اهتمام المستثمرين والأطراف الأخرى ذات المصلحة يكون أمرا صعبا بسبب انعدام الشفافية في أعمالها وتدني مستوى الإفصاح.
إلا أن الشفافية ليست هدفا في حد ذاتها, فهناك تكلفة تترتب على توفير المعلومات الدقيقة .
وتسعى الأسواق إلى التوفيق بين التكلفة المرتفعة لتجميع المعلومات وتحليلها واستخدامها وبين الحاجة للإفصاح عن المعلومات لخدمة مصالح مختلف الأطراف ذات المصلحة وخدمة المصلحة العامة.
وقد أصبحت قضية الحصول على المعلومات,وسهولة الحصول عليها وحرية تداولها ومصداقيتها ودقتها من القضايا الملحة على رجال الأعمال والمستثمرين.
ولقد أصبح من المعروف عالميا أن الاستثمار أساس للنمو الاقتصادي , وقد قام روبرت سولو بتعريف النمو الاقتصادي, وفقا لقياسه نسب التغيرات في الناتج المحلى الإجمالي , علي أنه (دالة أ ) للتغير في رأس المال المستثمر, و( دالة ب ) للتغير في مدخلات العمالة, و( دالة ج ) للتغير في الإنتاجية بسبب التغيرات التكنولوجية والمؤسسية.
وتتنافس الدول فيما بينها على اجتذاب الاستثمارات وإذا ما رجعنا إلى تقرير المجلس الامريكى للإنتاجية نلاحظ أن القدرة التنافسية المصرية لعام 2003/2004 يضع الاستثمار أساسا لهرم القدرة التنافسية الذي تقوم علية الإنتاجية والتجارة ومستوى المعيشة’إذ أن الاستثمار هو حجر الأساس للنشاط الاقتصادي في الحاضر والمستقبل .
كما أن القدرة التنافسية تقوم على الاستثمارات في التكنولوجيات والمصانع والمعدات والبنية التحتية الأساسية والأفراد.
وغالبا ما تكون الآثار الناشئة عن الاستثمار تراكمية ,ومرة أخرى فإن السبب والنتيجة ليس في اتجاة واحد فقط .
وعلى سبيل المثال فإن الاستثمار لتمويل استخدام التكنولوجيات الجديدة قد يؤدى إلى الحث على القيام باستثمارات إضافية في إنشاء تكنولوجيا جديدة للهواتف النقالة (المحمولة) قد تدفع إلى استثمارات في تحسين الخدمة من جانب المنافسين,والاستثمار في إنتاج أجهزة محمولة أفضل وها كذا.
ويتساءل البعض عما إذا كان مبدأ الشفافية يعتبر فقط أحد مستلزمات العولمة, مثله في ذلك مثل الإفصاح وبرمجة المعلومات وسرعة الاتصالات؟
ولكن النظر بإمعان في معني هذه المبادئ أو العناصر يؤكد أنها ليست رفاهية يمكن الاستعانة بها أو الاستغناء عنها تبعا للظروف ,وإن ضرورتها تنبع بالدرجة الأولى من أهميتها في تشجيع الاستثمارات الخاصة ,المحلية قبل الأجنبية,على التوجه لمنطقة معينة, دون الأخرى. وتتعاظم هذه الأهمية في ضوء التنافس العالمي على اجتذاب رؤوس الأموال المحدودة نوعا,في زمن غابت فيه الحدود الجغرافية,وتلاشت إلي حد كبير الاعتبارات النفسية والشعارات الوطنية الرنانة,لحساب عوامل أخرى أكثر مادية مثل الربحية ومخاطر الاستثمار وفترة الاسترداد.
ورغم الإجماع على ضرورة الإفصاح بأعتبارة مطلبا حيويا للشفافية إلا أن هذا الأمر يصطدم بمشاكل في الواقع العملي وهى:
أ. التكلفة الإضافية لإصدار المعلومات
ب- إن المزيد من الإفصاح يعنى وضع عمليات وأنشطة المشروع أمام العامة وكل الأطراف ومن ضمن هذه الأطراف المنافسين الذين سوف يتعمدون الاستفادة منها للأضرار بالمشروع أو التأثير على مركزة التنافسي,كما قد تمس وتخل بالملكية الفكرية أو أسرار المنشأة التى يؤدى الإعلان عنها إلى إفساد الخطط المستقبلية وإفادة المنافسين على حساب مستقبل الشركة أو مصالحها.
ج- إن الإفصاح عن البيانات ذات التأثيرات الاجتماعية أو الاقتصادية أو البيئية قد يؤدى إلى نتائج وخيمة وأضطرابات قد لا تتحملها الشركة أو الدولة ,كما أن إعلانها في أوقات غير مناسبة أو توقيت غير ملائم قد يؤدى إلى انهيار الشركة.
وقدكشفت الأزمات العالمية والانحرافات التى تمت في الشركات الكبرى إلى الحاجة الماسة إلى تدعيم مفاهيم الإفصاح والشفافية والمساءلة والنزاهة وحوكمة الشركات وترسيخ تطبيقها حتى نحول دون تكرار مثل هذه الأزمات لان افتقاد الشفافية أدى إلى افتقاد المساءلة وكلاهما ساهم بشكل كبير في الضعف المالي سواء في الشركات أو على مستوى الدولة, ورغم الإجماع على أن الإفصاح مطلب جوهري في مجال المال والأعمال من أجل مزيد من الشفافية والمصداقية إلا أن الشفافية المطلوب تحقيقها من خلال الإفصاح كانت مثار خلاف للحاجة إلى إجراء توازن بين مستوى الإفصاح المقبول لدى الشركات وبين المستوى المقبول الذي ترغب فيه الأطراف المتعددة حسب ما أسلفنا .
والقضية الآن ما هو مستوى الشفافية المطلوب تحقيقها فى ظل حوكمة الشركات من خلال الإفصاح بالتقارير المالية حتى يتمكن أصحاب المصالح من الاطمئنان إلى الموقف المالي للشركة و تقييم موقف الاستثمارات؟
هذا ما سنحاول الإجابة عليه فى الحلقات القادمة من هذه السلسلة ... ولنجاوب على هذا السؤال المذكور فى سطر واحد...!!! ولكن اجابته تحتاج العديد من الصفحات...!!! مع تمنياتى للجميع بالتوفيق والاستفادة...
عدم الالتزام بالشفافية والإفصاح يؤدى........ السؤال المهم: من هو المسئول عن محاسبة الشركات التى تتلاعب في بياناتها المالية؟ في الواقع لا توجد جهة مسؤولة عن دقة البيانات المالية، فالمدقق المالي ينص في أول صفحة من القوائم المالية المدققة على (إن القوائم المالية هي مسؤولية إدارة الشركة). وهيئة السوق المالية تقول (ولا تتحمل الهيئة أي مسؤولية عن محتويات هذه النشرة) والمستشار المالي يقول إن مسؤوليته تنحصر في المعلومات المقدمة له ونظام هيئة المحاسبين القانونيين مكون من 38 مادة لا تحوي إحداها على مسؤوليتها فيما لو قصرت في محاسبة أحد المراجعين القانونيين في أداء مهامه، ووزارة التجارة مشغولة جدا بمحاسبة أصحاب المشروبات الغازية في رفع سعرها نصف ريال. وإدارة الشركة .......؟؟؟ ياسيدى الفاضل اذا انتزعت الرقابة الذاتية من .....الناس ...فلاكلام ..سوى الحساب بين يدى اللة سبحانة وتعالى ..ودمت بخير يادكتور جمال
الاخ الفاضل الدكتور / ممدوح اشكرك على تعليقك ومتابعتك المستمرة لمقالاتى...... واحب ان اوضح ان كل الامور التى ذكرتها هى عبارة عن حلقات فى سلسلة المقالات والخاصة بكيف نمنع التلاعب فى القوائم المالية تبدأ بالشفافية والافصاح والجهات الرقابية والتنظيمية ومرورا بالرقابة الذاتية التى لا نستطيع ان ننكرها ولا نغفل اهميتها ولكن ايضا لا نستطيع ان نعول عليها فقط !!! شكرا لك وللجميع تحياتى ..... د. جمال شحات
اعتقد من وجهة نظري ان الالمام الجيد والمستمر بالقوانين المحاسبية عامل مهم جدا لفهم كيفية استغلال مدراء الشركات هذه القوانين لاعطاء تصور يختلف عن الوضع الاقتصادي الذي يعكس عمليات الشركة. والعامل الاخر هو اعادة صياغة القوائم المالية من جديد لكي يقوم المحلل المالي بعمل دراسته بدل من الاكتفاء بالتصنيف الذي وضعته الشركة للقوائم المالية.
دكتور ممدوح انته سالت عن ما هيه الجهة المناط لها بمحاسبة الشركات وطبعاً ممثلاً بمجلس الادارة وهو المساهمين فيجب ان تضاف الية وقانون لاحقية التواصل بين صغار المساهمين وبين مدققين الحسابات